مي عز الدين أيقونة الجمال والبساطة.. عطر باريسي عتيق لا يفقد سحره
بقلم؛ ريهام طارق
أطلت مي عز الدين علي محبيها من خلال لقائها الأخير مع الإعلامي الكبير معتز الدمرداش، بنفس الصورةالتي تميزت بها عن بنات جيلها و عرفوها بها جمهورها منذ ظهورها الأول على الشاشة الصغيرة من خلال مسلسل “أين عمري” أمام أيقونة الدراما يسرا.
لم تكن آنذاك مجرد وجه جديد في عالم الفن، بل بدت قريبة من القلب، أشبه بزميلة دراسة، أو صديقة طفولة، أو فرد من العائلة، تجذبك بعفويتها ونعومة ملامحها.
مي عز الدين اختارت الزهد ترفض التصنع و التكلف:
مي عز الدين إبنة مصر الجديدة، صاحبه ملامح الفتاة الإرستقراطية، لم تغريها أجواء الشهرة ولا صخب النجاح، ولم تركض يومًا وراء الأضواء الزائفة أو بهرجة الماركات العالمية وصخب السوشيال ميديا، اختارت أن تعيش في بساطة وهدوء، بين زرعها الأخضر و ورداتها الصغيرة التي تعكس رقتها الداخلية، حتى صوتها في الحوار، كما لاحظه المشاهدون، كان ينساب كـ نسمة من السكينة، يحمل شيئًا من الزهد، لا بمعناه البعيد عن ملذات الحياة، بل بمعناه الذي يرفض التصنع و التكلف.
تبدو مي أقرب إلى الناس لأنها تحمل بداخلها وجعًا صامتًا يشبهنا جميعًا:
رحيل والدتها مؤخرًا كان بلا شك جرحًا عميقًا ترك أثره في قلبها الطيب، غير أنها وجدت عزاءها في الذكريات التي جمعتها بها، في رائحة المنزل وملامح التفاصيل الساكنة في أركانه، ولهذا، تبدو مي أقرب إلى الناس لأنها تحمل بداخلها وجعًا صامتًا يشبهنا جميعًا.
اختارت مي عز الدين أن تجعل من البساطة أسلوب حياة لا مجرد مظهر خارجي، فابتعدت طواعية عن صخب العالم الافتراضي، مفضّلة أن تظل على مسافة من المبالغة في الظهور على منصات التواصل الاجتماعي، فهي تؤمن بأن قيمة الإنسان تكمن في حضوره الحقيقي، لا في وجه رقمي مزيَّن بإيموجي مصطنع. ومع ذلك، فإنها حين تختار الظهور في مهرجان أو مناسبة اجتماعية، تطلّ بإطلالة ملكية تليق بالأميرات، سواء في أناقتها الخارجية أو في رقي تعاملها وردود أفعالها مع الآخرين.
أما في مسيرتها الفنية، فلم تكن مي عز الدين مجرد وجه جميل على الشاشة، بل جسّدت دائمًا صورة الفتاة الرقيقة الحالمة التي تنبض رومانسيّة وصدقًا، وعندما أدّت أدوار الحبيبة، رآها الجمهور فتاة أحلامهم بملامحها الهادئة و ملابسها المحتشمة، وحين خاضت تجربة الكوميديا، أظهرت خفة ظل طبيعية دون أن تتنازل عن أصولها وتربيتها، فلم يصدر عنها يومًا لفظ يخدش الحياء أو يحرج المتلقي، لتظل نموذجًا نادرًا يجمع بين الجمال والموهبة والاحترام.
قدّمت مي عز الدين للدراما التلفزيونية والسينمائية أعمالًا لا تُنسى؛ فمن منّا يستطيع أن يغفل “عمر وسلمى”، أو “بوحة”، أو دورها البارز في “جزيرة غمام”، “دلع البنات”، “سوق الكانتو”، “لقاء على الهواء”، “خيط حرير”، “رسايل” ومؤخراً”قلبي ومفتاحه”، وغيرها من الأعمال الدرامية الناجحة أعمال رسخت مكانتها كفنانة ذات حضور خاص، ونجمة قادرة على الوقوف بثبات أمام عمالقة الفن مثل يسرا، سوسن بدر، حسن حسني ، محمود قابيل، لبلبه، عبله كامل، بوسي، محمد سعد، محمد فؤاد، تامر حسني، أحمد السعدني، أمير كرارة، محمد إمام، طارق لطفي، أحمد أمين، وغيرهم العديد من كبار نجوم الساحة الفنية.
نجحت مي عز الدين بجدارة في أن تفرض نفسها كنجمة شباك حقيقية، استطاعت أن تجذب الجمهور بموهبتها قبل جمالها، وأن تثبت أن حضورها الفني هو سر تعلق المشاهدين بها، وعلى الشاشة التلفزيونية، كان كل ظهور لها بمثابة حدث فني استثنائي يترك بصمة لا تُمحى في ذاكرة الجمهور.
“قلبي ومفتاحه” جعل المشاهد يردد بيقين: لا تغيبي جمهورك مرة أخرى يا مي:
وفي رمضان 2024، أطلت مي عز الدين بعد غياب طويل عبر المسلسل التلفزيوني “قلبي ومفتاحه”، في عمل ضخم شاركت في بطولته إلى جانب النجم آسر ياسين وكوكبة من نجوم الدراما المصرية، لم تعتمد فيه على جمالها الطبيعي الفاتن، بل وضعت ثقتها في موهبتها التمثيلية الخالصة، مجسدةً شخصية الأم والزوجة المعذبة بأداء صادق وهادئ، بعيد كل البعد عن المبالغة والانفعال المفتعل، حضورها في العمل ترك في القلب أثرًا صادقًا، وجعل المشاهد يردد بيقين: “لا تغيبي عن جمهورك مرة أخرى يا مي”.
مي عز الدين واحدة من أفضل النجمات اللواتي ظهرن خلال العشرين عامًا الماضية
في النهاية، تظل مي عز الدين واحدة من أفضل النجمات اللواتي ظهرن خلال العشرين عامًا الماضية، فنانة تمسكت بمبادئها وقيمها، وفي الوقت نفسه تملك جمالًا ساحرًا يزداد بهاءً مع الأيام، كعطر باريسي عتيق، كلما مر عليه الزمن زادت قيمته واشتدت رائحته. جمالها ليس إلا مرآة لروحها، وحضورها يظل سرا من أسرار سعادتنا كـ مشاهدين.
“بنحبك يا مي”.