قراءة نقدية في رواية “في مرآة السراب” … بقلم الأستاذ: هشام سلامة
قراءة نقدية في رواية “في مرآة السراب”
بقلم الأستاذ: هشام سلامة
اسم_الكاتب
عبده حسين إمام
اسم الرواية
يحمل العنوان في طياته عمقاً فلسفياً أخاذاً، حيث ينسج خيوط السوداوية بخيط من حرير راقٍ، فيرسم لوحة باهتة للواقع دون أن يفقد جمالها الحزين أو رونقها الأسود الساحر.
نوع الرواية
اجتماعية:
تنتمي هذه الرواية لسلالة الأعمال الاجتماعية النبيلة، حيث تشق طريقها عبر دهاليز الفساد الإداري، تحفر في جذوره المتعفنة بمشرط الناقد الحاذق. كما تنسج خيوط الصراع الأبدي بين براءة الريف الفطرية وماكرة المدينة الخبيثة، في سيمفونية درامية تعزف على أوتار الألم الإنساني.
الفكرة
فلسفة الذات والهوية: من أكون إذا كانت المرآة تعكس سرابًا؟
الحبكة الدرامية
1- انطلقت الرواية بخطوات وئيدة، كمن يمشي على أرض مألوفة دون أن يدرك أنه يقترب من هاوية الدراما.
2- غرقت الأحداث في بحر من الاسترجاعات الزمنية، حتى أضحى القارئ كسفينة تتخبط في عاصفة من الذكريات المتداخلة، مما أربك بوصلة المتابعة.
3- تبدو الأحداث كحبات مسبحة منطقية، لكن خيطها مقطوع، فهي متماسكة في منطقها، مفككة في انسيابها، تشبه مقتطفات من حياة حقيقية.
4- تراقص البناء الدرامي بين صعود وهبوط، دون أن يصل إلى ذروة حقيقية، كموجة تتلاطم دون أن تصل إلى الشاطئ. لكن هذا ليس نقصاً بل اختيار فني يعكس طبيعة الحياة نفسها.
5-وفق الكاتب في نسج توازن دقيق بين عواصف الداخل وزلازل الخارج، فرسم صورة متكاملة للإنسان في صراعه مع نفسه وعالمه.

أسلوب السرد
6- الصوت السردي: اختار الكاتب صوت الراوي العليم، الذي يرى كل شيء ويعرف كل سر، فكان بوصلة موثوقة في رحلة القراءة
7- اللغة السردية: تدفقت اللغة السردية كنهر هادئ، واقعية في جوهرها، صادقة في تعبيرها، تحمل طعم الحياة ورائحة الواقع
8- الإيقاع السردي: تأرجح الإيقاع السردي بين البطء المتأمل والسرعة المتوازنة، كأنفاس إنسان في حالة تأمل عميق
البناء السردي
1- اسلوب الاسترجاع الزمني، فجعل من الماضي مرآة للحاضر، وكشف من خلاله طبقات النفس البشرية وتعقيدات التحولات الاجتماعية.
وتعميق فهم الشخصيات
حيث يكشف ماضي الشخصية، دوافعها، صدماتها، وتجاربها السابقة.
2- اعتمد النص على إيقاع التوازي الزمني، حيث تتداخل الأزمنة في لوحة فنية معقدة، تعكس تعقد الوجود الإنساني نفسه.
الحوار
غاب الحوار عن المشهد السردي، أو كاد، فأصبح الصمت لغة، والسكوت بلاغة، تاركاً للسرد مهمة الكشف عن أسرار النفوس
الشخصيات
نجح الكاتب في خلق شخصيات متعددة الأبعاد، تنمو وتتطور كالبشر الحقيقيين، لها دوافع مفهومة وسلوكيات متسقة. شخصيات متباينة تعكس ثراء الطيف الإنساني وتعقيده، وقد نسج بينها وبين القارئ خيوطاً عاطفية متينة.
لغة الكتابة
تألقت الفصحى في ثوبها الأنيق، متوازنة بين التفصيل والإيجاز، غنية بالمفردات القوية، فكانت بلاغة السرد قوية جداً، تناسب طبيعة الرواية وموضوعها وشخصياتها.
الرسالة
تسللت الرسالة إلى القلب دون ضجيج الوعظ المباشر، همست بعدة حقائق
1- النفس أمارة بالسوء:تذكير بطبيعة الإنسان الأولى
2- خداع المظاهر: فداخل كل شخص ألف حكاية وحكاية
3-لا يقين العالم: حقيقة وجودية تحتاج للتأمل
الغلاف
غلاف فلسفى، كأنه يقول المرآة تعكس الحقيقة، أو ما يبدو كحقيقة، لكنها لا تُنتجها.

تقييم الرواية
7 /10
*الايجابيات
أسلوب سردي مميز يخلق بيئة تفاعلية تحتضن القارئ
رؤية عميقة للتفاصيل تجعل القارئ يعيش داخل أجواء الحدث
بلاغة قوية تزين النص بحلل من الجمال اللغوي
براعة في رسم الشخصيات بكل أبعادها الإنسانية
*السلبيات
الإفراط في الاسترجاع الزمني الذي شتت انتباه القارئ
عدم انسيابية الحبكة التي افتقرت للتسلسل المترابط
غياب الحوار الذي كان يمكن أن يثري التفاعل بين الشخصيات
الاقتباسات
1- طاحونة الفقر أحيانا تجبر معدة أصحابها عن التغافل عن مصدر ما تأكله.
2- عند الحاجة تتساوى النفوس ويتشابه الانحناء.
3- من يحكم في النهار ويصيح أمرا سائدا، ربما يكون في الليل تابعا.
4- جبروت الحب قد يكون أشد صرامة من أي جبروت وطغيان.