قصة الأمس !!!
قصة الأمس !!!
بقلم… دكتورة صفاء صفوت
لو بدينا يا حبيبى نبتدى منين الحكاية .. كنا واقفين بنشترى فول وطعمية الأكلة الشعبية الجميلة إللى كل المصريين بتحبها .. وفجأة لقيت البقال وسط الزحمة بيدعى بعلو صوته .. الله يبارك لك يا بنتى ويسترك دنيا وآخرة .. كنت طفلة صغيرة فى إيدها ومش فاهمة .. ليه الراجل ده يا ماما بيدعيلك كده عملتى إيه؟!!! .. قالت لى بس وطى صوتك حقولك بعدين .. ولما بعدنا .. قالت لى كل ما فى الأمر إنى إديت للراجل مبلغ صغير أعتقد على ما فاكرة خمسة جنيه ورجعلى بقية عشرين جنيه وغلط .. فقولتله انت غلطت ورجعتله الباقى .. وهنا أنا كطفلة تعلمت الأمانة عمليا دون شعارات وكلام .. كلنا كبشر فينا عيوب ونقائص ودرجات فى كل أمر فى الجمال فى المال فى الغنى .. دايما كانت تقول لى دع الخلق للخالق .. متمسكيش سيرة حد .. متعيببش على حد لربنا يبتليكى .. بصراحة كانت عبادتها عادية .. يعنى مش مقطعة السجادة صلاة .. كانت بتعمل عباداتها بصورة بسيطة عادية جدا .. بس كانت على خلق عظيم .. لما كنت اقولها إدعيلى كانت تقولى يارب إنت واللى زيك .. أضحك بأنانية وبراءة الأطفال واقولها.. عايزة دعوة لوحدى .. تقولى كلكم غلابة وشقيانين.. اعرف بعد ما أكبر إن الدعاء بظهر الغيب يقبل ويترد بأفضل منه .. علمتنى ألا أنظر لمن هو أعلى منى إلا نظرة إمتنان ودعاء بالبركة لأن محدش بياخد رزق حد .. نيجى للفن بقى علمتنى أنا وأختى نختار الصوت الصح والكلمة الصح والفنان الصح .. لم يكن ذلك بجديد على إمرأة والدها كان صديق شخصى لفنان الشعب سيد درويش .. حتى أننى سمعت أن ” العشرة الطيبة ” كانت نسخة منها فى بيت جدى عند وفاة سيد درويش رحمه الله .. عائلتنا فنية جدا فى كل مجالات الفنون موسيقى غناء رسم نقش أدب .. ولكن لم يحترف أحد الفن .. وقد قابلت أمى عبد الحليم حافظ وسعاد حسنى وصلاح جاهين وزبيدة ثروت ونجاة ووردة وإيمان البحر درويش والكثير من الفنانين المحترمين .. وكانت متذوقة جدا للفن وورثت عنها وعن أبى على الأقل حسن الإختيار .. دون الخوض كثيرا فى تفاصيل القصة مرض أبى بمرض مزمن فى الرئتين فور زواجه.. و هى فى عز شبابها وجمالها .. وقال لها انا إنتهيت ولازم تتطلقى منى .. رفضت وأصرت وقالت له لا يمكن أن أكون ندلة .. لن أتركك إلا عندما تشفى .. ولم تتركه للأبد .. أخى من الفئات الخاصة شالته فوق دماغها وكانت تعلمنا حبه والتعاطف معه وقد نجحت .. أمى ربنا يشفيها علمتنى بالقدوة وليس بالكلام .. الأمانة .. الحب .. الوفاء .. الدين .. الرضا .. عدم السخرية من أحد .. أمى الآن قعيدة الفراش .. لا تتكلم فاقدة للنطق ما عدا كلمة واحدة ياااااارب .. تعذبت كثيرا فى المرض لعله فى ميزان حسناتها .. أمى هى ليست أمى وحدى إنها هى أم الجميع التى ربت وعلمت وطبخت ونظفت وسهرت وقومت وطبطبت واستوعبت .. وظهرها إتكسر علينا كلنا .. مهما عملنا وقولنا وشيلنا وداوينا .. عمرنا ما حنرد واحد على مليار مما فعلن كل أمهاتنا المقاتلات .. جميلات الروح .. المضحيات .. الأمهات الطيبات بتوع الزمن الجميل .. وأحب أن أنهى كلامى بانى أتشرف أن الست دى أمى الشقيانة طول عمرها .. ما شالتش غير همى وأنا آخرة صبرها .. والصور دى ليها قبل وبعد .. وقبلة من أبى الغالى والأحفاد على رأسها فى المستشفى .. حفظ الله أمهاتكم جميعا .. ورحم من واراها التراب .. ورزقنا الجنة بدعائهم. ” د.صوفى”