كيرة والجن” .. الرسالة وصلت والجمهور قرأ

كيرة والجن” .. الرسالة وصلت والجمهور قرأ

بقلم / غادة العليمى

طالما كانت قناعاتى التى لا تتغير ان الفن اولا واخيرا رسالة وان ما تحاول تعليمه فى مراحل دراسيه طويله او تحاول غرسه فى كتب ومقالات ومحاضرات كثيرة او تحاول بثه عبر سنوات وسنوات من التربية والتأثير والتوجيه


يختصره العمل الفنى الدرامى فى ساعات قليلة
الدراما تطلق السهم فيخترق ناصيه الهدف بهدوء ودون مقاومه
وغالبا ما تدخل رسالة الدراما من هذه الاذن للمتفرج وصدقنى من الصعب ان تخرج من الاذن الاخرى لانها غير مباشرة
شريطه ان تملك الدراما ادوات الرسالة الصحيحه المرتبه المفهومه
وهذا تماما ما صنعه فيلم كيرا والجن بمشاهديه
والنتيجة الفوريه تستطيع سماعها من تصفق الجمهور بعد نزول تتر النهايه فى اخر الفيلم
كيف تكون ادوات الرساله صحيه

كانت ادوات الفيلم جيدة من اول اختيار الاسم المثير للفضول ثم اختيار الفنانين الاكثر جماهيريه وتألق
ثم طريقه العرض التى تميل معظمها للاكشن الذى يفضله الجمهور المستهدف من المراهقين وصغار السن ثم موسيقى تصويريه رائعه معبرة واختيار اجواء تصوير ساحرة ، حتى اختيار الملابس كان موفق جدا ، زوايا التصوير اكثر من رائعه سيناريو بسيط لا يحمل عبئ التكلف والخطب الرنانة التى تحفل بها معظم افلام المقاومة الشعبية او المقاطع التاريخيه
أما القصة فلها مقام ومجال اخر فى الحديث
لم تختير اعتباطاً ولم تقدم صدفه ولم تكن غير
….


رسالة مناسبة فى توقيت مناسب
….
القصة لمؤلف شاب هو احمد مراد الذى نجح ككاتب ونجح كمؤلف سينمائى ونجح كسيناريست وحقق فيلمه الاخير الفيل الازرق ارباح مليونيه
و قد تظن ان فيلم كيرا والجن امتداد له لاختيار نفس السيناريست ونفس الابطال كريم عبد العزيز وهند صبرى واسم الفيلم يقترب فى معناه من محتوى الفيلم السابق مما دفع البعض لدخول الفيلم على انه الجزء الثالث للفيل الازرق .. مع ان اسم الرواية الاصليه للكاتب ١٩١٩ وهى الاقرب لموضوع الفيلم
ما الذى حدث ؟؟
……


ماحدث كان سنوات من التشويه للتاريخ القريب والضرب تحت الحزام للانتماء الوطنى وضحد الفكر الثورى الحقيقي
وخلط السم بالعسل فى حقبه ثورة يناير وما بعد ثورة ٣٠ يوليو لصالح اغراض سياسية رخيصه
ما حدث انهم غرسوا فى عقول الصغار ان مصر فى عهد الاحتلال البريطانى كانت تسلف انجلترا ، مع ان مصر بأراضيها بممتلكلتها بشعبها بقصرها الحاكم كانت ملك كاملا لانجلترا ،،، وراح الصغار يرددون الجملة الغير منطقيه بمنتهى اقتناع فى اكثر الافكار تناقض
اخبروهم ان ثورة يوليو لم تقوم لتحرير مصر من المستعمر ولكن قامت لتحتل مصر وتستعمرها
وان جيشها العظيم الذى حرر البلاد وجعل حكمها خالص للمصريين ماهو الا عسكر ومعتدين على الملك المسكين وان البلاد تحت لواء الملك التركى الحاكم الوطنى الذى كان محكوم بالاستعمار لا يستطيع ان يفعل امر او يقضى حاجة او يتفوه بحرف دون موافقة المعتد البريطانى .. كانت افضل واجمل وان الجنيه المصرى كان اغلى من الجنيه الذهب والازياء العالمية كانت تظهر فى شوارع مصر قبل العاصمه باريس ،، اشياء حقيقية بالطبع لكنها مجتزأه من حقائق اخرى بشعه لان معظم شعب مصر كان حافى القدم من دون حذاء حتى اقيم مشروع مقاومه الحفاء من قبل رجاء الثورة
لان الازياء كانت تصنع لغير المصريين والجنيه الدهب تمنه الحقيقي عرق ودم المصريين
ناهيك عن الجهل والمرض والفقر المضجع الذى عانى منه كثير من الفلاحين فى وسيه الباشا وقصر البيه فى عصر غير بعيد
ولولا مجانيه التعليم لما قرأنا للكاتب الفلانى ولا سمعنا للاعلامى العلانى
ولا ظهرت كوادر الاطباء ولا بنى المهندسين صروح المشاريع الكبيرة للمصرين
وهذا مالم يخبرك عنه احد ،،
قدم الفيلم احداث تاريخيه مأساويه حدثت لاجدادنا على يد رجال بريطانيا العظمى فى حكم ملك لا يستطيع غير الجلوس متفرج على دماء الفلاحين وان فعل امرا سيطارد رجال المقاومه التى تتصدى للغزاة والسفاحين
ولكن ذكاء السيناريو انه لم يتطرق له ولم يتحدث عن دوره ربما لانه اراد ان يقول ان الحاكم الحقيقي هو المعتمد الانجليزى
وتعمد الفيلم ان يذكر بكل حادثه للتوثيق العقلى فى وجدان المشاهد كى يعى انه امام فيلم وثائقى يخبره بما لم يعرفه من معاناة اجداده من حيث عدد القتلى اداة القتل ومكانه وراح يعزز روح الانتماء على مهل وقوة وبوضوح من خلال تعاطفك الكامل مع رجال المقاومة الذى لا يقهروا المتمثلين فى كيرا ( كريم عبد العزيز ) والجن ( احمد عز )
اللذان صنعا ثنائى سينمائى لا يقل عن اداء. الباتشينو وروبرت دينيروا فى اكثر اعمالهم تألق ونجاح
….
من شابه اباه
….
اخرج الفيلم المخرج المبدع مروان حامد ابن السيناريست العظيم وحيد حامد رحمه الله عليه واهدى الفيلم فى مقدمه لروح والده
ومروان حامد لا يقل نجوميه ولا احترافيه ولا ابداع عن والده فهو ابن الوز الذى عام بنا على مدى ثلاثة ساعات لاتشعر فيها بملل ولا ضجر حتى شاطئ ثورة يوليو المجيدة لينزل بتتر النهاية السعيدة وتسمع تصفيق الصغار وصرخات الاعجاب وصفير الانبهار
اشياء لم اسمعها فى السينما منذ عقود طويلة منذ فيلم العاصفه لخالد يوسف الذى جسد فيها الانقسام العربى فى حرب الخليج وسقوط العراق على يد شرازمه الامريكان
اعاد هذا التصفيق وخلق هذا الوعى وقدم هذه الجوده الفكرية والتفاعل الجماهيرى مروان حامد فى فيلمه الجديد وبإحترافيه شديدة
امر واحد لم يكن على مايرام وهو النهاية
رُبع الفيلم الاخير لم يكن على مستوى ثلاثه ارباعه الاولى ضاعت البوصله من الملاح ربما لانه اراد ان يقول للمشاهد ان ما يراه قصة وليست تاريخ لكى يتجنب مقاومة النفى لما قدمه لكن الغاية على كل حال كانت ساميه
ومع التصفيق الذى تلا تتر النهاية واعجابات الصغار المستهدفين من العمل احب ان اقول لمروان حامد واحمد مراد وكل ابطال العمل الملحمى وكل العاملين فيه
احسنتم ونجحتم وحصدتم نتاج التعب والفكر والصناعة
فالرسالة وصلت والجمهور قرأ

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.