قصة فنانة تروي عن أوجاع و سعادة
كتب / دينا عبدالله الحسيني
الفنانة المصرية التي يعتبرها الجمهور المصري أيقونة من الأيقونات السينما المصرية ، حيث أنها قدمت أعمال تعتبر حصيلة فنيه غاية في الأهمية خاصة في تاريخ الفن المصري.
ولدت فاتن حمامة في عام 1931 بحي عابدين بالقاهرة. والدتها هي (زينب توفيق) ربة منزل، ووالدها هو (أحمد حمامة) من كبار موظفي وزارة المعارف (التعليم حاليا) وكان يعمل بمدينة المنصورة، ولها ثلاثة أشقاء هم منير وليلى ومظهر.
غادرت فاتن حمامة مصر وسط توقعات من جماهيرها بأنها زيارة عادية لزوجها النجم عمر الشريف، الذي كان في ذلك الوقت يحقق نجاحا في السينما العالمية، لكن تلك التوقعات ثبت أنها في غير محلها عندما طال غياب النجمة عن بلادها لسنوات خلال الفترة يوليو/ تموز عام 1965.
تحدث كتاب “سيدة الشاشة” لمؤلفه الناقد السينمائي ومدير مركز الهلال للتراث أشرف غريب.
في هذا الكتاب يتحدث غريب عن مسيرة سيدة الشاشة العربية التي دخلت إلى عالم السينما وهي لا تزال طفلة صغيرة وكانت لها فرصة تمثيل مشهد بسيط أمام الموسيقار محمد عبد الوهاب في فيلم “رصاصة في القلب” في 1940، وختمت مشوارها السينمائي بفيلم أرض الأحلام في 1993.
يستند المؤلف في كتابه إلى وثائق ومذكرات كتبتها حمامة بنفسها، فضلا عن شهادات فنانين وفنانات تحدثوا عنها.
هربت حمامة من مصر عام 1965 بسبب مخاوف الاضطهاد من قبل السلطات في مصر بعد رفضها التعاون مع المخابرات
ويقول غريب : “لعله من الصدف الغريبة أن يكون عام 1931هو نفسه الذي شهد ميلاد شادية وماجدة وهند رستم، هذا الجيل الذي صبغ سينما نهاية الأربعينيات وما بعدها بلون خاص”
بداية الطفلة فاتن حمامة
بدأت الطفلة فاتن أحمد حمامة الظهور في عالم الشهرة عبر مجلة “الاثنين” التي كانت تصدرها دار الهلال بعد أن تقدم والدها بصورها في مسابقة نظمتها المجلة عام 1936، وهو ما لفت اهتمام المخرج، محمد كريم إليها حتى رشحت لدور في أحد أفلام الموسيقار محمد عبد الوهاب.
تعتبر النافذة التي تطلعت منها فاتن على عالم السينما كانت صورة نشرت لها في مجلة الأثنين ثم انطلقت في عالم الفن وهذا ما اتفقت عليه الروايات.
قال غريب: “أؤكد أن مجلة الإثنين، التي كانت تصدرها مؤسسة دار الهلال، قد أعلنت بالفعل فى أغسطس/ آب سنة 1936 عن مسابقة لاختيار أجمل وجه طفلة، وظهرت صورة فاتن للمرة الأولى في العدد رقم 118 بتاريخ الرابع عشر من سبتمبر 1936 وكانت تحمل رقم 48 بين المتسابقين”.
ولم تكن الطفلة فاتن الأولى بين المتسابقات، بل كانت في المركز السادس. ولكن رغم ذلك، كانت هي من حظيت باهتمام المخرج محمد كريم فلعبت دورها الأول فيلمه “يوم سعيد”.
قصة الهروب
تعرضت فاتن حمامة للتضييق أثناء حركتها وسفرها إلى الخارج وعودتها إلى مصر، وفقا لمذكراتها التي سرد أشرف غريب أجزاء منها في كتابه.
أرجع الكتاب ذلك التضييق إلى رغبة المخابرات المصرية، التي كان يرأسها في ذلك الوقت صلاح نصر، في تجنيدها للعمل لصالح الجهاز، وهو ما رفضته فاتن رفضا قاطعا.
أشار الكتاب إلى جزء من مذكرات حمامة جاء فيه:” عايشت ظلما كبيرا تعرض له كثيرون من حولي، وتعرضت للتضييق في حركتي وسفري للخارج وأشياء أخرى، إلى أن اتصل بي شقيق فنان كان يعمل بهيئة الاستعلامات (يبدو أنها تقصد مرسي سعد الدين شقيق الموسيقار بليغ حمدي) وكنت قد انتهيت من تصوير فيلمي “الحرام” و “حكاية العمر كله” والمشاركة في مسابقة مهرجان كان السينمائي الدولي، في هذا الاتصال طلب الرجل تحديد مقابلة مع أحد رجال المخابرات لأمر هام، ولم يكن أمامي سوى الترحيب بزيارته”.
وأثناء المقابلة، عرض عليها ضابط المخابرات العمل مع الجهاز وترك لها بعض الكتب عن الجاسوسية بعد أن حدثها كثيرا عن “أمن البلد والتضحيات”، وفقا لمذكرات النجمة المصرية.
أشارت فاتن حمامة في مذكراتها إلى أنها رفضت ذلك العرض رفضا قاطعا بعد أن حرمها التفكير فيه النوم لأسبوع تحدثت خلاله إلى بعض الأًصدقاء المقربين في الأمر لاستشارتهم فيه.
أكد المؤلف أن تلك المضايقات التي تعرضت لها فاتن حمامة زادت في أعقاب رفضها، مما دفع أحد أصدقائها إلى نصيحتها بمغادرة مصر قبل أن تضيق عليها الخناق، مرجحا أن هذه النصيحة كانت من الصحفي علي أمين، أحد مؤسسي دار أخبار اليوم مع شقيقه مصطفى أمين، والذي قال غريب إنه عمل جاهدا مع زكريا محي الدين، أحد الساسة البارزين الذي كانت تربطه علاقة أسرية بفاتن حمامة، على مساعدتها في الهروب من مصر.
أعقاب هروبها من مصر وإفلاتها من قبضة صلاح نصر، مدير المخابرات العامة المصرية في ذلك الوقت، تعرضت فاتن حمامة لحملة تشويه ممنهج هي وزوجها عمر الشريف تورط فيها عدد من الصحفيين المصريين “سواء عن قصد أو غيره”، وفقا لأشرف غريب.
وقال غريب: “هذه الحملة كانت سببا في إقالة رئيس تحرير مجلة الكواكب القاهرية من منصبه على يد الكاتب الصحفي أحمد بهاء الدين رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال في ذلك الوقت”.
أضاف: “الذي حدث أن الناقد سعد الدين توفيق رئيس تحرير مجلة الكواكب حينئذ سمح في يوليو/ تموز 1965 بنشر مجموعة من الرسوم الكاريكاتيرية لرسام الكاريكاتير عبد السميع يتهم فيها فاتن حمامة باللهاث وراء زوجها عمر الشريف في عواصم أوروبا لمنعه من الارتماء في أحضان الحسناوات أو لتقليده في الوصول إلى السينما العالمية”.
دفع نشر هذه السلسلة من الرسوم الكاريكاتيرية أحمد بهاء الدين، رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال في ذلك الوقت، إلى إقالة توفيق من منصبه، وفقا لغريب.
وكما كان هناك أبطال لهروب حمامة من مصر، كان هناك أبطال وراء إقناعها بالعودة إلى مصر بعد أن زال الخطر الذي كانت تخشى تعرضها له من بطش المخابرات بعد تغير الظروف السياسية في البلاد.
رجح غريب في كتابه أن أم كلثوم والروائي عبد الحميد جودة السحار والكاتب يوسف إدريس كانوا من أهم الشخصيات التي ساعدت حمامة على العودة إلى مصر،فسعت أم كلثوم والسحار إلى الحصول على رسائل طمأنة من وزارة الداخلية إلى فاتن حمامة لتعود إلى بلادها بينما ناشدها إدريس عبر أثير الإذاعة المصرية بالعودة إلى مصر.
كما قال غريب أن عودة فاتن حمامة إلى مصر لم تكن بعد وفاة عبد الناصر كما هو شائع بين المهتمين بالوسط الفني في مصر، إذ قال في كتابه إنها عادت إلى مصر في فبراير/ شباط عام 1970 أي قبل وفاة الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر بعدة أشهر في سبتمبر/ أيلول عام 1970.
حياتها الفنية
بدأت أعمالها الفنية عندما اختارها المخرج محمد كريم ،وشاركت في الفيلم الذي تم إنتاجه عام 1940، وعندما نفتش في أرشيف صورها، نجد صورا كثيرة من مرحلة الطفولة التي تعكس جمالها.
ومن عمالقة الفن الذين تحمسوا لموهبة فاتن حمامة، الفنان الكبير يوسف وهبي والذي اختارها لتقف بجانبه في فيلمين هما “ملأك الرحمة” إنتاج 1946، و”كرسي الاعتراف” 1949، وانطلقت بعد ذلك وذاعت شهرتها في العالم العربي.
قدمت سيدة الشاشة العربية ما يقرب من 100 فيلم، من أبرزها “نهر الحب، دعاء الكروان، صراع في الوادي، سيدة القصر، لك يوم يا ظالم، لا أنام، بابا أمين”، وقدمت للتلفزيون عملين فقط، هما “ضمير أبلة حكمت، و”وجه القمر”.
حياتها الشخصية
تزوجت فاتن حمامة 3 مرات، الأولى من المخرج عز الدين ذو الفقار، وأنجبت منه ابنتها “نادية”، وانفصلت عنه عام 1954، ثم تزوجت من عمر الشريف وأثمر هذا الزواج عن ابنهما الوحيد “طارق”.
قصتها مع عمر الشريف
أول قبلة سينمائية لفاتن حمامة كانت مع عمر الشريف في “صراع في الوادي” وبدأت معها قصة حبهما ، وقبل هذا الفيلم كانت ترفض أي دور به قبلات مراعاة لمشاعر زوجها عز الدين ذو الفقار
،وفي كواليس الفيلم صارحها عمر بحبه لها وكان خائفًا من رفضها، لكنها وافقت،فطلبت الطلاق من المخرج عز الدين ذو الفقار لتتزوج بعمر، الذي أعلن إسلامه،وأثناء زواجهما جمعهتما 5 أفلام هي: أيامنا الحلوة وصراع في الميناء ولا أنام وسيدة القصر ونهر الحب،وأنجبا طفلاً اسمه طارق، وانطلق بعدها عمر للعالمية في الستينيات، وسافرت فاتن معه تمكن عمر من النجاح في الخارج، لكن فاتن قررت العودة.
وجود كل منهما في دولة أدى إلى الطلاق، وأُعلنا انفصالهما عام 1974،ولديهما حفيد من ابنهما طارق وطليقته الكندية، عاش معظم حياته في الخارج، وكان يزورهما في الإجازات الصيفية
أعربت فاتن حمامة أكثر من مرة انزعاجها من الحديث عن قصة حبها مع عمر الشريف، وعدم مراعاة مشاعر زوجها الدكتور محمد عبد الوهاب
هو يعتبر الزيجة الثالثة طبيب الأشعة المصري الشهير محمد عبدالوهاب، وكانت سيدة الشاشة حريصة على توثيق كل مراحل حياتها بالتقاط الصور، لذا يحتوى أرشيفها على صور مع أزواجها وأبنائها.
وفي 17 يناير/كانون الثاني 2015، رحلت فاتن حمامة عن الحياة، عن عمر ناهز الـ83 عاما ، إثر أزمة صحية مفاجئة، وتركت في قلوب محبيها مساحة كبيرة من الحزن والوجع.
التعليقات مغلقة.