قراءة في خمّارة القط الأسود لنجيب محفوظ

الكاتبة: أسماء عيسوي

نجيب محفوظ الكاتب المصري والروائي الحائز على جائزة نوبل في الأدب, يُعَد أول أديب عربي حائز على تلك الجائزة ولد في 11/12/1911 وتوفي في 30/8/2006 له العديد من الكتب والروايات والقصص والمسرحيات والنصوص السينمائية بدأ بكتابة المقالات الفلسفية ثم اتجه إلى الكتابة الأدبية وبمناسبة ذكرى مولده أعرض لكم قراءة متواضعة لمجموعته القصصية خمّارة القط الأسود.

هي مجموعة قصصية تحتوي على 19 قصة قصيرة معجونة من أحداث وشخصيات المجتمع المصري, وكعادة نجيب محفوظ المولعة بالحارة المصرية وشخصياتها نجد هذه المجموعة القصصية لا يخلو منها أحداث تلك الحارة ومشاكلها وأحلام وتطلعات شخصياتها تقرأ الأحداث وتشعر كأنك عاصرتها وكنت شاهد على مواقفها يجعلك نجيب محفوظ تذوب مع الشخصيات فتظن نفسك أحد الأبطال في تلك القصص و لاعجب في الأمر فهموم الشعب المصري لم تتغير على مر العصور غير أنها متفاوتة في الحدّة والكيفية فلقد تناولت المجموعة المشاكل الاجتماعية والدينية والسياسية وعبر عن مشاعر الشعب المصري في تلك المرحلة التي غلب عليها الاستسلام واليأس فجاءت قصة خمّارة القط الأسود تعبيرا عن ذلك الضعف و تلك المهانة نجده في القصة في مشهد:

راحوا يتبادلون النظرات بلا أمل, كلما لمحوا شبح ما وراء القضبان هفت أنفسهم إليه ولكن دون أن تند عنهم حركة ما, وحتى القط الأسود بدا أنه هجرهم تمامًا ومضى ينعم بالسبات.

واشتد الحصر بأحدهم فتساءل في إشفاق:

أذهب إلى المبولة ؟

فهتف الغريب غاضبا: من قال لك إني مرضعة!

فتأوه الكهل قائلا:

هل كتب علينا أن نبقى هكذا حتى الصباح!

أنتم سعداء إذا طلع الصباح عليكم

المناقشة عبث الرجل مجنون أو مطارد أو كلاهما معا .

وقد تكون وراءه حكاية وقد يكون وراءه لا شيء .

وهم سجناء رغم كثرتهم, وإنه لقوي شديد, وهم لا قوة لهم و لا عزم .

وجدير بالذكر أن تلك المجموعة قد كتبت قبل النكسة عام 1967 م ونشرت في عام 1969 م

_وفي قصة رحلة استوقفتني جملة مليّا وأخذت أعيد قراءتها أكثر من مرة يقول البطل:

( وامتلأت بالحب ولكني آمنت بأنه بلا ثمرة وعرفت الموت كفراق مروع فظيع لا يخفف من بلواه شيء, ولا الإيمان نفسه ولم أشعر غالبًا بما بين أبعاد دنياي من تناقضات ولكنني عشت السرور بلا حدود كما عشت الحزن بلا عزاء!)

تلك الجملة تحديدًا لامستني بشكل غريب وكأنه يتحدث بلسان حالي كيف استطاع وصف الشعور بهذه الدقة العجيبة يا له من أديب بارع حقًا لقد وصف شعوري كما لو أنه عايشه وشعر به تمامًا

تحدث عن الدين ومفهومه بصورة سهلة ميسرة من خلال قصة جنة الأطفال والحوار الشيق بين الأب وأبنته

أيضا في قصة صورة تجد الدهشة والتشويق والغموض.

ماهر حقًا متمكن قلمه سردًا وحبكًا لغةً وحوارًا

المجموعة القصصية من أمتع ما قرأت, سلسة لا تملّ قراءتها لغة عربية فصحى لا تخلو من البديع البياني

خيالية مستوحاه من الواقع المصري جاءت في 232 صفحة صدرت عن دار الشروق رائعة حقا وأتمنى لكم قراءة ماتعة بين صفحاتها.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.