كهف الشيطان.. بقلم/ مصطفى حسن سليم.

عندما يسكن الشيطان كهف العقل، ويؤمن بوجوده بعض البشر، يصبح محاولة الهروب منه، أمر شبه مستحيل…
لقد توقفت المحركات الأربعة للطائرة ياكابتن، ونحن الآن على أرتفاع 37 ألف قدم، ماذا ستفعل في ذلك ياكابتن؟ أنها كارثة بكل المقاييس، نظر الكابتن إلى مساعده في هدوء وهو يقول له أرجوك حافظ على هدوء أعصابك ياكابتن، أنا وأنت ربما نكون الأشخاص الوحيدين على متن هذه الطائرة، الذين يجب أن نحافظ على هدوئنا داخل جدران هذه الكابينة مهما حدث بالخارج، فنظر إليه مساعده وهو يقول له في أنفعال أي هدوء هذا ياكابتن، الذي يجب أن نحافظ عليه في مثل هذه الظروف الصعبة، نحن نطير الآن على أرتفاع 37 ألف قدم، ومحركات الطائرة الأربعة قد تعطلت بالكامل ، وأقرب مطار من نقطة طيران هذه الطائرة يبعد عنا بمسافة ساعة، ولايوجد في مجال الطائرة الآن سوي مياه المحيط التي ليست لها نهاية كما تري، وبعض الجزر الصغيرة المتناثرة هنا، قل لي بربك ماذا ستفعل حتي تنقذ هذه الطائرة من السقوط في مياه المحيط، حاول الطيار الهدوء وهو يقول له معذرة ياكابتن اذا لم تلتزم بالمزيد من الهدوء، سأضطر أسفاً إلى أمرك بمغادرة الكابينة، حتما يوجد هناك حل وأنت تؤثر على تفكيري في البحث عنه، واذا لم يوجد هناك حل آخر فذلك هو قدرنا لامهرب منه…
انخفض الطيار بالطائرة من على ارتفاع 37 ألف قدم، إلى ارتفاع 12 الف قدم لمدة 20 دقيقة، وخلال هذه الفترة تمكن من تشغيل جميع المحركات والهبوط بأمان بالطائرة، ولم يكن أمامه من خيار آخر أما الهبوط في قلب المحيط، أو على أحدي هذه الجزر الصغيرة المتناثرة في قلب المحيط، وبحث الطيار عن أقرب مكان مناسب للهبوط بالطائرة، يشبه ممر الهبوط، حتي يستطيع الهبوط والتوقف بالطائرة دون تحطمها،وقد وجد هذا المكان فوق أحد المرتفعات الكثيفة الأشجار التي تقع فوق سطح الجزيرة، والتي أمتصت حدة الهبوط أثناء توقفه، وتم تفادي تحطم الطائرة، وعندما توقفت الطائرة أسرع الكابتن للأطمئنان على جميع الركاب، الذين كانوا في حالة سيئة من أثر أصطدام الطائرة على أرضية المرتفع، وأصيب بعضهم بالكسور من شدة الأرتطام، وعندما خرج جميع الركاب من الطائرة، لم تمر سوي دقائق قليلة، إلا وقد أحاطت بهم بعض من أفراد القبيلة البدائية، التي تسكن الجزيرة، ثم قادوهم مكبلين نحو مساكنهم البدائية…
حاول الطيار التخلص من قيوده، ولكنه فشل في ذلك، ولاحظ تقلص عدد الركاب من حوله، وسجنه مع مجموعة قليلة منهم في غرفة كبيرة من جذوع الأشجار، وشعر بالجوع الشديد والأرهاق، ثم نظر إلى الرجل الذي يجلس بجواره، وهو يسأله قائلا له لقد حضرت هنا من قبلكم، أين ذهب بقية الركاب؟ هل يستطيع أحد منكم تفسير ذلك الأمر لي؟ التفت إليه الرجل في صعوبة من شدة قيوده، وهو يقول له لاأعرف بالتحديد، ولكن لقد تم تقسيمنا إلى عدة مجموعات صغيرة، وتم فصل هذه المجموعات عن بعض، ولم يكاد الرجل يكمل حديثه حتي أقتحم أحد افراد هذه القبيلة الغرفة، وقادهم بعنف إلى الخارج، وعندما اكتمل عددهم خارج المكان، حل قيودهم جميعا، وأمرهم بحمل مجموعة من الأخشاب نحو مكان ظاهر في قلب مبانيهم الخشبية العملاقة، وعندما مر الكابتن بجوار أحد الغرف الخشبية سمع صوت مساعده يناديه في خوف، وهو يحاول الأقتراب من مكانه متظاهراً بالعمل، وعندما أقترب من مكانه بمسافة كافية لسماعه، قال له مساعده في أنفعال لقد وقعنا في ورطة كبيرة هنا ياكابتن، أن هذه القبيلة تعبد مجسم ضخم للشيطان في كهف كبير فوق هذا الجبل، الذي هبطنا فوقه بالطائرة من قبل، ولقد قادوا عدد كبير منا للتضحية بهم كقربان لهذا المجسم، ولااعرف لماذا عادوا بنا بعد أن قادونا داخل هذا الكهف أنا وشخص آخر فقط، بعد ان ذبحوا الآخرين الذين كانوا معي، ربما لحالة الأعياء الشديد التي أمر بها الآن، فيبدو انهم لايضحون سوي بالأقوياء فقط، فقال له الكابتن يبدو انهم قسمونا لمجموعات لذلك، لقد قاموا بفصل الأقوياء منا لتقديهم كقربان، وتركوا الضعاف منا للعمل في خدمتهم، وذل وقاطع كلماته ضربة عنيفة هوت على رأسه من أحد أشخاص القبيلة، سقط بعدها في غيبوبة عميقة…
شعر كابتن الطائرة بالصداع الشديد في رأسه، عندما استعاد وعيه، وحاول التحرك من مكانه، ولكن وجد يديه وقدميه مقيدتين بقوة، وشعر بالرؤية مشوشه وهو يحاول النظر حوله وعندما أستعاد وعيه بشكل كامل، وجد أحد الركاب الطائرة يغط في نوم عميق، فنادي عليه وسرعان ماأستيقظ ذلك الرجل، واتجه نحوه وهو يقول له الحمد لله على سلامتك ياكابتن، لقد نزفت كثيراً من الدماء ولقد خشيت كثيراً عليك من الموت، أن هذا يعتبر ثاني يوم يمر على فقدانك الوعي، لقد سمعت في الأمس ازيز طائرة تمر من فوق الجزيرة، شعر الكابتن بالسعادة وهو يسمع ذلك، فقال له يبدو أنها أحدي طائرات البحث عنا، ولكنهم تأخروا كثيراً في ذلك، ولاأظنهم سيعثروا علينا على أية حال، فقال له الرجل في ذهول لماذا هذا التشاؤم ياكابتن، فقال له الكابتن لأن الطائرة عندما هبطت كان مكان هبوطها لسوء الحظ داخل غابة كبيرة من الأشجار الكثيفة، التي غطت على أي أثر لظهور الطائرة، فقال له الرجل في أرتياع هل معني ذلك أننا سنظل أنا وأنت عالقين هنا على سطح هذه الجزيرة؟! بدأت الدهشة على وجه الكابتن وهو يقول له مامعني قولك هذا يارجل، وأين ذهب باقي المجموعة التي كانت معنا، بدأ الأسي والمرارة على وجه الرجل وهو يقول له لقد تم التضحية بالجميع وتقديمهم قرابين في كهف الشيطان، ولم يتبقي سوي أنا وانت فقط من ركاب الطائرة، بدأ الحزن على وجه الكابتن وهو يقول له أذن يجب أن نجد مهرب من هؤلاء القتلة، قبل أن يتم التضحية بنا نحن ايضا، فقال له الرجل أي مهرب هذا الذي تقصده ياكابتن، كل منافذ الخروج من هذا المكان تحت حراسة شديدة من هؤلاء البدائيين، والوقت الوحيد الذي يختفي فيه الجميع هو أثناء ذهابهم إلى كهف الشيطان للعبادة، فقال له الكابتن في لهفة أعتقد أن هذا هو الوقت المناسب أذن للتخلص منهم جميعا، فقال له الرجل في عدم أهتمام وكيف سيحدث ذلك من وجهة نظرك، وأنا وأنت لانملك أية اسلحة وانت منهك للغاية من كثرة جروحك والدماء التي نزفتها بغزارة، فقال له الكابتن لقد وضعت خطة من قبل لذلك، عليك فقط أن تساعدني لتنفيذها، شعر الكابتن بحركة وصوت جلبة عالية خارج الغرفة المسجون فيها، فقال للرجل أرجوك أسرع بفك قيودي قبل دخول أحد من هولاء القتلة إلى هنا، وعندما حل الرجل الرباط المحكم حول يديه، شعر بصوت فتح الباب فتراجع للخلف لمكانه في سرعة، ودخل أحد هولاء البدائيين الذي كان ضخم الجثة وجذبه في عنف إلى الخارج، حاول الرجل مقاومته ولكن دون فائدة وأخذ يصرخ وهو يوجه له السباب، وعندما خرجوا من الغرفة أسرع الكابتن إلى فك جميع قيوده، وتحامل على بنفسه للخروج خارج الغرفة، وبالفعل عندما خرج من الغرفة وجد المكان خاليا من هولاء البدائيين كما إشار له الرجل من قبل، واسرع بالصعود نحو المرتفع الذي هبطت فوقه الطائرة، وعندما أقترب من الطائرة سمع صوت تعالي دقات طبول البدائيين، وشعر أن هذه هي مراسم تقديم القرابين لهم، وفهم أن معني تصاعد صوت الطبول هو ربما يكون تقديم ضحية آخري جديدة للشيطان، وكان هذا دافع له في الأسراع بتنفيذ خطته، أقترب من الطائرة واتجه إلى مكان خزانات الوقود، وقام بجمع بعض الأخشاب الصغيرة المتناثرة حول الطائرة، وقام بأشعال النيران فيها بطريقة بدائية، عن طريق طرق حجرين صغيرين وجدهم بجوار خزان الوقودفي بعض بقوة شديدة، وبدأت النيران تنتشر وتقترب من خزان الوقود بسرعة وهو يسرع بالابتعاد عن مكان انفجار الطائرة، وعندما ابتعد بقدر كافي اختبأ خلف احد الصخور، وهو يشاهد أنفجار الطائرة فوق كهف الشيطان، وأنهيار كهف الشيطان على كل من فيه من البدائيين، ومع تصاعد صوت الأنفجار، وأرتفاع ألسنة الدخان من أثر الأنفجار، شاهدته أحدي طائرات البحث عنهم، وهي تهبط على سطح الجزيرة، ويتجه بعض أفرادها نحوه في سرعة لانقاذه.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.