فصل جديد في قصة واما… حين يغني الثلاثة من دون رابعهم

فصل جديد في قصة واما... حين يغني الثلاثة من دون رابعهم

فصل جديد في قصة واما… حين يغني الثلاثة من دون رابعهم

في مشهد امتزجت فيه العراقة بالتجدد، شهدت منطقة أهرامات الجيزة، مساء الجمعة 2 مايو، حدثًا فنيًا فريدًا، تمثل في إقامة أول حفل غنائي لفرقة “واما” بعد الانفصال الرسمي لأحد أعضائها المؤسسين، الموزع الموسيقي نادر حمدي.

كتب: هاني سليم 

لم يكن هذا الحفل مجرد عرض موسيقي تقليدي، بل شكل لحظة مفصلية في مسيرة فرقة بدأت قبل أكثر من عقدين، ومرت بمحطات فنية متعددة، حتى وصلت اليوم إلى مفترق طرق يفتح أبواب مرحلة جديدة.

وداع نادر حمدي.. نهاية فصل وبداية آخر

قرار نادر حمدي بالانفصال عن الفريق لم يكن مفاجئًا تمامًا، لكنه جاء بهدوء لافت، دون ضجيج إعلامي أو تصعيد، وهو ما يعكس عمق العلاقة الإنسانية والمهنية التي جمعت أعضاء الفرقة طوال سنوات طويلة. فبحسب مصادر مقربة، تم الانفصال بروح من التفاهم والاحترام، بعيدًا عن الصراعات أو التراشق المعتاد في مثل هذه الحالات، وكأن الجميع اتفق ضمنيًا على أن لكل مرحلة شروطها، ولكل فنان طريقه الذي يجب أن يسلكه حين يشعر أن الوقت قد حان.

نادر حمدي، الذي ارتبط اسمه بـ”واما” منذ تأسيسها عام 1998، يعد أحد أبرز الأسماء في مجال التوزيع الموسيقي في العالم العربي. وعلى مدار نحو 27 عامًا، أسهم بشكل كبير في تكوين الهوية الصوتية للفرقة، إلى جانب إسهاماته الغزيرة مع نجوم الطرب والموسيقى في مصر وخارجها. واليوم، بعد خروجه من “واما”، يبدو أنه عازم على التركيز أكثر على مسيرته الفنية الفردية، حيث عبر مؤخرًا عن فخره بالمشاركة في ألبوم “حبيبنا” للفنان أحمد سعد، مشيرًا إلى أنه يمثل نقلة نوعية في شكل الأغنية العربية المعاصرة.

تشكيل جديد.. واختبار جماهيري حقيقي

منذ لحظة إعلان الانفصال غير الرسمي، بدأت الأنظار تتجه إلى بقية أعضاء “واما” الثلاثة: أحمد فهمي، محمد نور، وأحمد الشامي. هل سيستطيعون الحفاظ على بريق الفرقة دون نادر؟ هل يمتلكون المقومات الفنية والانسجام الداخلي الذي يسمح لهم بكتابة فصل جديد من النجاح؟

أسئلة كثيرة كانت حاضرة في أذهان الجمهور والنقاد معًا، إلا أن فرقة “واما” قررت أن ترد بطريقتها الخاصة: عبر الموسيقى والمسرح. فاختارت واحدًا من أكثر المواقع التاريخية إلهامًا – أهرامات الجيزة – لتكون منصة أول حفل لها بعد التغيير الكبير. المكان لم يكن عشوائيًا، بل جاء كرسالة واضحة مفادها أن الفرقة تستند على إرث فني صلب، وأنها رغم التحديات، قادرة على الصمود والنهوض.

الحفل الذي شاركت فيه النجمة اللبنانية نانسي عجرم كضيفة شرف، جاء ليؤكد أن “واما” ما زالت تتمتع بجاذبية جماهيرية وقدرة على جذب أبرز الأسماء في الساحة العربية. أداء الفرقة اتسم بالحيوية والتماسك، وسط تفاعل كبير من الجمهور، الذي بدا منقسمًا بين الحنين إلى التشكيل القديم، والتفاؤل بما تحمله المرحلة الجديدة.

التحولات في المشهد الفني.. والفرص الكامنة

انفصال نادر حمدي لا يُنظر إليه فقط كمجرد خروج عضو من فرقة، بل يُمكن قراءته ضمن سياق أكبر يشهده المشهد الفني العربي، حيث أصبحت الفرق الموسيقية مطالبة بإعادة تعريف نفسها باستمرار، لمجاراة أذواق متغيرة، وسوق موسيقي بات أكثر ديناميكية من أي وقت مضى.

في هذا السياق، قد يشكل انطلاق “واما” بتشكيلها الثلاثي فرصة لتجديد الأسلوب الغنائي، وربما تبني رؤى إنتاجية أكثر تنوعًا. فرغم أن نادر حمدي كان يشكل حجر أساس في الهوية الموسيقية للفرقة، فإن غيابه قد يفسح المجال أمام ظهور أصوات جديدة داخل الفريق، سواء على مستوى التوزيع أو حتى الأفكار الغنائية.

ومن جهة أخرى، يبدو أن الفرقة تعي جيدًا أن الاستمرار لا يعني فقط الحفاظ على التراث، بل أيضًا مخاطبة الأجيال الجديدة. فاليوم، لم يعد النجاح مقترنًا بالمبيعات أو الحفلات فقط، بل بحجم التفاعل الرقمي، ونجاح الأغاني على منصات البث، وتنوع المحتوى المرئي والمسموع.

نادر حمدي.. صفحة جديدة في مسيرة حافلة

بعيدًا عن الفرقة، يبدو نادر حمدي في طريقه لرسم ملامح جديدة لمشواره الفني. فقد عبّر مؤخرًا عن سعادته بنجاح أغانيه مع أحمد سعد، مثنيًا على قدرة الفنان على كسر النمط التقليدي، وتقديم أعمال مبتكرة تلامس إحساس الجمهور. ورغم خروجه من “واما”، فإن كثيرين يرون أن مسيرته الفردية قد تشهد ازدهارًا أكبر، خاصة في ظل خبراته المتراكمة وشبكة علاقاته الواسعة في صناعة الموسيقى.

لا يُستبعد أيضًا أن نادر يستعد لإطلاق مشاريع مستقلة، ربما تتضمن إنتاج فرق جديدة، أو تجارب فنية مع فنانين شباب، مستفيدًا من خبرته الطويلة في التوزيع والإنتاج. وفي حال قرر العودة يومًا للتعاون مع “واما”، حتى ولو بشكل محدود، فإن ذلك سيكون حدثًا فنيًا لافتًا، نظرًا لرمزية العلاقة التي جمعت الطرفين لعقود.

ما الذي ينتظر “واما”؟

في النهاية، تبقى الأسئلة مفتوحة حول قدرة “واما” على مواصلة النجاح وسط هذا التحول الكبير. هل ستحافظ الفرقة على لونها الغنائي المميز؟ هل ستنجح في جذب جمهور جديد دون أن تفقد جمهورها القديم؟ أم أن التحديات ستفرض عليها تغييرات أعمق في الرؤية والأداء؟

المزيد: المسلماني: يهنئ خالد البلشي بفوزه بمنصب نقيب الصحفيين لدورة جديدة

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.