كابوس الثانوية العامة .. موت وإنتحارات والبقية تأتى

 

بقلم … إيمان سامى عباس.

 

إغماءات وتشنجات.. وحالة وفاة بالسكتة القلبية ودموع تنهمر قبل دخول الامتحان..وفى سنوات سابقة حالات انتحار

.. على أبواب امتحانات الثانوية العامة ترى العجب وغرائب تشيب لها الولدان.. ومشاهد تقشعر لها الأبدان..

وحالة من الرهبة والخوف والفزع والحزن الشديد وأولياء الأمور من الآباء والأمهات ينتظرون خارج اللجان..

والسؤال: لماذا حولنا كمجتمع الثانوية العامة إلى فزاعة ومصدر للخوف والرعب

وكأنها نهاية المطاف وبدونها تتوقف الحياة.. ولا معنى للوجود.. هل كل ذلك يستحق منا كل هذا العذاب؟

علم الإنسان

من المسئول عن تحويل العلم والتعليم الذى هو نور وارتقاء للأفضل.. فالعلم يرفع بيوتاً لا عماد لها.. والجهل يهدم بيوت العز والكرم.. والكتب السماوية عظمت من شأن العلم.

حيث قال المولى عز وجل فى قرآنه العظيم: «علم الإنسان ما لم يعلم».. وفى العلم أيضا نهضة الأمم وتقدمها وقوتها..

وطه حسين قال التعليم كالماء والهواء.. إذن ما الذى حدث ليتحول العلم والتعليم إلى جحيم وعذاب يؤلم ويرهق ويزهق الأرواح ويكبد الأسر وأولياء الأمور ما ليس لهم طاقة به..

من دروس خصوصية تدفعهم إلى الاقتراض.. وعمل جمعيات على حساب رفاهية واحتياجات البيت والأسرة.

وفاة قبل الإمتحان

الاجتهاد شيء مهم للغاية.. والطموح والأمل أمر جدير بالاحترام وفضيلة عزيزة لكن أن تسمع عن وفاة طالبة عمرها لا يتجاوز 17 عاماً

بهبوط وتوقف فى عضلة القلب قبل دخولها لجنة امتحان الفيزياء مثلا ربما من شدة الخوف أو الإفراط فى القلق أو حتى من الإرهاق والتعب

والعناء والمكابدة أو من أجواء الأسرة المتوترة.
وربما التهديد والوعيد من أولياء الأمور فى حالة الفشل والرسوب أو عدم الحصول على المجموع المناسب لكليات القمة.

كابوس رهيب

للأسف الشديد إننا أسأنا كأسر ومجتمع إدارة التعليم فى مصر وحولنا الثانوية العامة إلى كابوس وبعبع..

فلماذا لا نطمئن أبناءنا ونشيع أجواء الهدوء والسكينة لأبنائنا وعدم المبالغة فى الاهتمام غير الحميد

الذى يصل إلى حد الترهيب مما يدفعهم إلى تحمل ما فوق طاقتهم النفسية والمعنوية.

طمأنة الأبناء.. وعدم الإسراف فى أمنيات فوق القدرة الذهنية والتعليمية للطلاب.. وأن تكون أكثر واقعية

وأن عدم تحقيق الهدف المنشود فى الثانوية العامة ليس نهاية المطاف أو أن المستقبل انتهى هو بداية التخلص من هذا الكابوس أو البعبع الذى يصيب أبناءنا بالتشوهات النفسية ويحملهم فوق طاقتهم.

ويحدو بهم إلى طريق مجهول ربما يكون الهلاك من فرط التوتر والمبالغة.. ولعل وقوف أولياء الأمور أمام اللجان بالمئات هو أول مصادر الفزع والتوتر لدى الطلاب.

فزع وخوف

التعليم كالماء والهواء وليس موتاً وإغماءات وسقوطاً على الأرض .
لذلك أكرر السؤال: من المسئول عن تحويل التعلم إلى مصدر للخوف والفزع والرعب

وليس مصدراً للسعادة والنور والارتقاء؟ هل نحن كأسر ومجتمع أم أن المنظومة التعليمية لابد أن تشهد تغييراً وتطويراً؟

 

فى اعتقادى أيضا أن الامتحانات لابد أن تكون من منهج محدد.. تلك هى أهم قواعد التربية التعليمية .

ولا أدرى لماذا يقوم واضعو الامتحانات باستعراض العضلات وكأنهم يوجهون الأسئلة لـ نيوتن وزويل الطالب مسئول عن المنهج الذى تحدده الوزارة..

وليس تعليم الاوبن بــوك فالطـــالب ليس (باحثاً) أو طالباً فى الدراسات العليا .

أؤيد فكرة أن الامتحان لابد أن يتنوع ما بين قياس قدرات الطالب المتفوق ومتوسط القدرة..

والمحدود القدرة لكن أيضا من منهج محدد ومتطور ومواكب الأحدث فى المناهج التعليمية..

اضعنا وقتاً كثيراً فى إلكترونى وورقي.. وفى النهاية ليس هو الهدف والمراد.. الهدف الحقيقى أننا نخلق أجيالاً تعشق التعليم والتعلم والعلم تجد فى المدرسة السكن والرحمة..

وأيضا تجد فى الامتحانات ما هو متوافق مع المناهج بدلاً من استعراض العضلات وتأزيم الأمور.. وكأننا نختبر نيوتن..

وزويل.. نحن أمام أجيال نريد بناءها بشكل صحيح وعلمى وتواكب العصر بدلاً من تبديد الأحلام والآمال وتكبيد الأسر عشرات الألوف.

علينا أن نعلم أولادنا كيفية الاختيار بما يتناسب مع ميولهم وقدراتهم.. وليس كما يتمنى الآباء والأمهات.. «نفسى أشوفك دكتور»..

فكم من الأطباء تخرجوا وابتعدوا عن المهنة وسلكوا طريقاً آخر.. الأمر المهم أن تختار الطريق وتجتهد فيه لتبلغ ذروة النجاح وليس شرطاً أن يكون النجاح والمستقبل فى الطب والهندسة.

منظومة جديدة

المشهد التعليمى فى مصر.. يحتاج تفسيرا وتوضيحا آخر.. وشرحا للناس وعرض فلسفة المنظومة الجديدة..

وما هو مطلوب من الطالب أو التلميذ.. وما هو المنهج وطريق الامتحان.. حتى يعرف الطالب «ساسه من رأسه»..

على المسئولين فى وزارة التعليم أن يجدوا صيغة ميسرة وسهلة بدون تعقيد تستأصل وتبدد مظاهر القلق والتوتر وتحقق نفس الأهداف المرجوة..

فالتعليم أساس التقدم والرقى ونهضة الأمم ولا غنى عنــــه أبــداً.. ولا أعنى بكلامى التفريط فى الإصلاح والتطوير ومواكبة العالم

ولكننى أبحث عن النظام الذى يحقق طموحات وآمال الوطن والمواطن ويراعى حالة الطالب المصرى المتفاوتة فى مجتمعات مختلفة ما بين البسيطة والنخبوية.. لنحقق أهدافنا فى الوصول بأبنائنا إلى المكانة المستحقة.

لماذا لا تخرج علينا وزارة التعليم بكتب أو برنامج لكل مرحلة من مراحل التعليم.

. توزع على التلاميذ والطلاب فى كل المراحل كل ما يخصه.. لتحدد ما هو مطلوب من الطالب.. وكيف يتحصل.. وكيف يذاكر وطريقة وأسلوب الامتحان..

مع منحه مجموعة من النماذج والبدائل التى تماثل أسلوب الامتحان ليعرف الطالب مبكراً ومع بدء العام الدراسى ما له وما عليه..

وما هو مطلوب منه.. وكيف يتفوق.. أو لا يفاجأ بالامتحان لينزل عليه كالصاعقة دون أن يعرف عنه شيئاً..

لابد من أن نجعل التعليم بالفعل كالماء والهواء وليس للنكد والفزع والخوف والرهبة.. نختار الأسهل والأيســـــر..

وفى نفـــــس الوقــــت لا يتنازل أو يفرط فى تحقيق الأهداف المخططة فى خلق جيل جديد أكثر مهارة ومواكبة للعالم الحديث.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.