علاقة النكاح بالصحة النفسية

علاقة النكاح بالصحة النفسية

بقلم: د. رحاب أبو العزم

أجواء ما بعد الاعتراف بالحب
ذكرتُ سابقًا أهمية الاعتراف بالحب في الاستقرار النفسي للمحبين، ومهما تعددت وسائله فهو بمثابة الدواء الذي يداوي الهم والخوف والقلق والتشتت. ومن الجميل أن نتعرف على الأجواء والخطوات والتطلعات بين طرفي الحب بعد استقرارهما واعترافهما بالحب؛ حيث يخلُقُ الاعتراف بالحب بين الطرفين حالة من الأريحية الأكبر في المعاملة، ويهدم الاعتراف جزءًا كبيرًا من الحساسية والرسميات في المعاملة، ويقابل المحب حبيبه بطبيعته وسجيته. تأخذ الأولويات منعطفًا آخر؛ فلقد كانت الأولوية لديهما محصورة في الاعتراف بالحب والتأكد من مشاعر الآخر، وبعد الاعتراف تتطور الأولويات وتأخذ منظورًا آخر، وتتطلع إلى الحديث عن الخطبة والزواج وكيفية التجهيز والاستعداد للخطوات الرسمية. إن الحديث عن الزواج يتطلب الشفافية والمصارحة لينجح الزواج بينهما؛ فمن الواجب مصارحة المحب بسلبياته وعيوب شخصيته وما يميزه في حياته الخاصة والعملية، وعليه الشفافية في إبداء تطلعاته تجاه الطرف الثاني؛ فإن استطاع الآخر تلبية احتياجاته فليصارحه وإن لم يستطع فليصارحه حيث لا مجال للخداع إذ أنه يؤذي الطرفين معًا. إن المشكلات التي قد تظهر بعد العام الأول أو العامين من الزواج هي -غالبًا- بسبب ظهور أمور صغيرة غير متوقعة وصادمة، وتكبر حتى تصيب الطرفين بخيبة الأمل؛ لذلك فإني أكرر أن الصدق هو مفتاح تجنب الصدمات، ومن أهم مفاتيح تجنب تصدع الحياة الزوجية.
مظاهر الصدق بين طرفي الحب
يعد الصدق في الأوضاع المالية من أهم مظاهر الشفافية بين الطرفين؛ كون المال من أهم الأسباب لتأخر الزواج، وكونه من أهم أسباب الصدمات والمشاكل التي قد تؤدي بالزواج إلى الطلاق. على كل طرف خاصة الرجل توضيح ظروفه المالية وإمكانياته بصورة مباشرة وبكل صراحة ووضوح حتى لا يُوقع سوء الفهم في مشكلات مستقبلية. وعلى الفتاة والمرأة توضيح توقعاتها وآمالها المالية حتى لا تصدم الطرف الثاني وتسبب المفاجآت في حدوث سلبيات لم يتوقعها الطرفان. بالإضافة إلى الشفافية في إظهار الإمكانيات المالية يأتي دور الصدق في بيان الخطوط الحمراء لكل طرف؛ حيث من حق كل إنسان أن يحدد لنفسه خطوطًا حمراء لا يتعداها الآخرون لأنها تشكل خرقًا لطباعه وجرحًا لكرامته؛ على سبيل المثال: يوضح الشاب قيمة وقدر أهله عنده والمساس باحترام والدته هو خط أحمر لا يسمح للزوجة أن تتخطاها، وبالمثل توضح الفتاة ماهية الخطوط الحمراء التي لا تسمح بتعديها. ثم تنجلي أهمية بيان ما يحبه وما يكرهه كل من الطرفين في الطعام والملابس والكلمات والميول العاطفية والجسدية؛ حيث يحب بعض الأشخاص التعبير عن الحب بالكلمة، والبعض يحب بالهدية، والبعض يحب التعبير عن الحب بالعلاقة الجسدية ابتداء من القبلة حتى الجماع، والبعض يشوبه الخجل ويكتفي بالنظرة وربما لا تكفي الطرف الآخر الذي عليه المصارحة بذلك. إن للقبلة والجماع وما بينهما أهمية شرعية وطبية في الاستقرار النفسي بين الزوجين ولذلك فالتكيف مع طباع الطرف الآخر بالإكراه لا يؤدي إلا للنفور والكراهية ونجد مع مرور السنوات وقد تحول الحب الذي دق القلب بعنف في يوم ما يتحول إلى بغض واشمئزاز.
*تابعوني في اللقاء القادم والحديث عن أهمية القبلة والجماع الشرعية والطبية*

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.