“قمر الدم” يلون سماء الأحد في خسوف كلي نادر
العالم على موعد مع ظلمة قرمزية: خسوف كلي للقمر
عشاق الفلك على موعد مع “قمر الدم”: خسوف كلي نادر يلون سماء العالم يوم الأحد
كتب باهر رجب
استعدادات فلكية واسعة
يشهد العالم مساء يوم الأحد 7 سبتمبر 2025 ظاهرة فلكية مبهرة، وهي خسوف كلي للقمر سيتحول خلالها لونه إلى الأحمر الناري، فيما يعرف بـ “قمر الدم”. هذا الخسوف يمثل الثاني والأخير لهذا العام، ويشكل نهاية مشهدية لسلسلة أحداث فلكية مهمة في عام 2025.
يترقب عشاق الفلك هذه الظاهرة في مختلف أنحاء العالم، حيث ستكون مرئية بشكل كلي في مناطق واسعة من آسيا وإفريقيا وأستراليا، بينما سيتمكن سكان أوروبا من مشاهدتها لفترة وجيزة فقط مع طلوع القمر في وقت مبكر من المساء. أما في الأمريكتين، فلن تتم رؤية الخسوف مباشرة و سيقتصر المشاهدة على البث المباشر عبر الإنترنت.
أفضل مواقع المشاهدة حول العالم
وفقا للخبراء و الفلكيين، فإن أفضل المواقع لمشاهدة هذه الظاهرة ستكون في:
الصين والهند:
حيث سيكون الخسوف واضحا بشكل استثنائي
الشرق الأوسط:
معظم الدول العربية ستشهد الظاهرة بوضوح
شرق إفريقيا:
ستتمتع برؤية ممتازة للقمر الدموي
غرب أستراليا:
سيكون المشهد مرئيا بالكامل
أما في أوروبا، فسيكون المشهد مرئيا لفترة وجيزة نسبيا مع طلوع القمر في وقت مبكر من المساء، بينما لن يتمكن سكان الأمريكتين من رؤيته مباشرة و سيعتمدون على البث المباشر عبر الإنترنت.
توقيتات دقيقة للخسوف عبر المناطق
في مصر:
يبدأ الخسوف: 6:28 مساء (بتوقيت القاهرة)
يبدأ الخسوف الكلي: 8:31 مساء
ذروة الخسوف: 9:12 مساء
نهاية الخسوف: 11:55 مساء
في الإمارات:
يبدأ الخسوف: 7:28 مساء
ذروة الخسوف: 10:11 مساء
نهاية الخسوف: 00:55 صباح الاثنين
في السعودية:
يبدأ دخول القمر منطقة شبه الظل: 6:27 مساء
بداية الخسوف الجزئي: 7:27 مساء
بداية الخسوف الكلي: 8:30 مساء
نهاية الخسوف الكلي: 9:53 مساء
نهاية الخسوف بشكل كامل: 11:57 مساء
العلم وراء “قمر الدم”
تحدث ظاهرة خسوف القمر الكلي عندما تكون الشمس والأرض والقمر على خط واحد تماما بهذا الترتيب، حيث يقع القمر في ظل كوكبنا. لكن بدلا من أن يختفي في الظلام، يتحول لون القمر المظلل إلى الأحمر لأسباب علمية مثيرة.
يوضح عالم الفيزياء الفلكية بجامعة بلفاست رايان ميليغان هذه الظاهرة قائلا: “أشعة الشمس الوحيدة التي تصل إلى القمر أثناء الخسوف تنعكس و تتشتت عبر الغلاف الجوي للأرض. ومع أن ضوء الشمس يبدو أبيض اللون، إلا أنه يتكون في الواقع من أضواء بألوان مختلفة وأطوال موجية مختلفة”.
ويضيف ميليغان: “الأطوال الموجية الزرقاء للضوء أقصر من الأطوال الموجية الحمراء، وبالتالي يسهل تشتيتها أثناء مرورها عبر الغلاف الجوي للأرض. هذا ما يعطي القمر لونه الأحمر الشبيه بلون الدم”.
هذه الظاهرة المعروفة باسم “تشتت رايلي” (Rayleigh Scattering) هي نفسها التي تجعلنا نرى السماء زرقاء وغروب الشمس أحمر اللون، ولكنها في حالة خسوف القمر تتسبب في انحناء الضوء الأحمر نحو الظل وتسقط على سطح القمر لتعطيه هذا اللون المميز.
مراحل الخسوف والظواهر المصاحبة
من المنتظر أن تستغرق جميع مراحل الخسوف منذ بدايته وحتى نهايته مدة قدرها 5 ساعات و 27 دقيقة تقريبا. أما مرحلة الخسوف الكلي alone فستستمر لمدة ساعة و 22 دقيقة، مما يجعلها واحدة من أطول الخسوفات القمرية الكلية خلال السنوات الأخيرة.
سيمر الخسوف بعدة مراحل مميزة:
1. دخول منطقة شبه الظل:
حيث يبدأ ضوء القمر بالخفوت ولكن يصعب ملاحظة ذلك بالعين المجردة.
2. الخسوف الجزئي:
حيث يبدأ القمر بالدخول في منطقة الظل الداخلي للأرض ويفقد ضوءه تدريجيا.
3. الخسوف الكلي:
عندما يصبح القمر داخل منطقة الظل بالكامل ويتحول إلى اللون الأحمر.
4. الخروج من منطقة الظل:
حيث يعود القمر تدريجيا إلى حالته الطبيعية.
من الظواهر المثيرة التي يمكن رصدها خلال الدقائق الأولى من الخسوف الكلي وجود لون أخضر مزرق على إحدى حواف القمر. ينشأ هذا اللون نتيجة مرور ضوء الشمس عبر طبقة الأوزون في أعلى الستراتوسفير، حيث يتم امتصاص معظم الضوء الأحمر ويسمح بمرور الضوء الأزرق.
مشاهدة آمنة دون مخاطر
على عكس كسوف الشمس الذي يتطلب نظارات خاصة ووسائل حماية للعين، فإن مشاهدة خسوف القمر لا تتطلب أي معدات خاصة أو احتياطات أمان. كل ما يحتاجه المرء هو طقس مؤات وسماء صافية والتواجد في الموقع المناسب لمشاهدة هذه الظاهرة.
يؤكد المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية أنه “لا يترتب عن النظر إلى خسوف القمر أي خطر على العين، بخلاف الكسوف الذي ينبغي النظر إليه بواسطة نظارات خاصة فقط”.
البث المباشر للمناطق غير المرئية
للمشاهدين في الأمريكتين والمناطق التي لن تكون الظاهرة مرئية فيها، سيتم توفير بث مباشر للخسوف عبر الإنترنت. مشروع التلسكوب الافتراضي – الذي صممه و نسقه عالم الفيزياء الفلكية الإيطالي جيانلوكا ماسي – سيوفر بثا مباشرا للخسوف والقمر الدموي على موقع يوتيوب.
أهمية علمية وبعد ثقافي
يعد خسوف القمر الكلي فرصة مثالية للعلماء لدراسة الغلاف الجوي للأرض. يسمح لون و سطوع القمر أثناء الخسوف بجمع بيانات دقيقة عن مكونات الغلاف الجوي في طبقة الستراتوسفير مثل الهباء الجوي والغازات والرماد البركاني.
كما أظهرت الأبحاث أن سطح القمر يبرد بسرعة كبيرة أثناء الخسوف الكلي، حيث تنخفض حرارته بأكثر من 100 درجة مئوية في أقل من ساعة، مما يساعد على دراسة الخواص الحرارية للسطح وفهم تركيب التربة والصخور بدقة أكبر.
من الناحية الثقافية، تمثل هذه الظواهر الفلكية فرصة للتأمل في معاني القدرة الإلهية والنظام البديع الذي يسير عليه الكون. في السعودية، على سبيل المثال، ينظم فريق “منارة العلا” شمال غربي المملكة فعالية علمية لرصد الخسوف، بهدف تمكين الحضور من مشاهدة هذه الظاهرة المهيبة مع توضيح المراحل التي يمر بها الخسوف وكيفية حدوثه.
تلسكوبات ونشاطات جماهيرية
في جميع أنحاء العالم العربي، تستعد الأندية الفلكية والمؤسسات العلمية لتنظيم فعاليات مشاهدة جماهيرية. تشمل هذه الأنشطة تقديم شروحات مباشرة حول كيفية تشكل الخسوف وآثاره، إلى جانب توفير فرص للحضور لمراقبة السماء باستخدام تلسكوبات خاصة.
تمثل هذه الفعاليات جزءا من جهود تعزيز الوعي الفلكي في المجتمع ومتابعة الظواهر الكونية المتنوعة، مما يساهم في ترسيخ التأمل والتفكر في آيات الله الخلق العظيم.
ارتباط الخسوف بالكسوف الشمسي القادم
يشكل هذا الخسوف الكلي للقمر مقدمة للكسوف الشمسي الكبير المتوقع في 12 أغسطس 2026. سيحدث ذلك الكسوف بعد أقل من عام، وسيكون أول كسوف كلي للشمس في أوروبا منذ عام 2006، حيث سيكون مرئيا بالكامل في إسبانيا و أيسلندا، و جزئيا في دول أخرى.
من الناحية الفلكية، غالبا ما يتبع كل خسوف كسوف، وكل كسوف يتبعه خسوف، ومن النادر أن يحدث بشكل متتال. ومن المتوقع بعد خسوف القمر هذا أن يحدث كسوف جزئي للشمس في 21 سبتمبر 2025.
ظروف فلكية استثنائية
علاوة على ذلك يتميز هذا الخسوف بأنه يحدث قبل ثلاثة أيام فقط من وصول القمر إلى الحضيض (أقرب نقطة إلى الأرض)، مما يعني أنه سيبدو أكبر قليلا من المتوسط أثناء الحدث. هذه الصدفة الفلكية تجعل المشهد أكثر إثارة و إبهارا للمشاهدين.
بعد السابع من سبتمبر، لن يحدث الخسوف القمري الكلي التالي حتى أوائل مارس 2026 – وسيكون مرئيا في أمريكا الشمالية وأستراليا وشرق آسيا، مما يعني أن هذا الخسوف الحالي يمثل فرصة نادرة لسكان المناطق المذكورة لمشاهدة هذه الظاهرة الفلكية المدهشة.
استعدادات أخيرة وترقب عالمي
مع اقتراب موعد الخسوف، يستعد عشاق الفلك حول العالم لالتقاط الصور ومشاهدة هذه الظاهرة النادرة. كما ينصح الراغبون في المشاهدة بالبحث عن موقع مظلم بعيد عن أضواء المدن للحصول على أفضل رؤية ممكنة، مع التأكد من حالة الطقس والرؤية في منطقتهم.
كما إن ظاهرة “قمر الدم” ليست مجرد حدث فلكي عادي، بل هي تذكير بقدرة الكون وإبداعه، وفرصة لتأمل عظمة الخلق ودقة النظام الكوني الذي يسير وفق نواميس إلهية محكمة.






