عفوا لا أقرأ العربية .. بقلم : صفاء القاضي

صفاء القاضي

يوجد الآن في كل بيوتنا جيل جديد يصرح لك في فخر أو بدون فخر أنه لا يفهم العربية المكتوبة عفوا لا اقرأ العربية , ولا يشوبه الندم أو العجب أو حتى يعتريه الخجل قد أصبح جيلا كاملا درس في مدارس اللغات التي تهتم بتعليم اللغات الأجنبية كلغة أولى و لغة أجنبية ثانية أيضا وإلى جوارهما لغة عربية مهجورة , حتى تجد شابا عربيا جميلا يتهجى الكلمة العربية بصعوبة وفتور وهي بالنسبة له أصعب من أن يفهمها أو حتى ينطقها وبالتالي انعزل الشاب وانعزلت الفتاة عن الثقافات العربية و عن الدين وأصبح ذو هوية مزدوجة , و ثقافة أجنبية واسعة وعجز في اللغة العربية يتقبله بكل عقله بل ويتآلف المجتمع معه دون امتعاض , وعذرك أنك لا تعرف العربية ويترجم لك لغتك الأم إلى اللغة الدخيلة التي استعمرتك نفسا وروحا ولم تترك بداخل ثقافتك فراغا إلى شعر أو أدب أو نثر أو حتى قراءة الجريدة اليومية ويتعدى ذلك إلى أن يصل أنك لا تستطيع قراءة لافتة الشارع المكتوبة بالعربية وعندما يتعامل بالسوشيال ميديا فأنت لا تستطيع قراءة تعليق في صفحتك فيسبوك كتبت باللغة العربية , وتكتب تعليقاتك ومنشوراتك باللغة الأجنبية ثم انحدرت الثقافات حتى ظهرت الكتابة بالحروف الأجنبية كلاما عاميا وهو ما أطلق عليه فرانكو ,
والأصعب والأدعى إلى الحزن أنك لا تستطيع قراءة القرآن أو فهم الدين , وأعتقد أن هذا هو المغزى الحقيقي من غزو تلك الثقافات المفرطة في التفريغ الداعية إلى استعمار الفكر والعقل والروح في جيل كامل وما يحزنني أكثر أن هذا الجيل لا يشعر أنه ينقصه شيئ , بل هو يشعر أنه جيل مميز جيل اللغات والانترناشيونال

ولا يدركون انه جيل مفرغ وهيكل خارجي دون محتوى أو بناء دون قواعد وأساسات

لم تفخر بعربيتك وهجرتها وهجرتك هي لكنك أصبحت لا أجنبي ولا عربي . أصبحت شئ بين بين , جيل ذو ثقافة أجنبية وأصول عربية لا يفهم إلا العامية ولا يقرأ العربية

لم يدرك هذا الجيل أن أجداده القدماء ترجموا الكتب والمجلدات بشتى اللغات دون هجر اللغة العربية و دون فقدان الهوية
و أن أزهى عصور الترجمة وتبادل الثقافات هي العصور التي كانت فيها العربية سيدة على كل اللغات ولم يهجرها العربي بل كان يفخر بها و وغدى يزين حروفها قصائد ومؤلفات .

والمسئولية هنا تقع على الأسرة أولا , لم تحرم ابنك او بنتك من تعلم العربية بطلاقة عن كثب واهتمام ؟
لم لا تهتم بها على اعتبار أنها الأولى والأجدر بالثقافة
لا يتنافى ذلك من احتراف لغات اجنبية لكن هي أولا الجديرة بالاحتراف .

أعلم أيها الأب السعيد بابنه الذي يجيد اللغات كلها ولا يقرأ اللغة العربية أنك عندما يأتي اليوم وتفارقه ويحزن عليك كثيرا لكنه لن يستطيع أن يهدي لك حينها قراءة الفاتحة .

تحياتي لمن يعلمون الفصحى لابنائهم ويعلون قدرها وقدرهم

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.