عمرو قطب: لا مكان لليأس في قاموسي.. و الخذلان علمني فن التعامل مع البشر

عمرو قطب: الموهبة هي الأساس والقيمة الفنية قبل الانتشار.. هذا هو مبدأي

في حوار فني حصري لجريده أسرار المشاهير، يكشف الشاعر والملحن عمرو قطب عن كواليس مشواره، وأسباب اختياره للأغنية الشعبية، ورأيه في تصنيف الشعراء بين الطربي والمهرجانات، يتحدث أيضاً عن أبرز أعماله وتحديات الساحة الغنائية.. قراءة شيقة لعشاق الموسيقى المصرية الأصيلة.

اعداد وحوار: ريهام طارق 

 الشاعر الغنائي والملحن عمرو قطب فنان يرى الأغنية الشعبية ليست مجرد إيقاع راقص مجرد من الكلمة المؤثره واللحن البديع بل يؤمن أن الأغنية الشعبية يجب أن تحمل بداخلها رسالة تعبر واقع الشارع المصرى وهمومه.

 وفي حوارنا هذا يشاركنا عمرو قطب ملامح تجربته، ويكشف عن رؤيته ورأيه الخاص عن ما وصلت إليه الأغنية الشعبية اليوم، وتخبطها بين موجات الترند ونغمات الطرب الاصيل، كما يتوقف عند أهم محطاته الفنية، ليروي لنا الكثير من التفاصيل التي يكشف عنها لأول مرة.

في البداية نرحب بالشاعر الغنائي والملحن عمرو قطب في جريدة أسرار المشاهير ونشكره على إتاحة الفرصة لإجراء هذا الحوار:

 لماذا اخترت اللون الشعبي تحديدًا منذ بدايتك الفنية، وتركت اللون الطربي؟

 بدايتي باللون الشعبي، لم تكن اختيار حر بل كانت خطوة فرضتها الظروف.. منذ عام 2007 وأنا أحاول الدخول إلى الساحة الفنية بلون كلاسيكي ومع كبار النجوم، لكن واجهتني صعوبات كثيرة، أبرزها غياب فرص التواصل مع النجوم، وعدم امتلاكي أرشيف فنيا قويا حينها يؤهلني للعمل معهم، فقررت البدء من حيث أستطيع، من خلال التعاون مع أصوات شعبية جديدة آنذاك، لبناء رصيد فني يثبت موهبتي ويفتح لي ابواب الوصول إلى نجوم الصف الأول.

عمرو قطب مع المطرب رضا البحراوي
عمرو قطب مع المطرب رضا البحراوي

هل تصنيف الشاعر وربط اسمه بلون موسيقي محدد سواء شعبي أو طربي أو مهرجانات يمكن أن يُسهم في ترسيخ هويته الفنية، أم أنه يُقيده ويحد من طاقاته الإبداعية؟ 

بداية، أحب أن أوضح نقطة هامه جدًا، وهي انطباع شائع يسيطر على عقول عدد كبير من المستمعين، وكذلك بعض النقاد والصحفيين، وهو فكرة “تصنيف الشاعر” على أساس نوع معين، كأن يكون شعبيا فقط أو كلاسيكيًا أو كاتب مهرجانات، وأنا شخصيا ضد هذا النوع من التصنيف.

من وجهة نظري المتواضعة، الشاعر الحقيقي الموهوب يجب أن يكون قادرا على الكتابة في جميع الألوان الغنائية، وهناك تجارب ناجحة كثيرة تؤكد هذا، على سبيل المثال لا الحصر، الشاعر الكبير مصطفى كامل كتب أغاني شعبية شهيرة مثل “قشطة يابا” و”عم قول يا رب”، وفي نفس الوقت كتب روائع رومانسية مثل “الحب الحقيقي” لمحمد فؤاد، و”الملاك البريء” و”اوعدني” لعمرو دياب.

اقرأ أيضاً: محامي شيرين عبد الوهاب: هجوم منظم وسنرد قانونيًا

عمرو قطب مع المطربه أمينه
عمرو قطب مع المطربه أمينه

عمرو قطب: الأغنية الشعبية ستظل الأقرب لنبض الشارع وأفتخر بأنني اعبر عن واقع الناس

في رأيك هل ترى أن الأغنية الشعبية اليوم تتربع على عرش السوق ؟

من وجهة نظري، الأغنية الشعبية لا تزال وستظل الأقرب إلى وجدان الجمهور، هي المرآة الحقيقية لحياة الناس اليومية، وتعكس ببساطة وصدق أفراحهم، و أحزانهم، ومعاناتهم، وحتى علاقاتهم الإنسانية بكل ما فيها من صدق وتلقائية، لذلك أنا أفتخر بكل عمل قدمته لأنه يخاطب شريحة عريضة من المجتمع، ويعبر عنهم بصدق.

عمرو قطب مع نصر محروس
عمرو قطب مع نصر محروس

عمرو قطب: لو بدأت بالأغنية الرومانسية كنت سأصل أسرع.. لكن الشعبي كان بوابتي الأولى

 تعتقد لو كنت بدأت مشوارك باللون الرومانسي بدلا من الشعبي، كنت ستصل للجمهور بنفس القوة؟ أم أن الأغنية الشعبية كانت بوابتك الأسرع للانتشار؟

في الحقيقة، أسلوبي في الكتابة والتلحين ينتمي لمدرسة “السهل الممتنع”، أصعب معادلة فنية، لكنها في الوقت ذاته الأسرع وصولا إلى مشاعر وقلب المستمع، لذلك، أؤمن تمامًا أنه لو سمحت لي بالفرصة منذ البداية للانطلاق من خلال اللون الرومانسي، كنت حققت انتشارا أقوى، وتركت بصمات حقيقية في ذاكرة الجمهور…

لكن في الوقت ذاته، لا أنكر أن الأغنية الشعبية كانت البوابة الأولى التي فتحت لي أبواب الوسط الفني، ومن خلالها بدأت رحلتي منذ حوالي 18 عامًا، كانت البداية، لكنها لم تكن النهاية، طموحي دائمًا هو التنقل بين الألوان الغنائية المختلفة، وأن أظل قريبًا من كل الأذواق.

اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: سألوني من هو الخائن؟

عمرو قطب: لا أخشى الغناء بصوتي.. لكني فضلت النضج أولا كشاعر وملحن

  لماذا لم تغني حتى الآن رغم امتلاكك صوتا قويا؟

في الواقع، قلة قليلة من أصدقائي وزملائي في الوسط الفني الذين يعلمون أنني أمتلك موهبة الغناء، والسبب ببساطة أنني لم أحرص يومًا على إبرازها أمام الجمهور، ليس لأنني أخشى التجربة أو أشكك في قدرتي كمطرب، بل لأنني فضلت أن أضع كامل تركيزي و جهدي خلال السنوات الماضية على ترسيخ هويتي الفنية كشاعر في المقام الأول، و كمُلحن في المقام الثاني…

أنا أؤمن أن لكل شيء توقيته المناسب، وكنت أحتاج لاكتساب مزيد من الخبرات والتطور في كتاباتي و ألحاني قبل أن أقدم نفسي كمطرب، الغناء بالنسبة لي ليس مجرد خطوة استعراضية، بل قرار فني كبير يتطلب وعيا ومسؤولية، وعندما أشعر أن الوقت قد حان، لن أتردد أبدًا في الظهور كمطرب .

عمرو قطب مع المطربة هدي
عمرو قطب مع المطربة هدي

عمرو قطب: الإحباط والانكسار لا مكان لهما في قاموسي

متى شعر عمرو قطب بـ الإحباط أو الانكسار خلال مشواره الفني؟ 

أنا بطبعي لا اعرف الاستسلام، وكل من يعرفني عن قرب يعلم عني أن الإحباط والانكسار لا مكان لهما في قاموسي، ولا أسمح للمشاعر السلبية أن تسيطر عليّ أو تجعلني اشعر بالهزيمة، بل دائمًا أبحث عن الإيجابيات، فهي التي تمنحني القوة، و تعلّمني الصبر، و تدفعني للاستمرار رغم كل شيء.

ورغم ذلك لا أنكر أني شعرت كثيرًا بـ الخذلان… ليس من الفن ، بل من بعض المعاملات وردود الأفعال غير المتوقعة من بعض الأشخاص الذين تعاملت معهم في الوسط الفني، هذه المواقف لم تكن عائقا بالنسبة لي، بل كانت حافزا و دروسا ثمينة في فن التعامل مع الآخرين، وعززت لدي مبدأ أن النجاح لا يقاس فقط بالشهرة، بل بتجاوز الأزمات والعقبات.

اقرأ أيضاً: ميدو ورضا عبدالعال في تصريحات خاصه تحديد مصير.. بقاء أو رحيل شيكابالا عن القلعه البيضاء

المطرب أحمد شيبه
المطرب أحمد شيبه

 

عمرو قطب: الأغنية الشعبية لم تفقد هويتها.. ولكن بعض مطربي الجيل الحالي تخلوا عن جوهرها

فقدت الأغنية الشعبية اليوم هويتها الحقيقية التي كانت تتميز بالشجن والكلمات الراقية، هل ترى أن هذا اللون الغنائي تغيّر فعليًا مع مرور الزمن؟

الأغنية الشعبية لم تفقد هويتها الحقيقية، فما زالت حتى اليوم تحتفظ بالشجن والطرب، خاصة في الأعمال الدرامية المؤثرة، ما تغير ليس الجوهر، بل أسلوب التقديم، الكثير من مطربي الجيل الحالي لم يعودوا يهتمون بالغناء الطربي العميق، ولا بالإيقاع الهادئ الممزوج بالوتريات والكلمات التي تلامس المشاعر.

للأسف، أصبح الاتجاه السائد هو البحث عن الإيقاع السريع، نتيجة التأثر الكبير بموجة “المهرجانات” التي فرضت نفسها على ذوق الجمهور، وأصبحت هي المسيطرة على المشهد.

ورغم ذلك، ما زالت هناك فئة متميزة من المطربين الشعبيين تحافظ على الطابع الأصيل لهذا اللون، مثل: “طارق الشيخ، أحمد شيبة، سمسم شهاب، محمد سلطان، عبد الباسط حمودة، رضا البحراوي، أحمد عامر، هدى، أمينة، وبوسي”، هؤلاء يقدمون أعمالًا درامية وشعبية متوازنة، تحافظ على رونق الأغنية الشعبية، وتحميها من الاندثار وسط الموجات المؤقتة.

المطرب محمد قنديل
المطرب محمد قنديل

 عمرو قطب: ثورة 2011 منحت المهرجانات والراب مساحة.. لكن الذوق العام دفع الثمن

عند الاستماع لأغاني عمالقة مثل محمد العزبي، محمد قنديل، وعبد المطلب، نجد أن الأغنية الشعبية كانت راقية، ذات لحن هادئ و كلمات بسيطة ومعبرة… برأيك، ما الذي تغيّر ولماذا أصبحت الأغنية الشعبية اليوم أكثر صخبا وأقل مضمونا؟

الواقع أن الساحة الفنية بكل ألوانها تتأثر دائمًا بالمتغيرات الاجتماعية والسياسية، ومع انطلاق ثورة 2011، حدث ما يمكن وصفه بـ”التحرر الموسيقي”، خاصة بين فئة الشباب، وهو ما فتح الباب على مصراعيه أمام صعود موسيقى المهرجانات و الراب.

هذا التحرر أعطى فرصة حقيقية لهذه الأنواع لتفرض نفسها على الساحة بقوة، من خلال فرض ذوق جديد في الكلمة واللحن والتوزيع الموسيقي، ومن هنا بدأت تتشكل ملامح جديدة للأغنية الشعبية، مختلفة تمامًا عن الجيل الذهبي الذي تميز بالشجن والرقي والبساطة العميقة.

ولا أنكر أن لهذا التحول بعض الإيجابيات، مثل صعود موسيقى الراب ومطربيها، الذين قدموا شكلًا صادقًا من التعبير عن الذات والواقع، لكن في المقابل، ظهرت سلبيات كبيرة، أبرزها غياب الرقابة الفنية، وتفريغ الذوق العام من المضمون الراقي، حتى أصبح الهدف هو “الترند”، والنتيجة إصدار أغانٍ يومية تفتقر إلى أبسط مقومات الإبداع أو الاستمرارية.

عمرو قطب: الجمهور تقبّل الموجة الصاخبة.. فاضطر الفنانون مجاراتها حفاظًا على الاستمرارية 

هل الجمهور هو من فرض هذا الشكل الصاخب الحالي للأغنية الشعبية؟ أم أن صُنّاع المحتوى هم من توجهوا له وأجبروا المستمع على قبوله؟

في البداية، ومع ظهور هذه الموجة الجديدة من الأغاني ذات الإيقاعات الصاخبة والمحتوى السطحي، كان هناك حالة من الرفض والانتقاد، من شريحة واسعة من الجمهور والنقّاد على حد سواء، لكن ما حدث بعد ذلك أن هذه الألوان انتشرت بسرعة مذهلة، وبدأ الجمهور يتقبلها تدريجيًا، بل ويتفاعل معها بشغف، خاصة الفئات الأصغر سنا.

هذا القبول الجماهيري دفع صناع المحتوى إلى مجاراة الموجة، للحفاظ على تواجدهم في السوق والبقاء على خريطة الساحة الفنية، وبدأ البعض يحاول دمج الكلمة الهادفة، مع إيقاعات الراب والمهرجانات، في محاولة لتحقيق التوازن بين الجودة والانتشار، لكن النتيجة كانت إطفاء شعلة الأغاني الهادئة العميقة، وإشعال موجة من الأغاني الصاخبة التي تركز على التعبير عن الذات والمشاعر الحادة، في كثير من الأحيان بأسلوب عدائي و متحرر من الضوابط الفنية.

الملحن عزيز الشافعي
الملحن عزيز الشافعي

عمرو قطب: الموهبة هي الأساس.. والدراسة وحدها لا تصنع مبدعا

هناك من يؤمن أن الملحن يجب أن يكون درس الموسيقى بشكل اكاديمي لكي يتمكن من قراءة وكتابة النوتة الموسيقية، بينما يرى آخرون أن الموهبة تكفي، من وجهة نظرك، هل يمكن للملحن أن ينجح بدون دراسة؟

 النجاح في مجال التلحين لا يعتمد فقط على الدراسة الأكاديمية هناك الكثير من التجارب الملهمة لملحنين وشعراء تفوقوا بالفطرة والممارسة، واستطاعوا أن يتركوا بصمتهم الفنية دون أن يكونوا من خريجي المعاهد أو الأكاديميات الموسيقية.

صحيح أن الدراسة تمنح الفنان أدوات احترافية، لكنها لا تصنع منه مبدعًا إذا لم يكن يملك الموهبة الحقيقية، على الجانب الآخر، هناك ملحنون لم يدرسوا النوتة والمقامات بشكل أكاديمي، لكنهم تعلموا من التجربة والممارسة، و اكتسبوا خبرات نتج عنها أعمال ناجحه و متميزه 

لنأخذ على سبيل المثال الفنان عزيز الشافعي، الذي يُعدّ من أبرز من جمعوا بين كتابة الأغنية و تلحينها، لم يدرس كتابه الشعر بشكلٍ اكاديمي، لكنه بموهبته ووعيه الفني استطاع تطويع الكلمة واللحن، لتقديم أعمال متكاملة وناجحة، وصنع لنفسه أسلوبًا خاصًا يُحتذى به، وليس هو المثال الوحيد، فـ الساحة مليئة بالأسماء التي أثبتت أن الإبداع لا يُحتكر على من يملكون الشهادات، بل يُصنع بصدق الموهبة والإحساس .

عمرو قطب: هاتفي هو مدوّنتي الموسيقية.. وأغلب ألحاني تبدأ بدندنة بسيطة

بما انك لم تدرس الموسيقى كيف تقوم بتلحين اعمالك.. هل تحفظ اللحن في ذهنك ثم تسجله بصوتك؟

صحيح أنني لم أدرس الموسيقى بشكل أكاديمي حتى هذه اللحظة، لكنني أعتمد بشكل كبير على الحدس الموسيقي والموهبة الفطرية، أغلب ألحاني تبدأ بـ”دندنة” بسيطة، وبمجرد أن تتبلور الفكرة في ذهني، أقوم على الفور بتسجيلها بصوتي عبر مسجل الهاتف، حتى لا تضيع التفاصيل اللحنيّة.

هاتفي يُعتبر بمثابة مدوّنة موسيقية متنقلة، أحتفظ فيه بخامات أولية من الجُمل اللحنية، لحين مقابلتي مع الموزع الموسيقي، حيث نبدأ سويًا بناء الشكل المبدئي للأغنية، سواء من حيث اللحن أو الكلمات.

هذه الطريقة أثبتت فاعليتها معي، وساعدتني على الحفاظ على أفكاري، وتحويلها فيما بعد إلى أعمال مكتملة تحمل بصمتي وهويتي الفنية.

عمرو قطب: أكتب و ألحن أولًا بإحساسي.. ثم أبحث عن الصوت الذي يمنح العمل قيمته

أثناء كتابتك و تلحين أغنية جديدة هل يكون لديك تصور مسبق عن المطرب الذي سيؤديها؟ أم تبني اللحن على خامة صوت معينة أم يأتي اختيارك حسب مدى شهرة المطرب؟

أسلوبي المفضل في العمل دائمًا هو أن أكتب و ألحن الأغنية حتي أصل بها إلى شكلها النهائي من حيث الكلمات واللحن، ثم أبدأ في تخيل من هو الصوت المناسب الذي يمكن أن يضيف لها و يُظهرها بالشكل التي تستحقه بعدها أقوم بمراسلة المطرب الذي أراه الأقرب للأغنية، و أعرض عليه العمل، لكن في أحيان أخرى، خاصة عندما يتعلق الأمر بـ تترات المسلسلات التلفزيونية أو أغنيات داخل أفلام، يتم تكليفي مسبقا بالعمل مع مطرب معين، وأكون مطالبا وقتها بضبط مساحة اللحن والصوت حسب المطلوب من جهة الإنتاج، في هذه الحالة أضع في اعتباري كل تفاصيل إمكانيات الصوت، حتى يخرج العمل في أفضل صورة ممكنة.

 عمرو قطب: أفضل التعاون مع الصوت القوي واعتبره شريك حقيقي في النجاح 

هل تضطر أحيانا إلى تبسيط اللحن ليتناسب مع الأصوات الضعيفة؟

أنا أفضل التعاون مع الأصوات القوية، حتى وإن كانت أصواتًا شابة أو جديدة، لأن الصوت القوي هو الذي يعطي الملحن الحرية الكاملة في وضع لحن قوي ومميز.

ولا أخفيك سرا، كثيرًا ما أعتذر عن أعمال فنية لا أرى فيها قيمة، حتى لو كان المقابل المادي مغريا، فأنا لا أستطيع أن أقدم عملا فقط لمجرد الظهور، لأنني اقدر جدًا الجهد المبذول في كل العمل، و أحترم ما أقدمه لـ جمهوري.

 

عمرو قطب: الأغنية الشعبية لم تفقد هويتها.. وما زالت تتفوق على المهرجان والراب

لماذا نرى أن الأغنية الشعبية اليوم تأثرت بموجة المهرجانات و الراب، رغم أن هذا اللون الغنائي استطاع في الماضي فرض وجوده ونجاحه بجانب الغناء الكلاسيكي ؟

الحقيقة أن الأغنية الشعبية لم تتأثر تأثرا جذريا بـ موسيقى المهرجانات أو الراب، لكنها تأثرت جزئيا في شكل الكلمات، حيث أصبحت بعض المصطلحات أكثر حدة وجرأة، وأحيانا بتكون أكثر صدامية في التعبير، ورغم ذلك، لا تزال الأغنية الشعبية تحتفظ ببريقها، و لا يمكن مقارنتها بأي لون آخر.

وربما أكبر دليل على ذلك هو استمرار هيمنة الأغنية الشعبية على تترات واغاني المسلسلات الرمضانية، لأنها ببساطة تملك عناصر التفوق: “أصوات قوية، كلمات تعبر بصدق عن الشارع المصري، وألحان طربية لا يستطيع مؤدي المهرجان أو الراب التعامل معها بنفس الإحساس أو البراعة.

لذلك أري أن الأغنية الشعبية ما زالت متفوقة ومؤثرة، لأنها تمتلك تاريخ وهوية وشخصية لا يمكن استنساخها، وهذا ما يجعلها صامدة وسط كل التغيرات العابرة.

المطرب محمد العزبي
المطرب محمد العزبي

عمرو قطب: لو كنت عشت في زمن قنديل والعزبي لكنت أكثر قربًا من الشكل الكلاسيكي الشعبي..

لو كنت متواجد في زمن عمالقة الأغنية الشعبية مثل محمد قنديل ومحمد العزبي، هل كنت ستقدم نفس اللون الذي تقدمه اليوم؟ 

لو كنت من أبناء هذا الجيل الذهبي، لكنت أكثر قربًا من الشكل الكلاسيكي الشعبي، الذي كان يتسم بالشجن واللحن الطربي الهادئ، هذا اللون يمثلني فنيًا، وهو ما أحاول الحفاظ عليه حتى الآن، رغم المتغيرات الكبيرة التي طرأت على الساحة الفنية.

لكن في زمننا الحالي، نحن كفنانين نحاول أن نوازن قدر الإمكان بين ما نحب أن نقدمه كفن يحمل قيمة، وبين متطلبات السوق وما يفرضه الذوق العام من ألوان موسيقية منتشرة، أحيانًا نضطر لتقديم ما يتناسب مع سرعة الإيقاع وتغير المزاج الفني، ولكن في نفس الوقت نجتهد أن لا نتخلى عن هويتنا أو رسالتنا.

عمرو قطب: هؤلاء الشعراء والملحنين يحافظون على هوية الأغنية الشعبية

من بين الشعراء والملحنين على الساحة اليوم، من ترى أنهم يقدمون شكلًا راقيًا في اللون الشعبي، و يستحقون المكانة التي وصلوا إليها؟

هناك عددًا من الشعراء الذين أعتز بهم على المستوى الفني والإنساني، وأرى أنهم يقدمون أعمالًا مميزة، وناجحة، يملكون هوية فنية واضحة، ويعملون بإخلاص على تقديم أغنيات شعبية تحترم عقل المستمع، وتُحافظ على مكانة هذا اللون الغنائي العريق في وجدان الشارع المصري، ومنهم الشعراء: “ملاك عادل، صلاح مندي، عماد عبيد، رضا المصري، أحمد غريب، سامح الكومي، محمد الجمال، محمد النجار، ورضا برهام”.

عمرو قطب: الموال لا يزال حيًا، لكنه فقط يغيّر شكله ليتكيف مع الزمن، دون أن يفقد روحه

 أين الموال اليوم من الأغنية الشعبية ؟

 الإيقاع السريع والأغنية القصيرة، التي لا تتجاوز مدتها ثلاث دقائق، فرض نفسه على السوق، وجعل جميع مطربي و صنّاع الموسيقى الشعبية يركزون أكثر على الجمل اللحنيّة الحماسية والمباشرة، على حساب الموال والجمل الطربية، خوفا من أن يشعر المستمع بالملل، خاصة في ظل ثقافة الاستماع السريع والمنصات الرقمية، وهذا لا يعني أن زمن الموال انتهى.

أنا وغيري من صناع الأغنية الشعبية نحاول الحفاظ عليه من خلال دمجه داخل الأغنية بشكل ذكي ومختصر، على هيئة رباعيات قصيرة لا تتجاوز الدقيقة الواحدة، تتيح له التواجد دون أن يؤثر على إيقاع الأغنية. 

عمرو قطب: المرأة لم تُهَن في الأغنية الشعبية.. بل ساهمت بنفسها في ترسيخ الغزل المبتذل

 كانت الأغنية الشعبية في الماضي تتغزل في جمال المرأة برقي ووقار كما في أغنية “يا حلو صبح” لـ محمد قنديل، بينما نرى اليوم بعض الأغاني تصفها بطريقة قد تقلل من مكانتها كيف تصف هذا التحول وهل تراه يليق بالمرأة المصرية؟

بلا شك، ما يُقدَّم حاليًا من بعض أغاني الغزل الشعبي لا يليق بمكانة المرأة خصوصًا حين يُقدَّم الغزل بصيغة سطحية أو غير عفيفة، بعيدة تمامًا عن الصورة الراقية التي كانت تظهر بها المرأة في أغنيات الزمن الجميل، المدهش أن الجمهور النسائي نفسه هو أحد العوامل الأساسية في انتشار هذا النوع من الأغاني، بدليل الإعجاب الجماهيري الضخم الذي تحققه أعمال مثل: “عود البطل“، “شمس المجرة“، “بنت الجيران”، “إنتي الوحش“، و”بسكوتاية مقرمشة“، حيث تجاوزت هذه الأغاني مئات الملايين من المشاهدات، ورددها الجمهور بكل طبقاته، رجالًا ونساءً.

في النهاية، الجمهور هو الذي يمنح الأغنية قوتها، ونجاح هذا اللون يعني أن الذوق العام بحاجة لإعادة توجيه، وعلينا كصُنّاع أن نُعيد التوازن بين النجاح الجماهيري واحترام القيم الفنية والاجتماعية.

عمرو قطب: المنافسة اليوم لا ترحم وكل عمل يُطرح في السوق هو بمثابة اختبار جديد 

من هو الشاعر والملحن الذي ترى أنه يمثل منافسا شرسا لك في سوق الأغنية الشعبية حاليًا؟ وهل تقوم بالاستماع لأعماله قبل أن تصنع أعمالك؟

المنافسة الآن لا ترحم، وكل عمل يُطرح في السوق هو بمثابة اختبار جديد لنا جميعًا كصنّاع، ولا أستطيع أن أحدد اسمًا بعينه، لأني أرى جميع زملائي على الساحة يمثلون تحديًا قويًا لي ولغيري من الشعراء والملحنين، وفي ظل غزارة الإنتاج على الساحة أحرص دائمًا على متابعة معظم الأعمال المطروحة، لتجنب أي تشابه في الكلمات أو “الإفيهات” أو حتى الأفكار . 

عمرو قطب: كل أغنية من هذه الأعمال الأقرب إلى قلبي وتمثل مرحلة مختلفة في مسيرتي الفنية 

ما هي أقرب أعمالك إلى قلبك؟

كل عمل لي له بصمة خاصة في مشواري الفني، لكن هناك مجموعة من الأغنيات التي أعتز بها كثيرًا، سواء لما تمثله لي فنيًا أو لما حققته من تفاعل جماهيري أبرزها:

  “حكايات حياتنا” تتر مسلسل الأيام غناء أحمد سعد.

خاف من اللي منك” تتر مسلسل بيت الرفاعي بصوت محمد شاهين.

  “آخرة طريقي ده إيه” من مسلسل كوبرا و غناء احمد شيبة.

 “خفي حبة” تتر مسلسل محارب غناء رضا البحراوي.

  “بيخونوا العِشرة” و”حلم عمري” بصوت محمد سلطان.

  “دنيا تريندات” غناء احمد عامر .

 دويتو “هجوم فجائي” غناء عمر كمال و أحمد شيبة.

 . “ضيعنا” غناء عمر كمال وعبد الباسط حمودة.

  “خيري كله” غناء حودة بندق .

  “ملك وكتابة” غناء اسماعيل الليثي.

المطرب عبد الباسط حموده
المطرب عبد الباسط حموده

 لو أتيحت لك الفرصة لاختيار ثلاثة أصوات لتقديم عمل غنائي شعبي من كلماتك والحانك، فمن هم المطربون الذين ترى أنهم الأجدر بغنائها؟

 بالتأكيد وبدون تردد أختار حكيم ، أحمد شيبه وعبد الباسط حموده

المطرب حكيم
المطرب حكيم

في النهاية كلمة من الشاعر الغنائي والملحن عمرو قطب إلى وسط الغناء الشعبي؟

 الأغنية الشعبية هي ميراث وتركة ثقيلة يجب أن نعمل جميعا على بقائها وازدهارها والحفاظ عليها من الطمس والعبث وستظل الاغنيه الشعبيه دائما هي صوت الشارع والأقرب للجمهور والقيام بدورها كصناع حقيقين في دعم وتقديم أصوات جديدة وأجيال مثمرة تحافظ على استمرارية هذا الفن العريق ..

في نهاية الحوار نشكر الشاعر الغنائي والملحن عمرو قطب على هذا الحوار الأكثر من رائع على وعد بحوار آخر مع نجم جديد ونجاحات جديدة مع ريهام طارق

الصحافيه ريهام طارق
الصحافيه ريهام طارق

ريهام طارق صحافية متخصصة في الشؤون الفنية والثقافية، تمتلك خبرة واسعة في إجراء الحوارات الصحفية مع كبار نجوم الفن في الوطن العربي، تعمل مدير قسم الفن في جريده اسرار المشاهير.

بدأت حياتها المهنية في عدد من الصحف والمجلات الرائدة، من بينها جريدة “إبداع” بالمملكة العربية السعودية، وجريدة “الثائر” في لبنان، وجريدة “النهار” في المغرب، ومجلة “النهار” في العراق، كما شاركت بكتابات تحليلية في مجال السياسة الدولية، ما يعكس تنوع اهتمامها المهني وقدرتها على الجمع بين الرؤية الثقافية والتحليل السياسي في آن واحد، كما عملت عضو اللجنه الاعلاميه في المهرجان القومي للمسرح المصري.

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.