عودة المومياء.. بقلم/ مصطفى حسن محمد سليم.
قد يختفي الشر من قلب الوجود، برحيل بعض من كانوا يعيثون في الأرض فساداً، ولكن أن تقبع روح الشر داخل ذلك الجسد، تنتظر الظهور بعد الموت، وترفض أن تغادر ذلك الجسد، وتعود مرة أخرى للحياة تدق أبواب الخوف من جديد، لتثير الفزع في قلوب بعض البشر، دون وجود تفسير لعودة تلك الروح من جديد….. نطق عبده في فزع عندما شاهد أفراد الشرطة من بعيد:
– كمين يامحمود لقد قلت لك سابقاً أن هذه المومياء الملعونة ستسبب في حبسنا أنا، وأنت.
نظر إليه محمود في برود وهو ينهره في عنف قائلا له:
– أنا اعلم جيداً أنك أنت من ستسبب في حبسنا بخوفك المستمر هذا.
فنظر إليه في أرتياع وهو يقول له:
– أعتقد أن السجن أرحم ألف مرة من الحياة مع هذه المومياء الملعونة في مكان واحد، يكفي مافعلته بنا من قبل، لقد حولت حياتنا لجحيم بداية من حادثة السيارة التي أودت بحياة التاجر الذي حضر لشراء المومياء، وأصابة أول عامل دخل المقبرة عند فتحها بالجنون، وحرق “الكشافات” التي أحضرناها لإنارة المقبرة كل مرة بأستمرار.
فنهره محمود مرة أخرى في عصبية وهو يقول له (أصمت يارجل، أنا أعرف كل هذه الكوارث وأكثر منها، ولاأحتاج منك لسردها بأستمرار، اهبط الآن وأنزل الجوال الخاص بالمومياء، واتركه خلف هذه الشجرة بسرعة قبل أن نثير إنتباه أفراد الكمين) هبط عبده مسرعاً وقذف بالجوال خلف الشجرة، وأسرع إلى السيارة التي أنطلقت نحو الكمين، وعندما توقفت السيارة في الكمين قام الضابط المكلف بالكمين بفحص السيارة جيداً، وهو ينظر إليهم في ارتياب شديد، وبعد قام بفحصها جيداً سمح لهم بالعبور، ثم طلب من الجندي الذي يقف بجواره بالذهاب إلى المكان الذي توقفت فيه السيارة من قبل، وإحضار الشيء الذي تركه قائد السيارة منذ قليل، أسرع الجندي إلى المكان الذي أشار إليه الضابط ثم عاد مسرعاً وهو يحمل جوال في يده، وعندما فتح الجوال بحرص شديد، وجد جثة بداخله، فتراجع خطوة للخلف في خوف، وهو يلتفت إلي الضابط قائلا له في فزع قتيل:
– يا أفندم داخل الجوال قتيل….
شعر أشرف حافظ مدير أحد المخازن التابعة لهيئة الآثار بالحنق وهو يتسلم جثة المومياء، التي تم نقلها إلى السيارة الخاصة بالمنطقة بحرص، وهو يتفحص محضر النيابة في عناية، ويمر على مادون فيه بسرعة شديدة، واستدعى انتباهه تقرير الطب الشرعي الملحق به، والذي كتب فيه بعد فحص المومياء، تبين أنها لسيدة ماتت منذ أكثر من ألف سنة، ولكنها تبدو بحالة جيدة، تم العثور عليها داخل جوال في كمين ليلي علي أطراف مدينة القاهرة، ولم يعرف أشرف لماذا شعر بعدم الأرتياح عندما تحركت السيارة الخاصة بالمنطقة وهي تحمل تابوت خشبي تم وضع المومياء بداخله، وعندما توقفت السيارة أمام المخزن، تابع أشرف دخول المومياء إلي المخزن، وشعر بأرتياح شديد عندما أغلق باب المخزن عليها، ثم جلس أمام الباب ليحتسي الشاي مع مشرف الأمن، الذي لاحظ علامات الضيق على وجهه، فسأله قائلا له:
– ماهي حكاية المومياء التي أحضرتها اليوم؟
اعتدل أشرف في جلسته وهو يقول له:
– لقد تم العثور عليها في كمين بعد أن فر اللصوص وتركوها، ولكن يب..
وقطع حديثه صوت ارتطام عنيف لباب المخزن من الداخل، الذي استدعى انتباهه وهو يقفز من مكانه وهو يقول لمشرف الأمن:
– هل سمعت ذلك الصوت؟
بدأت الدهشة على وجه مشرف الأمن وهو يقول له:
– نعم؛ ربما قذف أحد الصبية من خارج المكان حجر من الشباك الخلفي للمخزن.
فقال له أشرف متسائلاً:
– وهل يمكن وصول الحجر للباب لو حدث ذلك؟
مط مشرف الأمن شفتيه وهو يقول له في تعجب:
– ربما، ولكن سي..
وهنا قطع حديثه صوت ارتطام آخر أعنف من الأول، جعل أشرف يقفز من مكانه وهو يتجه نحو باب المخزن المغلق، قائلا له:
– لا يمكن؛ لا بد وأن هنالك شيء خاطئ.. أفتح الباب بسرعة.
اندفع مشرف الأمن نحو الباب وهو يفتحه بسرعة، وعندما دخلوا إلى داخل المخزن بحثوا عن أي حجر خلف الباب، فلم يجدوا شيء، ثم نظروا إلى نوافذ المخزن وجدوها كلها مغلقة بعناية، وايضا جميع القاعات مغلقة جميعها، وتلاقت نظراتهم نحو باب الغرفة الذي تم وضع المومياء الذي احضرها أشرف منذ قليل، وقد أندفعوا إلي داخل الغرفة، كانت الغرفة لاتحوي أي نوافذ، والتابوت الذي توضع فيه المومياء مغلق جيداً، وازال أشرف الغطاء بعناية، فوجد المومياء في مكانها داخل الصندوق كما أحضرها من قبل، وقف أشرف ينظر إلى مشرف الأمن في حيرة وهو يرفض أن يصدق أن تكون المومياء قد خرجت من الصندوق، ثم تجولت بداخل المخزن، وهي من أصدرت هذه الطرقات العنيفة، وشعر وهو ينظر إلى المومياء قبل أن يعيد الغطاء عليها، أنها بداخلها شر كامن في أعماقها وسر غامض.