فنانين أتوا ورحلوا عن عالمنا في زيارة خاطفة
بقلم المؤرخ الفني د/ أحمد عبد الصبور
صدق من قال العمر لحظة ، فكم من حياة إنسان طويلة ولكنها فارغة لا تجد فيها ما تذكره ، وكم من حياة إنسان قصيرة ولكنها ممتلئة بالأحداث المثيرة والمدهشة والتي ترى فيها غرائب وعجائب أمور الدنيا مما تجعله خالد في ذهن كل الناس وهنا نذكر فنانين أتوا ورحلوا عن عالمنا في زيارة خاطفة ولكن بالرغم من ذلك فقد أختاروا الخلود .
فدائماً يسعى الفنانون لمنحهم الفرصة ليحققوا ما يحلمون به من نجومية ، فتتنوع أدوارهم في أكثر من مرحلة عمرية ، ليعطوا كل ما لديهم لجمهورهم ، لكن الحقيقة أن خلود الفنان بعد وفاته لا يشترط أبدا أن يكون قد عاش طويلًا في هذه الحياة ، وفي السطور التالية قصص لنجوم خطفهم الموت وهم لايزالون يخطون خطواتهم الأولى في النجومية ، لكنهم حفروا لهم مكانًا في القلوب والعقول .
الضيف أحمد : ضيف على الدنيا
يقال أن لكل إنسان نصيب من أسمه ، وربما تنطبق هذه المقولة بشكل كبير على الفنان الضيف أحمد ، والذي حل ضيفًاً على الدنيا في سنوات قصيرة ، ثم رحل عنها ، وعلى الرغم من عمره الفني القصير، إلا أنه نجح من خلال فرقة ثلاثي أضواء المسرح مع سمير غانم و جورج سيدهم أن يقدم لونًا كوميديًا مميزًا لا يشبه أحدًا في تلك الفترة ، ولم تقتصر موهبة الضيف أحمد على التمثيل فقط ، إذ أشتهر بمواهبه المتعددة في الغناء والتلحين والتأليف والإخراج أيضاً ، فكتب قصة فيلم ربع دستة أشرار الذي قام ببطولته فؤاد المهندس و شويكار، كما أخرج مسرحيتين هما ” كل واحد وله عفريت” و” الراجل اللي جوز مراته”، بالإضافة لتلحينه جميع إسكتشات فيلم 30 يوم في السجن .
تزوج الضيف أحمد قبل وفاته بثلاث سنوات فقط ، وأنجب طفلته الوحيدة رشا، وقبل وفاته بستة أشهر أشترى قطعة أرض في قريته له ولأشقائه كرمز للوفاء العائلي ، ولكنه لم يستطع أن ينتهي من بناء المنزل ، حيث توفي قبل أن يحقق أمنيته. وللمصادفة ، فإن آخر مسرحية أخرجها الضيف أحمد وكانت بعنوان “الراجل اللى جوز مراته” تسخر من الموت في كل فصولها ، حيث تنتهي تلك المسرحية المقتبسة عن مسرحية لكاتب أمريكي بعنوان “القبض على الموت” بوفاة البطل ، الأمر الذي تحقق بالفعل في الحياة ، فبعد ساعات قليلة من إجراء إحدى البروفات الأخيرة للمسرحية ، عاد إلى منزله وبدأ عليه الإرهاق الشديد ، ثم أصيب بنوبات من الإختناق ، وشعر بآلام حادة في الصدر، ونقله الجيران إلى مستشفى العجوزة ، حيث فارق الحياة وهو في الطريق متأثرًا بسكتة قلبية ، وكان عمره حينها 34 عامًا فقط .
عماد عبد الحليم : قتلته المخدرات
عندما رأى العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ الطفل عماد الدين علي سليمان صاحب الـ12 عامًا يغني في أحد الحفلات ، وقرر تبنيه ماديًا ومعنويًا ، وأعطاه أسمه ليكون خليفته في الغناء ، لم يتوقع أن تكون نهايته مأساوية بهذا الشكل .
لم يكن يحلم عماد عبد الحليم ببداية أفضل من هذه ، فالعندليب الأسمر قدمه في حفلة الربيع عام 1973، بعدها بدأ يشق طريقه ، وأستطاع خلال سنوات قصيرة أن يثبت نفسه في المجال الفني ، فقدم العديد من الأغاني الرائعة التي لانزال نتذكرها حتى الآن ، منها “ليه حظي معاكي يا دنيا كده” و”مهما خدتني المدن”، ولم يقتصر نشاطه الفني على الغناء فقط، فقدم 4 أفلام هم : كرامتي ، حياتي عذاب ، الإخوة الغرباء ، عذاب الحب ، كما شارك بالتمثيل والغناء في مسلسل الضباب ، بالإضافة لمشاركته في ثلاث مسرحيات .
وعلى الرغم من نجاحه في المجال الفني ، إلا أن سلوكه الشخصي قضى عليه ، حيث أتجه للمخدرات التي دمرت حياته ، وفي سن الخامسة والثلاثين عُثر على جثته ملقاة على ناصية شارع البحر الأعظم بالجيزة ، حيث كان يقيم بتلك المنطقة .
عمر خورشيد : سر السيارة التي قضت عليه
ربما كان أهم ما ميز الفنان عمر خورشيد أنه حقق في سن صغير ما يمكن أن يحققه شخص آخر في عشرات السنوات، فعندما نتأمل مشوار حياة ساحر الجيتار كما كان يطلق عليه ، نجد أنه منذ بدايته أستطاع أن يثبت نفسه في عالم الفن ، فيكفي أنه عمل عازفًاً في فرقة أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وهو لا يزال صغيرًا في السن ، مما أعطاه شهرة كبيرة، وحتى بعد وفاتهما لم يتوقف مشوار عازف الجيتار الأشهر في مصر، إذ كون فرقة موسيقية خاصة به ، وحقق نجاحًا كبيرًا سواء داخل مصر أو خارجها ، مما دفع الرئيس السادات إلى إختياره مع فرقته الموسيقية للمشاركة في الحفل الذي أقيم للإحتفال بتوقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل .
لم يقتصر نجاح عمر خورشيد على ذلك فقط ، فنظرًا لوسامته أختطفته السينما ليقدم حوالي 17 فيلمًا ، حصل في بعضها على البطولة المطلقة، كما قام بتأليف الموسيقى التصويرية لأكثر من 50 فيلمًا و15 مسلسلًا .
وإذا كان عمر خورشيد حقق في حياته العملية الكثير، فإن حياته الخاصة كانت أيضا حافلة رغم عمره القصير، فقد تزوج 4 مرات أولهم من خارج الوسط الفني من السيدة أمينة السبكي ، ثم الفنانة ميرفت أمين ، أما زوجته الثالثة فكانت خبيرة المكياج اللبنانية دينا ، ثم تزوج الفنانة مها أبو عوف ، وكان حينها لايزال متزوجًا من دينا .
وفي ظل هذه الحياة الحافلة على جميع المستويات، كانت النهاية المفاجئة ، ففي الثلاثين من مايو عام 1981 توفي في حادث سيارة أليم في طريق الهرم ، وكانت معه في السيارة زوجته دينا التي أصيبت بإصابات بالغة ، وكان عمره 36 عامًا فقط ، وقد تعددت الروايات بشأن حادث وفاته ، وأثيرت شائعات عديدة بأنه قد يكون مدبرًا .
عمر فتحي : أزمة قلبية حادة
عندما ظهر الفنان عمر فتحي على الساحة ، وقدم أولى أغنياته بعنوان “أتقابلوا ناس كتير” عام 1977 توقع له الجميع أن يحقق النجاح والشهرة والنجومية ، وتنبأ له مكتشفه الشاعر عمر بطيشة أن يكون خليفة العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ ، وبالفعل حقق جماهيرية عريضة في بداية الثمانينات ، وقدم العديد من الأغنيات الجميلة منها “على إيدك”، “على سهوة”، “أبسط يا عم”، وقد أطلق الجمهور عليه “مطرب الشباب” و”صوت المرح” نظرًا لأن أغنياته تتسم بخفة الظل .
وكغيره من المطربين الذين يتجهون للتمثيل إستثمارًا لنجاحهم في الغناء، قدم عمر فتحي فيلم رحلة الشقاء والحب مع محمود ياسين و شهيرة ، كما قدم مسلسلين هما حسن ونعيمة مع شريهان ، وسيدة الفندق مع يسرا و كمال الشناوي .
وفي عز هذا النجاح ، أكتشف الأطباء إصابته بضيق في الشريان التاجي ، وأن قلبه في خطر، وعلى الرغم من مرضه ، إلا أنه لم يسلم من الإتهامات بإدعاء المرض لكي يحقق مزيدًا من الشهرة والنجومية ، ولكن هذا لم يكن حقيقيًا ، حيث توفي في سن الرابعة والثلاثين إثر إصابته بأزمة قلبية حادة .
هالة فؤاد : ماتت بالسرطان
عندما يذكر أسم هالة فؤاد نتذكر على الفور هذه الفنانة الرائعة ذات الوجه الملائكي والضحكة الجميلة ، والتي أمتعتنا بمجموعة من الأعمال المتميزة رغم سنوات عمرها القصيرة ، فمن منا يستطيع أن ينسى فوازير المناسبات مع يحيى الفخراني و صابرين ، والتي أثبتت من خلالها أنها نجمة إستعراضية وكوميدية ، أو أدوارها في أفلام مثل الأوباش ، حارة الجوهري، السادة الرجال ، سجن بلا قضبان ، بالإضافة لعدد آخر من الأفلام والمسلسلات .
وإذا كانت هالة فؤاد أمتعتنا على الشاشة بأدوارها الجميلة ، فإن حياتها الخاصة لم تكن بمثل هذه السعادة التي ظهرت بها في أعمالها ، وخاصة في سنواتها الأخيرة ، فعقب طلاقها من الفنان أحمد ذكي بعد إنجابها أبنها هيثم ، حاولت التغلب على أحزانها بسبب الطلاق ، فكان قرارها بالزواج من الخبير السياحي عز الدين بركات ، والتي عاشت معه فترة سعيدة ، وأنجبت أبنها الثاني رامي ، ولكن هذه السعادة لم تستمر كثيرًا ، فبعد إنجابها لأبنها عانت من مضاعفات الولادة المتعسرة، وأصيبت بجلطات في رجلها ، وكانت على وشك الموت ، حتى تم إنقاذها في اللحظات الأخيرة .
بعد هذه التجربة قررت هالة فؤاد إرتداء الحجاب وإعتزال التمثيل والتفرغ لحياتها الأسرية ، وقالت أن هذه التجربة علمتها بأن الحياة قصيرة ، ولكنها بعد فترة من إعلان الإعتزال أصيبت بسرطان الثدي ، وبدأت رحلة علاج طويلة بفرنسا ، وتم علاجها لفترة مؤقتة ، ثم عاودها المرض مرة أخرى فواجهته بشجاعة وإيمان ، وفي أواخر أيامها توفي والدها المخرج أحمد فؤاد ، فساءت حالتها النفسية والصحية ، ودخلت في غيبوبة متقطعة حتى رحلت عام 1993 عن عمر يناهز 35 عاماً .
أسمهان : لغز الوفاة
عندما تتأمل حياة الفنانة أسمهان لا يمكن أن تصدق أنها عاشت 27 عامًا فقط ، فحياتها كانت مليئة بالأحداث والشائعات والحكايات، وما بين الفن والسياسة وقصص الحب والزواج، عاشت صاحبة الصوت الملائكي والتي قال عنها الكاتب الصحفي الكبير مصطفى أمين أنها إمرأة ساحرة تتصرف وكأنها في زيارة خاطفة إلى الدنيا ، وأن كل تصرفاتها كانت تدل على ذلك ، فقد كانت تبكي مع كل إحتفال جديد بعيد ميلادها ، وتقول أنه آخر عيد ميلاد لها ، وكأنها كانت تشعر بإقتراب الموت ودنو الأجل .
عاشت أسمهان حياة صاخبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، تزوجت ثلاث مرات ، الأولى من الأمير حسن الأطرش التي أنجبت منه أبنتها الوحيدة كاميليا ، ثم أحمد بدرخان مخرج فيلمها الأول إنتصار الشباب ، وأخيرا الفنان أحمد سالم ، كما ربطت الإشاعات بينها وبين العديد من السياسيين والفنانين والصحفيين ، وقيل أيضا أنها كانت جاسوسة للمخابرات البريطانية ، وقد جاء موتها ليكتب نهاية رحلتها المثيرة للجدل ، ففي أثناء تصوير فيلم غرام وإنتقام ، طلبت راحة قصيرة من الفنان يوسف وهبي التي كانت تشارك معه بطولة الفيلم وكان أيضاً منتج الفيلم ، فقررت إصطحاب صديقتها ماري قلادة في أجازة برأس البر، وأثناء مرور سيارتها على ترعة بالطريق ، قيل أن إنحرفت عجلة القيادة ، وغرقت أسمهان وصديقتها ، ولكن لم ينج سوى السائق الذي أختفى ولم يعرف سر إختفائه حتى الآن ، مما أثار العديد من علامات الإستفهام ، وقيل أن الحادث كان مدبرًا، وقد تعددت الروايات حول هذا الأمر، فقيل أن المخابرات البريطانية أرادت التخلص منها ، بينما قالت روايات آخرى أن الملكة نازلي كانت وراء تدبير الحادث بسبب غيرتها منها على أحمد حسنين ، كما أنطلقت شائعات تتهم أم كلثوم بالضلوع فى تدبير هذا الحادث للتخلص من أسمهان التي نجحت فى تكوين شعبية كبيرة بصوتها الساحر .
كاميليا : من قتلها ؟
ربما تتشابه قصة حياة كاميليا وأسمهان في كثير من فصولها ، فالنجمتان كانت رحلتهما مع الفن والحياة قصيرة ، كما تم إتهامهما بأنهما عميلتان لمخابرات أجنبية ، وبالإضافة لذلك فقد كانت نهايتهما مأساوية .
كان الجمال جواز مرور كاميليا لعالم الشهرة والنجومية ، حيث تعرفت على المخرج أحمد سالم وبعده يوسف وهبي الذي أعطاها أول فرصة للعمل بالسينما من خلال فيلم القناع الأحمر، ثم توالت بعدها الأفلام ، حتى وصل عدد الأفلام التي قدمتها لـ19 فيلم مع أهم نجوم السينما المصرية.
وإذا كانت كاميليا حصلت على الشهرة والنجومية في وقت قصير، فإنها عانت في نفس الوقت من الشائعات التي لم تتركها طوال سنوات عمرها القليلة ، فبسبب ديانتها اليهودية قيل أنها كانت تعمل لصالح إسرائيل وأنها عميلة للموساد ، كما ربطت الإشاعات بينها وبين العديد من المشاهير، وفي مقدمتهم الملك فاروق ، ولم يعرف أحد حقيقة هذه القصص والروايات التي نسجت حولها .
وقد جاءت نهايتها المأساوية مثيرة للجدل مثل حياتها ، فقد كانت تريد السفر لإجراء فحوصات طبية في سويسرا بسبب تعرضها لألم متكرر في المعدة ، لكنها لم تجد مكاناً في الطائرة ، وفي المساء أتصل بها موظف المطار وأخبرها بتنازل أحد الركاب عن مكانه ، ولم يكن هذا الراكب سوى الكاتب أنيس منصور، وبالفعل سافرت بالطائرة ، ولكنها أحترقت بعد إقلاعها مباشرة في حقول الدلنجات بمحافظة البحيرة ، لترحل عن عمر 31 عامًا ، وقد أشيع بعد موتها أن إسرائيل كانت وراء مصرعها بعد أن أستنفذت أغراضها منها ، كما قيل أيضا أن الملك فاروق كان وراء موتها .
نعيمة عاكف : لهاليبو التي ماتت بالسرطان
عندما نتحدث عن الأفلام الإستعراضية وخصوصًا في الزمن الجميل للسينما في الخمسينات والستينات ، نتذكر على الفور نعيمة عاكف ، النجمة الاستعراضية الأولى في زمانها ، والتي أستطاعت على مدار 15 عامًا فقط هى عمر مشوارها الفني أن تملأ الدنيا غناءً ورقصًا وتمثيلًا .
كانت نعيمة عاكف شخصية محبة للحياة ، تتمتع بخفة الظل والمرح ، وهو ما أنعكس على طبيعة أدوارها ، حيث كانت تقدم شخصية الفتاة المرحة خفيفة الظل التي ترقص وتغني وتقلد ، وعلى الرغم من ذلك فإن حياتها الخاصة خصوصاً في سنواتها الأخيرة لم تكن بمثل هذه السعادة التي كانت تظهر بها على الشاشة ، فبعد طلاقها من مكتشفها المخرج حسين فوزي الذي قدمت معه 15 فيلم بسبب غيرته الشديدة عليها ، تزوجت من المحاسب صلاح الدين عبد الحليم ، وأنجبت أبنها الوحيد محمد ، ولكنها بعد فترة شعرت بآلام حادة في المعدة ، وتم تشخيص المرض على أنه سرطان ، ونُقلت للمستشفى ، حيث ظلت بها أكثر من شهر، ثم تحسنت صحتها، ولكن المرض عاودها مرة أخرى بشكل أكثر شراسة ، فكان لابد أن تسافر للعلاج بالخارج ، وبالفعل تقرر سفرها على نفقة الدولة ، إلا أن صحتها لم تكن تسمح بالسفر، وبعد فترة قصيرة رحلت عن الدنيا عن سن 37 عامًا ، وكانت آخر كلمة نطقتها أسم أبنها محمد .
سيد درويش : وفاة غامضة في سن 31
كان الموسيقار العظيم سيد درويش معجزة فنية يصعب تكرارها كثيراً في عالمنا ، وعلى الرغم من حياة الرجل القصيرة ، حيث توفى شابًا في سن 31 ، إلا أنه أستطاع أن يحدث ثورة في الموسيقى الشرقية ، وأستحق بجدارة لقب باعث النهضة الموسيقية ، وحتى الآن لا تزال أغانيه التي أبدعها منذ أكثر من 100 عام حاضرة بيننا ، فإلى الآن لانزال نردد “زوروني كل سنة مرة”، “أنا هويت وأنتهيت”، و”أهو ده اللي صار”.
وقد جاءت وفاة فنان الشعب كما أُطلق عليه بشكل مفاجىء، مما سبب صدمة لكل محبيه وعشاقه ، حيث سافر يومها إلى الإسكندرية ليكون فى إستقبال سعد زغلول العائد من المنفى ، وليُحفظ طلاب وطالبات المدارس النشيد الذى لحنه لإستقباله ، ولكنه أصيب بنوبة قلبية مفاجئة مساء العاشر من سبتمبر عام 1923، وفى وسط الإحتفالات الشعبية المقامة فى الإسكندرية لإستقبال سعد زغلول لم يشعر أحد بوفاة أعظم عبقرية مصرية ظهرت فى العصر الحديث ، وشيعت جنازته بشكل متواضع لم يشيعه فيه إلا عدد قليل جداً من أهله وأصدقائه ، وتضاربت الأقوال حول سبب الوفاة ، قيل أنه مات نتيجة تعاطيه جرعة زائدة من مخدر الكوكايين الذى كان منتشرًا فى مصر خلال تلك الفترة ، وقيل أنه أصيب بأزمة قلبية مفاجئة بسبب الجهد الكبير الذى بذله فى لحن “بلادي بلادي” لإستقبال الزعيم العائد من المنفى ، قبل أن تعلن أسرته صراحة أنه تعرض لعملية تسمم مقصودة من قبل السلطة بالتعاون مع الإحتلال البريطاني بسبب موقفه المؤيد لثورة 1919، لكن تعددت الأسباب والموت واحد .
علاء ولي الدين : قلبه كان حاسس
على الرغم من حالة البهجة والسعادة التي كان يظهر بها دائمًا الفنان علاء ولي الدين ، إلا أنه في حياته الخاصة كان دائم الحديث عن الموت ، وكان يقول لأصدقائه والمحيطين به أنه سيموت مبكرًا، حتى أنه قبل وفاته بشهور قام بشراء مقبرة ، وعندما تعجبت والدته قال لها “ده البيت الأخير اللي هنروح فيه”، كما أشترى من السعودية المسك الذي يُغسل به الموتى ، وأوصى أخاه إذا مات أن يغسلوه به.
لم يكن مشوار علاء ولي الدين مع النجومية سهلًاً ، إذ عانى كثيرًا حتى يصل للبطولة المطلقة ، ولسنوات طويلة ظل يقدم أدوارًا ثانوية حتى نجح بإجتهاده وموهبته في الحصول على البطولة المطلقة في فيلم عبود على الحدود ، ثم تبعه بفيلم الناظر الذي حقق إيرادات تعدت 18 مليون جنيه ، وفي هذا الوقت كان ذلك يعد نجاح باهر .
وفي ظل هذا النجاح الكبير الذي حققه ، فوجىء الجميع بوفاة الفنان الكوميدي الجميل في أول أيام عيد الأضحى ، فبعد أدائه صلاة العيد مع أسرته ، وتوزيعه اللحوم على المحتاجين ، ذهبت روحه إلى بارئها ، وكان سنه 40 عامًا ، وأرجع الأطباء وفاته بسبب نوبة السكر المفاجئة التي أودت بحياته ، حيث كان الراحل يعاني من مرض السكر منذ أن كان في التاسعة عشرة من عمره .