فاروق الفيشاوي والوعد الذي لم ينجز

كتبت : صفاء القاضي

فاروق الفيشاوي فنان نادر أن يتكرر مرة أخرى فهو ذو طابع يخصه وحده و شخصية تكاد تكون عجيبة فى جمع المتناقضات , اشتهر فاروق الفيشاوي أنه يتلون في الشخصية كالحرباء فلا تلمس الفرق بين الواقع والتمثيل ولا يدانيك الشك في تصديق دوره أيا كان , , لمع في تمثيل الشر وجسد الخير بكل أريحية
برع في الشخصيات الغامضة والمركبة والسهلة البسيطة تلون فاروق الفيشاوي بألوان الطيف كلها وصدقناه في كل لون .

فاروق الفيشاوي الذي اختلفت عليه الأقوال والأراء لكن المشاهد والجمهور لا يراه الا بصورة واحدة ألا وهي صورة الفنان الناجح الذي يضفي وجوده قيمة عالية وتميزا نادر , ذلك الفنان القدير جدا الذي ظهر في مسلسل (أبنائي الأعزاء شكرا ) في دور الابن القاسي الأناني , ذلك المسلسل الزاخر الذي صدر لنا جيلا من الفنانين رسموا صورة مرحلة عمرية وحضارية بأعمالهم ومنهم : فاروق الفيشاوي الذي كان له الحظ الوفير من النجاح وتوالت الأعمال الفنية التي تثبيت كل يوم تعمق تلك الموهبة في هذا الفنان
حتى أنها ملكت عليه نفسه وحياته فأصبح لها تاثيرا واضحا على حياته الخاصة والاجتماعية .

و مالفت نظري هو أن القدير فاروق الفيشاوي كان يتميز بعدة صفات جميلة جعلته محبوبا جدا في الوسط الفني و على مستوى الجمهور العربي مثل التواضع والمحبة للناس أو ما يسمى (الجدعنه) و أنه دائما يقوم بالواجب نحو أصدقائه والمقربين ومن هذه الصفات التي تميز بها فاروق الفيشاوي هي الشجاعة

لمسنا شجاعته الفائقة في مواجهة المرض الذي أفضى إلى رحيله دون هوادة , كان شجاعا في تلك المواجهة بدءا من الإعتراف فقد أعترف لجمهوره بمرضه .

و المواجهة هي من أولى مراحل الشجاعة وأيضا شجاعة الاعتراف , وشجاعة الإعلان بكل قوة و إيمان و ثقة وأمل ,

فقد أعلن فاروق الفيشاوي في أكتوبر الماضي و في مهرجان الإسكندرية السينمائي أعلن في ذلك الحشد الهام أنه مصاب بالسرطان وأكد فاروق أنه ليس منزعجا من هذا الأمر وسوف يتعامل مع المرض على أنه صداع وأكد أنه على وعد أن يواجه و ينتصر على المرض و سوف يعود في العام المقبل إلى المهرجان و يشارك في تكريم زملاء وفنانين آخرين هكذا كان الأمل في قلب فاروق الفيشاوي يحذوه إلى ذلك الوعد الذي لم يمهله العمر أن يحققه أو أن يفي بوعده .

ورحل فاروق الفيشاوي كما رحل فنانو الزمن الجميل الذين يكادون يندثرون واحدا تلو الآخر آخذين معهم زمنهم الجميل وابداعاتهم التي لن يكررها الزمن

كان رجلا من الزمن الجميل يمتلك شجاعة المحارب الأصيل , وقوة الحر الفذ , و جسارة البطل المغوار واجه العدو اللدود ذلك المرض القاتل بكل تحدي ورضا في نفس الوقت تلك الجسارة التي جعلته يشرك جمهوره معه بل و يطمئن الجمهور حتى لا يحزن أو يقلق .

آثر فاروق أن يحمل آلامه بمفرده بكل تلك القوة والشجاعة , فاروق الفيشاوي رحمة الله عليه رحل عن عالمنا في فجر الخميس 25/ 7/ 2019 منتصرا على المرض برغم الرحيل .

تعامل مع المرض الخطير بكل هدوء و رضا على أنه محض صداع وسيزول وفعلا زال الألم و وبقي الاسم الجميل لرجل شجاع وفنان زاخر بالموهبة رحل المرض الآن وبقي الشجاع الذي لم يستطع أن يفي بوعده ويبقى .
ورغم الرحيل لكن سيبقى ذلك الاسم الشجاع ( فاروق الفيشاوي ) .

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.