عقيدة إنجاب .. بقلم : سارة خالد
الشباب هم المستقبل بهم تبدأ الحضارات وبهم تنهض الأمم وهم ميزان الدول الفعلي للتقدم ولكن يتعثر الشباب مع تطور التكنولوجيا ويندثر دورهم تبعاً ويتقلص اهتمام الآباء بتلك المنعطفات المختلفه التي يمروا بها أمام ما يحدث من مشاغل حياتيه ولكن وسط تلك المشاغل هل فكرنا لما بدا يتراجع وجود الشباب في الواقع ووجودهم بكثره علي مواقع التواصل الاجتماعي ؟! ، هل فكرنا لما يشتكي الكثير من أولياء الأمور بأن أبنائهم اتخذوا من هواتفهم وسيله للحياه وابتعدوا عن الواقع؟! بل إن هناك من وصل حقيقة إلي إدمان السوشيال ميديا !
لاشك أن الأبناء هم زينه الحياه وإرث الأبوان خلال حياتهم ومماتهم وغنيمة يتباهى بها المرء مادام حياً ويتباهي بهِ الابن ايضاً ، انعم الله علي الكثير من البشر بنعمة الإنجاب وتحمل مسؤولية شخص آخر ولكن ! لماذا جعلنا الانجاب عقيدة في الوطن العربي ؟! لما كل شخص تزوج يُتفرض بهِ ان يصبح لديه ابناء حتي وان كان الابوان غير مستعدان لتحمل مسؤولية فرد جديد !، حتى وإن كانا غير مهيئين اقتصادياً ونفسياً .
مايزعج النفس أكثر هي المقولات التي تتردد بين الأهالي من امثال ” العيل بييجي برزقه ” ، “رزقه بايد اللي خلقه ” .
حسناً ؛ نحن لسنا نعارض امثال تلك الاقاويل ولكن الم يامرنا الله ايضاً بالأخذ بالأسباب و إعمال عقولنا؟! ، لما نأخذ من الكلام مايروق لنا ونلقي بما لا يليق بنا إلى مكب النفايات! اين العقل في إنجاب أطفال دون الاعتناء بهم وتوفير حاجياتهم وتربيتهم تربية سليمة !؟ ، ما حاجة العالم العربي في مزيد من الأطفال والشباب المشتتين ، التائهين في ضروب الحياة بلا عقائد راسخه في قلوبهم او اتزان نفسي يساعدهم علي تمرير الحياه !؟، ما حاجه العالم في شاب عشريني علاقته بعائلته مجرد اقتصادية خالية من العواطف والمحبة !،لما اقتصرنا دور الام في الأعمال المنزلية ودور الاب في جلب الاموال لو كانت مشكله الشباب تتلخص في الأعمال المنزلية فيمكننا ان نستغني عن الام بالروبوتات وإن كانت مشكلته في المال فسيأتي يوم يستغني فيه الولد عن مال أبيه!، يجب أن نتذكر أنه لن يقول ابنك في المستقبل اشترى لي والدي كذا او فعلت امي لاجلي كذا بل يقول علمني والدي كذا و ربتني امي علي كذا ،اقصد بذكر هذا ان ما يظل راسخاً في العقول هي العقائد والتربيه والمُثل العليا التي يزرعها الأبوين في أطفالهم الصغار ..
منذ ما يقارب شهر كنت استمع الي برنامج إذاعي يقدمه طبيب نفسي ولكن الطبيب مجهول والمتصلين كذلك كانت تلك سياسة البرنامج كانت الحلقه تقدم بعنوان “تحب تقول ايه لوالدك ووالدتك ؟!” صُعقت من جواب بعض الأشخاص إذ قالت متصلة”انا بكره امي وهي بتكرهني و بتقولهالي صريحه ديما تقلل مني قدام الناس انا عمري ما حسيت انها امي !” وآخر قال “انا عمري ما هسامح ابويا ” واخرين ؛كل كلامهم كان عن فقدانهم مشاعر الحب من قِبل آبائهم وكأنهم جاءوا إلى الحياة فقط لتُربي علاقاتهم الجافه بعائلاتهم الكثير من العقد ، والالام ، انا لا الوم الاباء ولا اقدس الابناء ولكن نحتاج ان ننشر الوعي بين الآباء وبين المتزوجين يجب أن نرسخ عقيدة أن الأبناء مسؤولية تحتاج المال والاستقرار النفسي والبيئي للاسره والاهم تحتاج الي الحب !، بعض المتصلين ممن عبروا عن حبهم اوضحوا ان حبهم ماهو الا امتنان لما فعلوه معهم اذن فحب ابائهم ليس الا واجباً عليهم !، الامر معقد إذ ان علاقة الآباء بالأبناء يجب أن تتخذ منعطفا آخر في الوطن العربي، منعطف الحب والمساحه والاحتواء ، ربما حينها نرى جيلاً مفعم بالحب و الحياة والنشاط خالي من العقد العائلية، يجب ان نعلم ان وجود تربة خصبة وماء لايعني ابداً ان الارض ستنبت ثماراً بل الارض تحتاج إلى فلاح يفهم ما تحتاجه التربة ويعتني بها ولا يتركها لتنبت عبثاً ويقول الله يرزقنا و الثمار تنبت بإذن الله ،هذه مقولات مسلم بها ولكن أين العمل والجد والكد والبذل والعطاء لنحصد أفضل الثمار؟!، الابناء يحتاجون من ابائهم وقتاً للعب معهم وفهمهم ومشاركتهم أحلامهم وصِغار أمورهم !.
واخيراً تكاثروا وتناسلوا ولكن ربوا ، يكفي شباب ضائع متهور ، تائه في دروب الحياة ، لا يعلم ماذا يريد ولا معنى ان يكون لديه مسؤولية ، يكفي شباب محطم ، يبحث عنه في كل وجه يراه ،وكذلك يكفي انعدام الحب والاحتواء والدفئ داخل بيوتنا ، اذ انه عندما جفت المحبه في بيوتنا تسلل إليها وحش يخرب فينا كل ماهو جميل ! .
الاسرة وطن والوطن يموت اذ لم يكن فيه محبة واحتواء وامان كونوا لابنائكم وطن ليصنعوا الوطن الكبير ونجد شباب سوي نفسيًا مقبلاً على الحياة ينتج شعاع الحب ينطلق من البيت وينعكس على الآخرين وعليه !.
