حواديت البيوت (1)بقلم الكاتب أمجد المصرى 

حواديت البيوت (1)بقلم الكاتب أمجد المصرى 

حواديت البيوت (1) الزمان : ظهيرة يوم صيف حار . المكان : مصعد البناية التى أسكنها . وقبل أن أغلق باب المصعد المح جارى الذى شارف على الثمانين من عمره قادماً يتصبب عرقًا حتي كادت ملامح وجهه أن تختفي ، أنتظره ليصعد معي ثم أبادره بالتحية.

أقرأ المزيد: رجاء الجداوي .. أيقونة الأناقة والشياكة في السينما والحياة “نجوم صنعت تاريخ”

والسؤال : لماذا أنت بالخارج فى هذه الظهيره الحارة ، ولماذا تحمل اثقالاً لا تقدر عليها ، يأتينى صوته الخافت مرتعشًا من شدة الإرهاق بأنه قد خرج من أجل شراء طعامه وأدويته حيث أنه يقيم وحده بعد أن تزوج جميع أبناؤه وتوفيت زوجته فأصبح مضطرًا لخدمة نفسه والحياة بمفرده أغلب أيامه .

يبدو الأمر عاديًا ، أو هكذا إعتدناه بعد أن صار متكررًا فى أغلب البيوت المصرية بدعوى أنها سُنة الحياة خاصة فى المدن (حيث لن تجد هذا الوضع فى الريف إلا نادرًا) ولكنه حقًا أمر مؤلم أن ينتهي الحال هكذا .

يخرج الأبناء والبنات من البيت للزواج والعمل فتلهيهم حياتهم الشخصية عن الآباء والأمهات ليضطر مثل هذا الرجل المريض أن يرعي نفسه وهو في الثمانين من عمره رغم أن لديه عدة أبناء لكنهم نسوا تمامًا قول الله “إما يبلغن عندَك الكبر” ، قال (عندك) وليس في دار مسنين ولا حتي في منازلهم بمفردهم .

لا أعرف كيف يتم معالجة مثل هذه الإشكالية خاصة مع ظروف إقتصادية صعبه ومنازل ضيقه لا تتسع لأكثر من أسره ولكنها بالفعل كارثه تضاف إلي كثير من كوارثنا الإجتماعية المعاصرة ، أن يبقي الأب أو الأم بمفردهم في سن النهاية بعد أن قدموا عمرهم وصحتهم وشبابهم في خدمة ورعاية الأبناء ، كيف تعود الأولويات إلي حياتنا فيفهم الصغار أن من أهم أولويات الحياة بر الوالدين ورعايتهم في الكبر ، ثم كيف يأمن هؤلاء الأبناء غدر الزمان حين يكبرون وهم لم يقدموا نموذجًا حيًا للبر يورثونه لأبناءهم حتي لا تتكرر نفس القصة من جيل إلي جيل .

ربما هو أمر لن يهتم له الكثيرون وسط تريندات حياتنا الصاخبة والمتلاحقة كل لحظه ، ولكنها صرخة وجع أُطلقها من أجل هؤلاء الكبار الذين باتوا وحدهم دون رفيق أو رعاية ، رفقًا بهم في الكبر فلم يقدموا للأبناء إلا خيرًا قدر جهدهم ، وغدًا تدور الدائرة علي القاسية قلوبهم .

المزيد أيضا: موقف إنساني ..لسفيرة البحرين  تحضر حفل زفاف شعبي بإمبابة

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.