فرصة تانية…قصة لـــ شريف القناوى
فرصة تانية…. “حياة “….
قصة لـــ شريف القناوى
عندما تبدأ ملامح الحياة فى الوضوح تتخيل انك تملكها وتملك اسرار مفاتيحها ،لكنك تنخدع بغرورك وانت لا تعلم عنها شيئا ، تسير وتجرى دون توقف كأنها ساقية تجرك خلفها دون اختيار ، لكنها فى لحظة تعلمك درس لا تنساه أو تكون فرصة للتوقف والتفكير فيما مضى . وكيف سيكون الحاضر والمستقبل ؟ .
تبدء الحكاية مثلها مثل أى قصة حياة تمتاز بالحركة السريعة مع روتين يومى نادرا ما يتغير ، ابدء يومى منذ الصباح الباكر كعادة تعودتها منذ سنوات طويلة لا اتذكر بدايتها ، حتى قبل أن ابدء دوامة العمل ، وبعده صارت حياتى مجموعة تروس تعمل فى نظام ثابت لم اشكو يوما لكن كنت أحاول أن أسير معها دون صراع مستسلم احاول ان أسبح فى اتجاه الأمواج أينما توجهت حتى وإن كانت بعيدة جدا عن اى شاطىء.
العمر مجرد ارقام مثل اوراق النتيجة تقطعها يوما بعد يوم وذكريات تتلاشى شيئا فشيئا ؛ جميل ان يكون لك أسرة صغيرة تعيش من أجلها وتكون مصدر سعادتك ، تصارع الوقت من أجلهم تعمل بلا شكوى أو تستلم يوما للتعب ، كانت ايامى متشابهة اعيشها مثلى مثل الجميع اوقات صعبة لا تحتمل وياتى يوم تتلون فيه الحياة بالوان السعادة ، ليكون المتنفس للعودة مرة أخرى للدوامة ، كانت ايام تظل الضغوط حبيسة الصدر كالقنبلة منزوعة الفتيل وتنتظر الانفجار ، حتى وإن انفجرت لا تخرج منه تترك اثر ويبدء العد لانفجار جديد ، هذه هى الحياة حالها مع الجميع كهذا ، اعتبرها حياة عادية لكن هناك نقطة تنكسر فيها كل الاحتمالات فما يحدث لم يكن من ضمن الخطوط المرسومة أو الطرق المعروفة فى هذه اللحظة تبدء القصة ، سوف احكيها من تلك النقطة لانها غيرت الكثير والكثير ، كل لحظة محفورة كأنها نقوش على الاحجار مهما مر الزمن لا تمحى .
فى يوم من ثلاث سنوات مازالت اتذكر كل لحظة فيه كأنه حدث بالأمس ما حدث كان البداية ؛ لم أكن أتخيل عندما صحوت باكرا كالعادة أن اليوم يحمل بين طياته العجائب وحين لبست وخرجت للشارع للانتهاء من متعلقات الحياة اليومية فهو اليوم الوحيد للاجازة من العمل والمتاح لتلبية احتياجات المنزل ، حتى وإن كنت احس بالإرهاق والتعب فهو يوم بعد اسبوع مزدحم حتى لمجرد التفكير فقط ، نزلت الشارع وكلى أمل أن انتهى من كل سريعا وأتمنى أن لا انسى حتى لا اضطر للنزول مجددا .
اسير بخطوات سريعة لا اعلم أن كانت عادة اكتسبتها ام إنجاز للوقت ؛ لكن فجأة ودون اى مقدمات ..!
تلك الارجل التى دوامت على السير سنين طويلة دون كلل أو ملل توقفت دون اى سبب ، لم أشعر بنفسى سوى على الأرض دون أن أعلم ما حدث ، مجرد ثوانى فقط وقفت مسرعا من على الأرض انفض التراب وتحركت مرة أخرى ولم يشغل تفكيرى ما حصل، فقد مر سريعا وتحركت عادى واكملت يومى عادى وكنت اعتبرته حادثة مؤقته وأنها غير مهمة حتى ليعرف اى احد بما حصل .
اليوم التالى صحيت من النوم لاستعد للذهاب الى العمل ؛ بمجرد أن وقفت شعرت بألم فى رجلى اول ما فكرت به هذا اثر الوقوع على الأرض وأنه موضوع طبيعى تناولت مسكن وذهبت الى العمل ، بصراحة المسكن كان كويس لكن كنت حاسس أنه فى حاجة غلط مفيش الم لكن حركة الرجل نفسها ابطى من العادى ، اكيد ده من أثر الخبطة كانت صعبة على الأرض احدث نفسى واطمنها أنه موضوع عارض ومساءلة وقت وتعود الأمور كما كانت ، احاول أن انسى وأكمل يومى دون تركيز فيها وأن دوامة العمل كفيلة أن تبعد تفكيرى فى الألم وبطئ المشى ؛ لكن لا الموضوع يزداد تدريجيا فكان لابد من مسكن مرة أخرى ، وللأمانة المسكنات احيانا لها مفعول السحر فى تخفى الالم لكن كما قلت سحر يخدع العيون وليس واقع ؛ هى تخفى ولكن لا تعالج تعطى الامل بلا طريق أو هدف .
اخدت نفسى للحظات وما حدث بعد ذلك خالف كل التوقعات..
ما كنت اعتقده أنه انتهى لم يكن سوى البداية ، عند العودة للمنزل أصبحت الأمور أكثر تعقيدا كان من الصعب طلوع درجات السلم وكان الموضوع شاق كأنه تسلق جبل شاهق وعر ، وبعد مجهود لم يكن امامى سوء الراحة من مجهود مميز اليوم وعدم الفهم لما يحدث وهل تأثير الوقوع الذى أدى لكل هذا ، لم اجد الإجابة وايضا لم اجد غير المسكنات لتخفف لكن هذه المرة كانت بلا مفعول الالم مستمر والوهن أصبح معظم الوقت ، لكن لم استسلم رغم طلب الجميع بالراحة ولابد من استشارة دكتور لمعرفة السبب لكنى كنت أكد على أنها فترة قصيرة وينتهى كل شئ ؛ فى اليوم التالى ذهبت إلى عملى لكن الموضوع كان أصعب مما أتخيل خصوصا صعود السلالم أو النزول وحتى الحركة نفسها كأنها شبه مستحيلة وقوتى تضعف أكثر فأكثر ولا استطيع الامساك أو التحكم فى يدى الأمر يزداد تعقيدا وعدم فهم أو أسباب منطقية لما يحدث .
اليوم فى العمل كان فى منتهى المشقة ليس بسبب العمل وضغوطه لكن احساسى باننى أصبحت تعديت عمر الثمانين وانا مازالت فى الاربعين ، الاعصاب أصبحت واهنة لا تقوى على حمل هذا الجسد والايدى أصبحت دون قوى تساعد فى الاستمرار والتحمل ، هنا قررت أن لابد أن أذهب للطبيب مع ضغوط الكل أن نعلم جميعا سبب ما يحدث ، بعد أن تم الحجز وقررت الذهاب للمنزل لتغيير ملابسى والتوجه إليه فى مواعيد العيادة ليلا ، تحاملت على نفسى ونزلت سلم العمل والى الشارع ولكن بمجرد انى حاولت اعبر الطريق للناحية الأخرى ؛ وقعت على الارض مرة أخرى لكن فى هذه المرة لم استطع الوقوف تجمع من حولى الناس بالشارع مع محاولات منهم أن أقف مرة أخرى ؛ لكن كان الوضع صعب جدا كاننى أصبحت قطعة من الخشب أو حجر يصعب تحريكه ؛جسمى كتلة واحدة رافض كل المحاولات وبعد عدة محاولات بدأت أقف مرة أخرى وزادت الحيرة بداخلى وولد معها قلق وتفكير مما انا فيه وأسبابه لكنها عدة ساعات واكون عند الطبيب لتشخيص كل ما يحدث واتمنى انها لا تتعدى اثار الوقوع الاول وأنه هو السبب ؛ هذا ما كنت اطمن به نفسى لكنى من داخلى مشتت تجول كل الأفكار بعقلى خائف من المستقبل وما يحمله من مفاجآت ….
فى المعياد ذهبنا الى الطبيب وفى المعياد دخلنا وبعد الكشف طلب اشاعات وتحاليل والعودة إليه مرة أخرى ..
وبدات فى إجراء المطلوب ولا أخفى سرا أننى كنت أخشى النتيجة والانتظار لحين ظهورها بالرغم انها ساعات قليلة إلا أنها كانت تمر كل دقيقة فيها كأنها عمر ؛ استلمت كل التحاليل والاشاعات والى الطبيب مرة أخرى وبعد فحصه لها أكد أن كل الاشاعات سليمة والتحاليل لا تحتوى سوء على ارتفاع السكر بالرغم من آمنة لست مريض سكر ، سألته هل هو السكر ما دامت كل التحاليل والاشاعات سليمة ،اجاب أنه من غير الممكن أن يكون السبب ولكن من الممكن السبب تأثير الوقوع اول مرة وكتب العلاج ومتابعة بعد فترة ، بالرغم من أنه كلام مطمن لكن لما أشعر أننى لست بخير واننى ضعيف وهن لا امتلك القوة حتى للكلام ، اخذت العلاج وانا اقنع نفسى بما قال وشعورى مجرد وهم وان مع العلاج كل الامور ستعود تدريجيا كما كانت ..
تبقى ما يشغلنى هو مرض السكر الذى ظهر حديثا دون سابق مقدمات قررت أن أذهب لطبيب لعرض موضوع السكر عليه والتحاليل لكتابة علاج له ، لكن كلامه كان فيه كل القلق أن حالتى ليست بهذه البساطة والسكر برئ منها لا يسبب اعراض مشابه لها ، وبعد فحص وتحاليل طلب منى أن أتابع مع طبيب آخر منتخصص بأمراض المخ والأعصاب وليس للعظام أو السكر دور فيما أمر وأشعر به .
وكان لابد من التحرك سريعا دون صبر بالتأكيد يشك فى أمر لا نعلمه كان يلح إن غدا صباحا لتأخر الوقت ليلا أن نتابع مع طبيب رشحه لنا نظرا لخبرته الطويله فى مجاله .
يمر الليل طويلا كأنه سلحفاة تحاول الوصول لنهاية سباق والدقائق مملة والشك والتوتر بدء يسرى فى كل مكان فى جسمى ، أعلنت شمس الصباح بداية يوم جديد وانا فيه اتنفس والتعب والقلق تملكت منى خائف من القادم رغم محاولة الجميع التخفيف وان الأمور ستكون بخير ، احاول أن اكون قويا لكن بداخلى اسئلة لا تنتهى ولا اطيق الانتظار لمعرفة الإجابة ، تم التواصل مع المستشفى والحجز لدى الطبيب المتخصص بأمراض المخ والأعصاب ، وجهزت للذهاب إليه وبداية رحلة حياة مليئة بالاحداث والمفاجات .
فى الطريق كانت الأفكار تسابق سرعة السيارة متلاحقة متشابكة ، الخوف تملك منى وبالرغم من انى اتمنى أن اصل بسرعة ومعرفة ما يحدث إلا أن كل جزء منى يحاول الاستعداد لما سيحدث حين أدرك سبب ما انا فيه.
الطريق لا تنتهى أم أن تفكيرى ابطى من سرعة الوصول
الى المستشفى ، وبعد وقت كنت امام الطبيب الذى طلب بدوره اشاعات وتحاليل أخرى بعد أن سمع من البداية ما حدث ؛ خرجت لعمل المطلوب والاتفاق على العودة إليه ليلا لانتظار ظهور نتيجة الأشعة والتحاليل ، كم كنت اتمنى النوم فاغمض عينى وتبدء الأفكار فى اللعب داخل عقلى كأنها لا تريد الراحة ولو لحظات بسيطة ، بعد انتظار استلمنا التقارير والتحاليل المطلوبة وكان لابد من الانتظار ليلا لمعرفة النتيجة .
حان الوقت والمعياد لمعرفة الحقيقة لما أعانى منه وعندما رأى الطبيب التحاليل والأشعة كأنه كان متوقع ما تحتويه وبكل هدوء أعلن الحقيقة أنه مرض نادر يحدث بنسبة ضئيلة لكن له برتوكول علاج إذا تم قبل مرور أسبوعين من الإصابة به لكن غير متوفر الا فى المستشفيات الكبرى وهنا لا يوجد مستشفى جاهزة لمثل حالتى ، وان التأخير فى التصرف بسرعة للعلاج عواقبها خطيرة قد تكون النهاية .
كل من حوالى فى حالة ذهول يتظاهرون بالقوة وإن كانوا من داخلهم لا يعلمون كيف نبدء أو من اين . يحاولوا إن يبثوا القوة والطمأنينة لقلبى ، وانا اسمع ما يدور من حولى وعقلى فى مكان آخر ، كأن الزمن توقف عند هذه الكلمات لا افكر فيما هو آت لكن شريط حياتى يعاد افكر فى كل حياتى التى مضت وان هناك الكثير ضاع منى دون أن ادرى ، كنت فى ساقية الحياة ادور كما تدور لا أتوقف للراحة أو النظر اين وصلت ، الكل من حولى يحاول أن يسابق الزمن وانا انظر لهم غير متأكد من النتيجة ، علمت قيمة التاج الذى كنت احمله دون أن ادرى عندما سقط من فوق رأسى ، الصحة لا تقدر بثمن حقيقى ، احاول أن اغمض عينى لحين البحث لمكان فيه العلاج قبل فوات الاوان ، لكن العين فعلا مغمضة والجوارح كلها تنبض نبضات ضعيفة تحاول التعلق بأمل فى الحياة ، كان الرأى أن أدخل هذه الليلة عناية مركزة لحين الوصول لمستشفى تتعامل مع مرضى ولديها برتوكول علاجى ، دخلت العناية كانت فيها العديد من الحالات تفصلنا مجرد ستارة من كل اتجاه ، اسمع ما يدور من حولى من اهات لالم لا تسكنه الأدوية والمسكنات ، انظر المحاليل المعلقة من حولى مخلوطة بالعديد من الحقن لمحاولة إبطاء ما يحدث ، ليت تلك الحقن تسكن عقلى لحظات عن التفكير أن تصم اذنى عن الاهات من حولى أن تبعد كل الأفكار التى تحارب أن استريح ولو لثوانى معددة ، اتمنى أن يسكن قلبى عن النبض مسرعا كاننى فى سباق طويل لا ينتهى أكاد أن أسمع صوت نبضى وهو يطرق على صدرى .
اعلن الصبح وصوله بالرغم من طول الليلة لكن مهما تحدثت وقلت هو شعور لا يوصف ، كان بعد عناء ومجهود من الجميع والذى أظهر فعلا كم هو حب من حولك وكيف هو الخوف عليك والدعوات الصادقة من قلوب بيضاء دون مصلحة أو هدف تحاول بكل جهد وتسابق الزمن معى ، شعور جميل ان ارى هذا الحب من حولى فى أضعف لحظات اعيشها كانت ضوء امل يشدنى إلى أن اتمسك بخيط الامل وان كان ضعيف لكنه موجود على الأقل .
تم الاتفاق مع مستشفى كبيرة بالقاهرة لها خبرة فى مثل حالتى وكان لابد أن يتم الانتقال بسيارة إسعاف مجهزة وكانت بدأت الحركة تقل ولا استطيع المشى وحدى دون مساعدة بدأت أضعف كأننى عجوز انهكته الايام ولم تترك فيه سوء روح فقط ، بدأت الرحلة والمسافة طويلة والاوجاع كثيرة بالرغم من محاولة التخفيف وان كنت احاول أن اضحك لكن بقلبى حمل تقيل وعقلى ممتلئ باسئلة لا تنتهى ، خمسة أيام فقط حدث فيها كل ما حدث دون مقدمات طويلة أو انذار سابق .
لما لا تنتهى الطريق .. لما لا تستطيع النوم بالرغم من كل التعب فى الأيام السابقة .. ما هو القادم .. عين تنظر وعقل يرفض الهدوء والاستسلام ، يحاول أن يفهم ما حدث وان يرضى بما هو قادم .
وصلت سيارة الإسعاف إلى المستشفى بعد رحلة طويلة لتبدء رحلة أخرى ..
عندما وصلت المستشفى بعد رحلة طويلة بالاسعاف كنت كالطفل الرضيع الذى ليس لديه القوة على الوقوف أو الحركة مجرد يد تتحرك فقدت القوة وأرجل لا تستطيع أن تحمل هذا الجسد ، ممدد بغرفة الطؤرى لحين الكشف المبدئى وإجراء كافة الفحوص والاشعات من جديد للتأكد من طبيعة المرض قبل البدء فى العلاج وبعد ساعات تم الانتهاء والتأكد بما لا يدع للشك من تشخيص الحالة وأنه لابد من التحرك سريعا للعلاج ،خلال لحظات صار جسدى نقطة اتصال لكل الأجهزة والمحاليل ، وتحت الملاحظة كل اليوم ، المحاليل لا تتوقف من التدفق لهذا الجسد الواهن ، الطريق صعب واللحظة فيه فارقة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، كانت أول ليلة فى العناية وحدى داخل جدران هذه الغرفة انظر لحالى ولا يتبقى ونيس معى غير صوت الأجهزة المتصلة بجسدى، شريط من الذكريات يتدفق لكل حياتى ، والخوف يسرى فى العروق مع المحاليل هل هى النهاية ، كيف كنت تدور فى ساقية الحياة دون توقف او شكوى ، لم تكن تتخيل يوما مثل هذه اللحظة ، بالرغم من الاهتمام الشديد والمتابعة من كل الأطباء والتمريض ، سيطرت الأفكار السوداء على عقلى اصارع إن اطردها لكنها احتلت المكان بالقوة ، وانا بلا سلاح أو قوة لاستعادتها مرة أخرى ، لا تمر ساعة دون عينات وتحاليل ، لأول مرة اشعر ان الليل لا ينتهى ،ومع مرور الوقت لم اعد أدرك الوقت ليل أو نهار ، بعد مرور يومين او ثلاثة من كميات من المحاليل والتحاليل بدء العلاج الفعلى بكمية حقن كبيرة تم تقسيمها على خمسة أيام حتى لا يرفضها الجسم مرة واحدة ، كان الجميع يحاول أن يرسم البسمة والاطمئنان لقلبى لكن عقلى يرفض الاعتراف يرى الطريق مسدودة وان نهايتها قريبة ، كيف لا وانا ممدد على السرير متصل بأجهزة صوتها يدل على الحياة ، وان حركتى كانت بالمساعدة حتى وإن كانت خطوات ، كان هناك محاولات أن أخرج من تلك النفسية السيئة ، بدل النوم كان هناك الجلوس بكل تلك الاسلاك أمام شباك الغرفة ، أرى منه الشارع وزحمة السيارات لكن كنت افكر هل سيأتى اليوم واعود كم كنت أسير وسط تلك السيارات واعبر الشارع أو اتمكن حتى من الرجوع القيادة مرة أخرى ، اوجاع تتزايد مع اسئلة لا تنتهى.
عندما ياتى الليل ويسود الهدوء المكان بالرغم من انى فى غرفة وحدى مثل كل الحالات فى المستشفى لكن صوت الالم والاهات يتسرب لباقى الغرف ، أنه الليل التى تتجمع فيه كل الالم تتجمع فيه كل المشاعر والأحزان فى اول الايام كنت اخاف من تلك الأصوات لكن يوم بعد يوم صارت جزء من ليلى .
بعد انتهاء برتوكول العلاج وجاء وقت الاستجابة لهذا الجسد الهزيل ، تبدء مرحلة أخرى تعتمد على أدوية وعلاج ومتابعة لكن يسبق كل هذا الإرادة والنفسية دونهم لا قيمة للعلاج لا قيمة لكل ما مضى أو ما هو آت ، اليوم ميلاد جديد أرى النور الحقيقى خارج الغرفة والمستشفى ،وعد من الأطباء اليوم ينتهى جزء من العلاج ويبدء الجزء الأهم خارج أسوار المستشفى ، جاءت لحظة الإفراج لكن قلبى رفض الفرحة أو هى كانت عليه كبيرة صار يدق سريعا لا اعلم من الخوف أو الفرح أو المرض كلها خيوط متشابكة ، تأجل الخروج لمعرفة سبب سرعته الزائدة لمدة يوم اخر مع إضافة علاج جديد له وعمل كافة الأشعة الخاصة بالقلب والشرايين ، يوم اخر كان اثقل من كل الايام لانه بعد الامل ولد الخوف من جديد ، لكن استجاب القلب للعلاج وبدء يهدء بين الضلوع ، لكن كم قلت هى نهاية مرحلة لبداية مرحلة جديدة أولها أن ارفض الاستسلام وان رفع الراية البيضاء يعنى النهاية دون مقاومة ، خرجت وانا كالطفل الصغير الذى بدء يتعلم المشى من جديد بدء يشعر بالنجاح مع كل خطوة يخطوها بمساعدة الآخرين ، كثيرا كنت نظرات العطف والحزن من الناس لكن حب من حولى كان الوقود الذى يشعل فتيل الحياة ، الحب الذى رأيته بصدق دون مصلحة ، حب صادق مع دعوات تدفعنى للامام ، تمر الايام والشهور وانا أخضع لعلاج طبيعى مع متابعة مستمرة للمستشفى مع الأدوية بدء النور يتغلب على الظلام الدامس بعقلى وبدات الحياة تعود لجسدى ليست كالسابق لكنها البداية للعودة ، البداية لفرصة تانية علمت فيها قيمة الحياة ، قيمة كل ما هو جميل فى حياتى كنت لا أراه مع زحمة ومشاغل الحياة ، أدركت أن السعادة الحقيقة مع من تحب ، وان الحب لا يشترى ابدا ولكنه كنز لا قيمة له وكلما مرت الايام عليه زادت قيمته ، مع الوقت بدأت اعود كما كنت لكنها رحلة لا تنتهى ، لكن تعلمت فيها الصبر وان للحياة قيمة كنت لا اعلمها حاول أن احافظ على كل شئ جميل كنت لا اعلم له قيمة فى السابق وأن لا ادع الدنيا تخدعنى مرة أخرى مهما كان .
تلك كانت الفرصة التانية التى كتبت لى واثق أن هناك داخل كل واحد فينا فرصة تانية غيرت من نظرته للحياة غيرت من طريقة التفكير ، أدرك معها معانى كانت مدفونة بين ساقية الايام ، تمسك بفرصتك ولا تدعها تمر مرور الكرام قد لا تراها مرة أخرى وتندم حتى آخر الحياة .
المزيد من المشاركات
شريف القناوى
مع حكاية وفرصة أخرى قريبا