قوة الأسد وسطوة السلاطين .. أسرار يكشفها د/ أحمد مقلد

قوة الأسد وسطوة السلاطين تميز العصر المملوكي بالثراء والرفاهية والبذخ مما اِنْعَكَسَ أثره على حياة الأمراء ورجال البلاط الذين تعددت ألقابهم بما يتناسب وحياة الأبهة والثراء التي عاشها سلاطين المماليك. ويتضح ذلك من الآثار الفنية والتحف التي خلفها المماليك وما تحتويه من أشكال مختلفة للرنوك والتي كانت تحمل أسماء وصفات الأمراء

قوة الأسد وسطوة السلاطين

 نقشت هذه الأشكال على التحف الفنية ربما تخليداً لذكراهم، وهي رموز تحتوي على علامة تشير وتدلل على شخصية الإنسان أو اسمه أو تثبت صفة رتبته ووظيفة الأمير وكانت هذه الرنوك تحتوي على الأداة المستخدمة في الوظيفية ذاتها.

 

قوة الأسد وسطوة السلاطين
قوة الأسد وسطوة السلاطين

 

دلائل قوة السلاطين المماليك 

ومن بين تلك الرنوك ما كان يدل على قوة السلاطين المماليك، وشجاعتهم وإقدامهم وقدرتهم على تحمل الصعاب. لذا فقد اختاروا من الحيوانات والطيور ما يدلل على هذه الصفات. فاتخذوها رنوكاً لهم ومن أهم تلك الحيوانات والطيور التي تم استخدامها كرنوك سلطانية في عصر المماليك. كان رنك الأسد.

أسباب تسمية الرنوك

كما وضح (محمود نديم فهيم- الفن الحربي للجيش المصري في العصر المملوكي البحري) أن ” معظم اسماء سلاطين المماليك واسماء كل امراء دولتهم تقريباً عبارة عن اسماء أشياء أو حيوانات في اللغات التركية والفارسية والتترية وذلك مثل بيبرس ومعناها “فهد”، قلاوون ومعناه “بط”، طرخان معناه “الصقر”، ودكنمر معناه “الامير حديد “.

رنك الأسد

 ويعد رنك الأسد من أشهر الحيوانات التي استخدمت كرنوك سلطانية وقد ارتبط هذا الرنك بالسلطان الظاهر بيبرس الذي حكم في الفترة من 1260- 1277 م، واسم بيبرس يعنى في التركية (أمير فهد) وذلك وفق ما أوردته (سعاد ماهر محمد – مساجد مصر وأولياؤها الصالحون) ويؤكد هذا تعريف كلمة (بيبرس) بانها ” لقب من العصر المملوكي جرى مجرى الاسم، وهو بمعنى: الأمير الفهد، وقد وضح (مصطفى عبد الكريم الخطيب – معجم المصطلحات والألقاب التاريخية) لقبه وهو: الظاهر بيبرس العلائي البندقداري 676ه / 1277م”.

توارث الرنك 

وفيما يختص باستخدام رنك الأسد بعد وفاة السلطان الظاهر بيبرس.. لكون بركة خان الذي شارك أباه بيبرس في الحكم في الفترة الأخيرة من حياته ومن ثم فقد ورث هذا الرنك عن أبيه وقد تميز رنك الأسد في عهد (بركة خان) بوجود علامة تشبه حرف (A) وهي إحدى علامات الدمغة التي كانت تتميز بها القبائل التركية وضعها أمام الأسد” وهذا ما وضحه (عبد الرحيم إبراهيم احمد – فن الرنوك في عصر المماليك في الفترة من (1250 – 1517 م) بمصر).

نسبة رنك الأسد للظاهر بيبرس

وقد عُرف رنك الأسد على مختلف المباني الأثرية التي تنسب للظاهر بيبرس، وكذلك بعض التحف الفنية المملوكية التي صنعت في فترة حكمه. ومما يؤكد ذلك بن إياس بقوله على بيبرس البندقداري” كان رنكه سبع … إشارة لشجاعته وقوة باسه”. (محمد بن أحمد بن إياس – المختار من بدائع الزهور في وقائع الدهور). ومن المنشآت التي تحمل هذا الرنك قناطر السباع والتي أنشأها ” الظاهر بيبرس فقد أنشا قناطر السباع فوق الخليج بين مصر والقاهرة، وجعل عليها سباعا حجرية” (أسامة حسن – الناصر محمد بن قلاوون)

رسائل المقريزي

وقد أكد ذلك المقريزي في رسائله بقوله ” فلما ولى الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري، الصالحي، النجمي، وكان من أعظم ملوك الإسلام، وممن يتعين على كل ملك معرفة سيرته، ضرب دراهم ظاهرية وجعلها كل مائة درهم من سبعين درهماً فضة خالصة وثلاثين نحاساً رنكه على الدرهم، وهو صورة سبع.” (تقى الدين أحمد بن على المقريزي – السلوك لمعرفة دول الملوك، ج3).

الشعر في وصف الظاهر بيبرس

أوردت (منى محمد بهجت – أثر الحضارة السلجوقية في دول شرق العالم الإسلامي على الحضارتين الأيوبية والمملوكية بمصر، ج1 الحضارة) بعض الأبيات الشعرية من العصر المملوكي قالها بيبرس المنصوري في بعض أشعاره عن السلطان الظاهر بيبرس ما يلي:

” وافاهــم جيش النبي يقوده … … ملك الزمان الظاهـــــر الآلاء “

 

قوة الأسد وسطوة السلاطين ومما سبق وتم عرضه يكون قد اتضح لنا مدى رفاهية العصر المملوكي في الدولة المصرية ومدي ما خلفه من فنون وآثار تحمل شارة الحكام والأمراء وكان من بين تلك الرموز ما دل على القوة ومنها ما دل على الوظيفة أو الصفة وكان “رمز الأسد” له الحظوة ليكون هو أول رمز نتحدث عنه ونتناوله بالعرض وسوف تتوالى الرموز ويتوالى التوضيح للدلالة والصفة والأهمية لما لهذا العصر من ثراء وغني فني.

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.