فى الذكرى الـ74 لتأسيسها..ستظل جامعة الدول العربية بيتا للعرب ورمزا لوحدتهم

هبة علي

جامعة الدول العربية هى بيت العرب الكبير الذى يجسد حلم الوحدة العربية على مستوى الشعوب والحكومات، وحدة فكرية وثقافية قوامها اللغة العربية والدين والتاريخ والمصير المشترك..إنها أقدم منظمة إقليمية فى العالم وأول منظمة عربية فى تاريخ العرب الحديث والمعاصر، تم تأسيسها لتعبر عن تطلعات الشعوب وآمالها فى تحقيق استقلال واستقرار منشود والحفاظ على الهوية العربية وسط تحديات داخلية وخارجية كبيرة.

 تحتفل جامعة الدول العربية في 22 مارس من كل عام بذكرى تأسيسها في عام 1945، فمنذ إعلان نشأتها والتوقيع على الميثاق الخاص بها، مرت الجامعة العربية بأحداث تاريخية شهدتها المنطقة نجحت في التعامل مع بعضها وفشلت أحيانا أخرى، إلا أنه شئنا أم أبينا فإن سجل الجامعة يحوي إنجازات تجعل منها كيانا عربيا مهما رغم الصعوبات والأزمات التي تعصف بالمنطقة العربية على مر العقود .

فيعود تأسيس جامعة الدول العربية إلى 74 عاماً، وتكمن المفارقة فى أن الدعوة لتأسيس هذا الكيان العربى جاءت من المحتل البريطاني وقتها ، ففي 29 مايو 1941 صدر بيان من وزير الخارجية البريطاني أنتوني إيدن أعلن فيه تأييد حكومة بلاده آمال الوحدة العربية طالما تحظى بإجماع عربي.

النحاس

وتزامنا مع هذه الدعوة، ألقى مصطفى النحاس رئيس الوزراء المصري آنذاك خطابا في مجلس الشيوخ عام 1942 أعلن فيه سعي مصر إلى عقد مؤتمر للقادة العرب لبحث أمر الوحدة العربية، وأعقب ذلك اجتماعه مع كل من جميل مردم بك رئيس الوزراء السوري وبشارة الخوري رئيس الكتلة الوطنية في لبنان بهدف إنشاء جامعة عربية تحتضن كافة الدول العربية وترعاهم.

وفي السابع من أكتوبر 1944 تم التوقيع على بروتوكول الإسكندرية من قبل رؤساء حكومات مصر ولبنان وشرق الأردن وسوريا والعراق، الذي نص على عدد من المبادئ حول إنشاء وتسيير المنظمة التي ستجمع الدول العربية المستقلة، وهي المبادئ التي تضمنها ميثاق الجامعة فيما بعد، والذي تألف من 20 مادة، وتم الاتفاق على تسمية المنظمة الوليدة “جامعة الدول العربية”، بعد مناقشات مستفيضة لثلاث تسميات مقترحة، التحالف العربي، والاتحاد العربي، والجامعة العربية .

وشهد يوم 22 مارس 1945م نشأة جامعة الدول العربية كمُنظمة دولية إقليمية  تضم كافة الدول العربية في آسيا وإفريقيا تسعى فيما بينها إلى مساعدة بعضها البعض، وقد نص ميثاقها على دعم الروابط بين الدول العربية وتوطيدها، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقاً للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفة عامة في شئون البلاد العربية ومصالحها على أساس الاحترام والاستقلال والسيادة.

عزام باشا

ضمت الجامعة في بدايتها سبع دول تتمتع بالاستقلال السياسى وهى مصر وسوريا وشرق الأردن ولبنان والعراق واليمن والمملكة العربية السعودية، كما تم اختيار عبد الرحمن باشا عزام كأول آمين عام لهذه الجامعة وتولى المنصب حتى عام 1952، إلى أن وصل عدد الدول الأعضاء إلى 22 دولة حاليا .

هذا ويحق لأي دوله من خارج إقليم العروبة أن تدخل في جامعة الدول العربية ولكن ليس كعضو فيها وإنما بصفة مراقب كدولة الهند، وفنزويلا، وأريتيريا، وتتكون جامعة الدول العربية من ثلاثة فروع رئيسة وهي مجلس الجامعة والأمانة العامة واللجان الدائمة ، ومقرها القاهرة، وتولى منصب أمين عام الجامعة 6 أشخاص منذ إنشائها، كلهم مصريون، باستثناء القليبي الذي كان تونسيًا، وحاليا يشغل أحمد أبو الغيط هذا المنصب.

أبو الغيط2

وتمثلت أهداف الجامعة في تعميق التعاون العربي في كافة المجالات الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، والبشرية، والسياسية، والأمنية، وغير ذلك من المجالات المتنوعة، وبالفعل تم عقد عدة اتفاقيات لتعميق وترسيخ التعاون العربي المشترك،

كما ضمت عددا من اللجان الدائمة التي تتلخص مهمتها في تحقيق التعاون بين البلاد العربية في شكل مشروعات واتفاقيات تعرض على المجلس للنظر فيها تمهيداً لعرضها على البلاد العربية، ومنها  اللجنة السياسية والاقتصادية والمالية، ولجنة شئون المواصلات، والثقافية، والقانونية ،والاجتماعية، واللجنة الصحية ولجنة الإعلام العربي ولجنة حقوق الإنسان.

وشهدت منذ تأسيسها انعقاد ما يقرب من 42 قمة عربية، من بينها 29 قمة عادية، و10 قمم طارئة فضلا عن 3 قمم اقتصادية.

ومن أبرز إنجازات الجامعة منذ تأسيسها  إقناع الدول الأعضاء بالتدخل العسكري في فلسطين مايو 1948، وتسوية النزاع بين الكويت والعراق 1961 ، وتقديم وتأمين الدعم العسكري لمصر وسوريا قبل حرب 1973، وموقف الجامعة الدائم والرافض لاعتراف الغرب بتهويد القدس ، ودورها في ملف الصراع مع إسرائيل والقضية الفلسطينية التى تحتل الصدارة فى اجتماعات المنظمة حيث تم إصدار العديد من القرارات التي تؤكد حق الشعب الفلسطيني وسيادته على أرضه التي احتلت عام 1967 ،مؤكدة أن القضية الفلسطينية ستظل القضية المحورية للأمة العربية إلى أن تتحرر كافة الأراضي المحتلة.

كما تقوم الجامعة بجهود كبيرة لتنسيق السياسات الاقتصادية العربية ، لتعزيز التكامل والتعاون الاقتصادي بين الدول العربية والسعي لإقامة سوق عربي مشترك، فضلا عن أنها تلعب دورا هاما في صياغة وإطلاق العديد من الاستراتيجيات المشتركة التي تهدف إلى النهوض بدور المرأة في المجتمعات العربية وتعزيز رعاية الطفولة والأمومة ومحو الأمية وتشجيع برامج الشباب والرياضة، والحفاظ على التراث الثقافي العربي، إلى جانب التعاون الأمنى في ظل ما تشهده المنطقة من تحديات غير مسبوقة بدء بالإرهاب والتدخلات الخارجية مرورا بمحاولات النيل من هوية الأمة واستقرار مجتمعاتها.

مقر الجامعة

كان لمصر دور فعال فى جامعة الدول العربية منذ نشأتها وحتى اليوم كأداة رئيسية للعمل العربي المشترك، فأرض الكنانة تحتضن مقر الجامعة وتوفر لها الحماية والأمن، فمصر هى قلب العروبة النابض ورمانة الميزان للعرب جميعا.

واحتفاءً بذكرى تأسيس جامعة الدول العربية اليوم الجمعة، ووسط كل التحديات والأزمات التي يشهدها العالم العربي فى هذه الآونة، ما زال الأمل معقودا على توحيد الجهود لإنشاء قوة عربية موحدة  لتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها الجامعة، ضمن رؤية عربية واحدة لصيانة المصالح العربية وتوحيد الصف ولم الشمل.

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.