على حوافّ الرجاء … شعر: أحمد عزيز الدين أحمد

على حوافّ الرجاء     

شعر: أحمد عزيز الدين أحمد

من ديوان على حد السيف ينبت الورد…

إذا ضاقتْ دروبُ الحلمِ، فازرعْ خطاكَ على المدى أملاً،
فكمْ في الأرضِ من سُبلٍ تُخبّئُ ضوءَ من رحلوا!
وإن نامَ الزمانُ على جراحِ القلبِ، فانتظرِ الصباحْ،
ففي ليلِ البكاءِ دموعُ وجدٍ في المدى اشتعلوا،
تُنادي من سراديبِ الفُراقِ، وتستغيثُ منَ المحنْ،
وتنسجُ من حكايا الغيبِ أغنيةً لمن وصلوا،
تحدّوا باليقينِ الريحَ، وانسدلوا على قممِ العُلا،
وفي صدورِهم نُورٌ، وفي أحداقِهم أملُ،
فلا تَخَفِ الظلامَ إذا تنادَتْ فيك آهاتُ الخُطى،
فما ماتَ الرجاءُ، وما على أبوابِه قُفِلوا،
إذا ما أطفأتْك الريحُ، فاشعلْ من يقينِك شعلةً،
وكنْ كالفجرِ، لا يُطفى إذا ما الليلُ قد ثقلوا،
وإن هاجتْ بكَ الذكرى، وشقَّ القلبَ وقعُ الحلمِ،
فامنحْ للحنينِ سُؤالَهُ، إن العزاءَ هو السؤالُ،
سَلِ الأرضَ التي مشتِ الجراحُ على ثراها وانطوتْ،
كمْ مرَّ فوقَ صليبِها عُمرٌ، وكمْ زُلزِلَتْ جبالُ!
وسَلِ الزيتونَ، هل نامَتْ على الأغصانِ أغنيةُ الضياعْ؟
أم ظلَّ في أعماقِهِ نَبضٌ يُصارعُهُ الزوالُ؟
ويا منْ جئتَ من وجعِ الحكاياتِ القديمةِ كالغريبْ،
أما تعبتَ؟ أما سئمتَ؟ أما مللتَ من السؤالُ؟
فانهضْ، فإنّكَ كلّما انحنيتَ، تذكّرِ الزمنَ الذي
ما انحنى فيهِ النبيُّ، وما استكانَ لهُ الجلالُ،
تذكَّرِ الأنبياءَ، متى مشوا في الدربِ إلا واهتدى
بخطاهمُ المجهولُ، وانفتحتْ لهمْ سُبُلُ الكمالُ،
ولا تُسلّمْ للمُحالِ قُلوبَنا، إنّا خُلقنا للرجاءْ،
ولنا على وجعِ الدُّجى نَفَسٌ يلوّنُهُ الجمالُ،
إذا ما جئتَ للدمعِ الأخيرِ، فاغسلِ العينينِ من
وهمِ النهايةِ، إنّ بعدَ اليمِّ يَنبثقُ الهلالُ،
وإنكِ يا بلادي، كلما اغتصبوا نوافذَكِ الجميلةْ،
عادتْ إليكِ حمائمٌ من حبرِ أرواحٍ تلالُ،
أطفالُكِ الرضّعُ العُزَّلُ، جبريلُ السهولِ إذا
تكاثرَ حولَهمْ موتٌ، وكانَ القمحُ مقتولًا،
فلا تنحني، لا تنكسفْ، لو طالَ ليلُكِ يا ابنةَ النيرانْ،
في كلِّ نخلةِ جُرحِكِ، يستريحُ الضوءُ مبتهلُ،
ولكِ السلامُ، إذا الرجاءُ تأخّرَ الزمنُ الجميلْ،
فالحقُّ لا يَفنى، وإنْ حاصرتهُ شُرُفُ الدولُ،
يا أيها الإنسانُ، إن ضيّعتَ دربَك في الحروبِ،
تذكّرِ الطفولةَ، كيفَ كانتْ حقلَك الأولْ،
وتذكّرِ الأمَّ التي تبكيك صامتةً، وتحملُ في
دموعِ عينيها يقينًا أنّك الأجملُ،
وتذكّرِ الوعدَ القديمَ، بأنَّ فيكَ بذورَ من رحلوا،
وأنَّ في خطوكَ الأخيرِ، تُولدُ الآمالُ وتشتعلُ…
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.