قصيدة (أيا قيساة )بقلم الدكتور عبد الرحمن فودة
قصيدة (أيا قَيْساهُ). بقلمي :
تَجَرَّعْنا الهَـــوى مِنْ كأْسِ لَيْلى … وَكأْسُ الحُبِّ شارِبُهُ قَتيــــــــــلُ.
وإن يَكُــن المَصيرُ مَصيرَ قَيْسٍ … لَباتَ الدَّمْعُ أنْهاراً تَسيـــــــــــلُ.
وإن كـــــــــانَ الدَّواءُ بِدارِ لَيْلى … فَذاكَ البَيْتُ داخِلُهُ عَليــــــــــــلُ.
وإن لاذَ السَّقيمُ بِطِـــــــــبِّ أُنثى … فَذاكَ الطِّبُّ يُحْييهِ البَديــــــــــلُ.
وإن كانَ المُحِبُّ يُريدُ خُلْــــــداً … فإنَّ الحُبَّ يُنْهيهِ الرَّحيــــــــــــلُ.
شَرِبْنا بِحُبِّكُمْ حَــــــــــتّى ظَمِئْنا … وَكأْسُ الحُبِّ مَشْروبٌ ثَقيــــــــلُ.
فَلا رَوَت القُلوبَ كؤوسُ حُـــبٍّ … وَلا هَدأتْ بِمَشْرَبِها العُقــــــــولُ.
لا تَسْقِني بِيدَيْكَ مِنْ كأْسِ الهَوى … فالكأْسُ يُكْسَرُ وَالهَــوى مَعْسولُ.
أسَرَتْ فُـــؤادَكَ وَالمَشاعِرَ كُلَّها … كَيْفَ الولوجُ وبابُها مَقْفـــــــــولُ.
كَيْفَ الوصولُ لِبَرِّ عِشْقِ حَبيبَةٍ … وَالرّيحُ تَعْصِفُ والظُّروفُ تَحولُ.
فَلا تَجْزَعْ فإنَّ الحُــــــبَّ يَهْوى … فالغَدْرُ في مِثْلِ القُلوبِ خَليـــــــلُ.
وارْكَنْ لِعَمْرِكَ في الدّيارِ بِحُبِّهِا … وَالْزَمْ سُكوتاً فالسُّكوتُ كَفيــــــلُ.
فَهَلْ تاقَ الفؤادُ لِحُــــــــبِّ لَيْلى … وتاهَتْ في مَرابِضِهِ الخُيـــــــولُ.
أمْ أنَّ عِشْقاً قَــــــدْ أطاحَ بِقَيْسِها … فَغَدا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ وَيَقــــــــــــولُ.
لَوْ أنّي يَوْماً قَـــدْ حَظيتُ بِحُبِّها … لَغَدا جَوادي في القُلوبِ يَصـــولُ.
قُلْ لي بِرَبِّكَ هَـلْ حَظيتَ بِحُبِّها … أمْ هَلْ جُنِنْتَ وَعَقْلُكَ المَخْبــــولُ.
وَقَدْ عَلِــــــــــــمَ الأنامُ بِأنَّ لَيْلى … تُميلُ العاشِقينَ وَلا تَميـــــــــــلُ.
يا ذاهِبينَ لِأرْضِها فَلْتَعْلَمــــــوا … أنَّ الزَّمانَ بِحُبِّها سَيَطـــــــــولُ.
وَإذا لَمَحْتُمْ طَيْفَها في دَرْبِـــــكُم … قولوا لَها أنَّ الهَوى مَوْصــــولُ.
فَحِكايَتي في حُبِّ لَيْلى والجَوى … لِلْعَقْلِ يَصْعُبُ شَرْحُها وَيَطــولُ.
إذا بَكَت العُيونُ فَـــــــــلا تَلُمْها … فإنَّ الخَطْبَ مَعْلومٌ جَليـــــــــلُ.
وَاصْبِرْ وَلا تَنْعِ الخُطــــــــوبَ … فَقَدْ بَكى مِنْها الكَســــــــــــــولُ.
وَحاذِرْ أنْ تَكــــــونَ كَمِثْلِ قَيْسٍ … فإنَّ الحُــــــبَّ سَيِّدُهُ ذَليــــــــلُ.
أيا قَيْساهُ تُبْ عَـــــنْ عِشْقِ لَيْلى … فإنَّ العِشْقَ مَخْلـــــــوقٌ هَزيلُ.
وَهَلْ بُخْلُ الفَتاةِ عَـــــــلَيْكَ ينمو … كَحُبِّ المــــــالِ يَعْشَقُهُ البَخيلُ.
يا لائِمينَ في حُـــبِّ لَيْلى قَيْسَها … هَذا الَّذي عَــــن واقِعٍ مَعْزولُ.
لا تَعْجَبوا وَهْيَ القَبيحَةُ وَجْـهُها … فــــإنَّ قَبيحَ المَعْشوقينَ جَميلُ.
وَتِلْكَ نَصيحَتي إنْ شِئْتَ نُصْحا … وَاعْـــــلَمْ بِأنّكَ بَعْدَها مَسْؤولُ.
لا تَتَّبِعُ يَوْمــــــــــــاً هَواكَ فَإنَّهُ … ذاكَ الَّــذي تَبِعَ الهَوى مَخْلولُ.
لا تأْخُذَنَّ ميثاقَ عَهْدٍ في الهَوى … فالْحُــبُّ يَفْنى وَالْعُهودُ تَزولُ.
د. عبدالرحمن أحمد فوده. أستاذ مساعد بقسم اللغة الفرنسية كلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر. ومشرف على وحدة رصد اللغة الفرنسية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف (باللغات الأجنبية).