كيرلس حلمي: رؤية إخراجية مختلفة من المحرف إلى الدراويش

كيرلس حلمي: رؤية إخراجية مختلفة من المحرف إلى الدراويش

كيرلس حلمي: رؤية إخراجية مختلفة من المحرف إلى الدراويش
المخرج الشاب كيرلس حلمي

الموهبة هي جناح الحياة التي تعشق الطير وتعشق الحرية،

وفي المسرح خيال فريد يعصف بالمرء نحو ما لا يرغب به،

يعصف به إلى نحو الأحلام الغريبة والبعيدة ولكنها تتجسَّد

لتكون حقيقة، بل تحتل حقيقة وواقع مختلف، فمن لامس تلك

الحقيقة لامس شعور نادر ما بين التصاق الخيال بالواقع وبين

تجريد الواقع عن المجتمع، فللتجريد مسارات مختلفة، وللفنان

رؤى جديدة وللمخرج عاصفة بلا ريادة تدفعه نحو اعتناق

الفكرة التي لا يقدر لأحد غيره أن يصل لها.

كيرلس حلمي شاب في أوائل الثلاثينات من عمره، ممثل

مسرحيّ ومخرج أيضًا، سواء على المستوى المسرحيّ أو في

صناعة الأفلام القصيرة أو فيديوهات متضمنة المحتوى تناقش

قضية إجتماعية تثير اهتمام الشباب في داخل إطار المجتمع.

تأسيسه لفريق الدراويش وفلسفة الشارع

استطاع المخرج الشاب كيرلس حلمي لأن يؤسس فريقه الأول

وهدفه الأمثل وهو “فريق الدراويش” الذي يسعى من خلاله

لتقديم أنواع جديدة من الفن المسرحي والفيديوهات المختلفة،

وكان غريبًا بأن يُسمَّى فريق مسرحي بهذا الاسم الذي له

جانب من الحياة الصوفية الكبيرة، والذي يخص بعض من

زهّاد الصوفية ذات التقشف والفقر الشديد الذين تركوا الدنيا

بكل ملذاتها وأطيابها وسكنوا الطرقات والكهوف في حالة من

الزهد الشديدة، ولكن للمخرج رؤية في هذا لأن في نظره أن

الصوفية هي ذات قرب من الناس وقلوبهم وهكذا هو الفن،

الصوفية تحمل رسالة جميلة نقية وكذلك الفن، لأن الفن هو من

يوجه رسالته لكل نفس في الحياة، والقادرة على تغييره

والتأثير فيه وتعليمه أيضًا.

مسرحية المحرف

صنع المحرف (مسرحية المحرف) واستطاع تحريفه فمن

يمنع الإبداع عن الانحراف المتلامس في جوهر الصناعة

فالانحراف أحيانًا يكون حرفة لمن استطاع اتقانها في الفن

وأي فن، فأهم الفنون في العالم والتاريخ دومًا هو فن المسرح

بكل أنواعه، فالمسرح كما أقول دومًا هو السيدة العجوز التي

تتكئ على عصا التاريخ وتختار من يساندها ومن يتعمق في

مداها الخطير والعميق، فالمسرح خشبة ملتهبة من نيران

الملاحم التاريخية، وعاصفة قوية وطموح جامح لا تحده قيود

بل لا يُستثنى منه سوى المبدع والعبقري، فالمسرح هو جنون

التاريخ ومستشفى الكبرياء الفني، وصانع الحضارة.

شخصيته المركبة

رأيت ذلك في شخصه الذي لاحظت عبقريته (شخص كيرلس

حلمي)، الذي أتنبأ له بمستقبل باهر في الإخراج المسرحي

وصناعة الأفلام القصيرة، فهو شخصية مرتبكة بها تركيبات

كثيرة، داخل شخصيته صراعات تجعل منه مختلف في نظرته

إلى الواقع، وفي رؤيته له، وفي كيفيته لعرض رؤى مختلفة

تتضمن هذا الواقع من خلال ما يقدمه أو يسعى إلى تقديمه من

خلال فنه، فداخله ربما عبثية شديدة وعدم اتزان عقلي بعض

الشيء مما يجعل جنون الفن يحتل ذاكراته ومداراته الفكرية،

فقد وصفته أول مرة حين رأيته بأنه قطع من بازل يستطيع

تجميعها بصورٍ مختلفة لشخص واحد يستطيع أن يعطي أكثر

من منظور للواقع في قضية واحدة، فمن يستطيع ذلك غير

كيرلس حلمي؟

لا يهولكم أسلوبي في الكتابة لأن أسلوبي لا يرفع من الحقيقة

ولا يجملها، فالفعل هو الذي يتحكم فيما أكتبه، ومن طبيعتي لا

أكتب سوى عن الحق وعن رصد ما هو مختلف ومن يستحق

الكتابة عنه.

الإدمان قضية عصرية

وجدنا أفلام كثيرة وعديدة من خلال تنوع الفكرة أو الأداء، أما

الإدمان من وجهة نظر ممثلها تختلف كثيرًا، فقد استطاع

كيرلس حلمي بأن يقدم منظورًا جديدًا لقضية الإدمان التي

صارت جزء مهم لا يضمحل ولا يهدأ في مجتمعاتنا المصرية،

من خلال فيديو قصير في غاية الروعة مدته لا تتخطى ال 7

دقائق اسمه “فانيليا” وأظن أنه كان موفقًا في اختيار هذا الاسم

لفكرة قضيته، فالمخدرات هي فانيليا ولكنها فانيليا قاتلة، فقد

ناقش كيرلس وفريقه هذه القضية بأسلوب مبتكر من خلال

التأليف والإخراج وصناعة الموسيقى مما جعله يحمل في

ثناياه المتعة والفكرة وتضمينها بصورة شديد الاحترافية، وقد

لاقى هذا الفيديو اهتمام وتفاعل كبير من قبل متابعو السوشيال

ميديا.

الفيديو هو رصد للزمالة بين المدمنين بفكرة مختلفة ووضعية

لمنظور جديد في مناقشة هذه القضية العصرية التي تزداد ولا

تنتهي، الفيديو من إخراج فادي لاوندي، تمثيل كيرلس حلمي،

سيد كامل، يوسف وصفي، كيرلس ماجد، يوسف ميلاد،

كيرلس مينا، مكياج يوستينا وصفي، تصوير يوسف ميلاد،

بوسترات سيد كامل.

كما قام أيضًا بتقديم مسرحية المحرف والتي حصلت على

أفضل أداء في مهرجان آفاق والتي عرضت منذ أكثر من

ثلاث أعوام أو أكثر، فهي من إعداد وتقديم فريق الدراويش

ومن تأليف وإخراج كيرلس حلمي، والتي عرضت في أكثر من

مسرح.

كيرلس حلمي: رؤية إخراجية مختلفة من المحرف إلى الدراويش
المخرج الشاب كيرلس حلمي

المونو دراما وأسرارها في حياة كيرلس حلمي

لم يكتفي كيرلس بتقديم أعماله المسرحية فقط بل أراد أن

يتحدى نفسه في مونولوجات المونو دراما ونجح فيها وحصد

جوائز عدة، وكان أبرزها مهرجان ساقية الصاوي عن مونو

دراما بعنوان “صخرة العبور” والتي كانت تتضمن قضية

شاب مغترب قرر الهجرة الغير شرعية وواجه مصاعب عدة

وخطيرة وعندما استطاع أن يصل إلى حلمه بوضع قدمه في

بلاد الغرب لم يكن سعيدًا وظل يعانى من صراعاته النفسية.

كما قدم أيضًا مونو دراما “آدم وإنسان” يرصد هذا المونو

طبيعة الإنسان وكيف تلوثت وتشوشت طبيعته وصارت تحمل

داخلها البغض والكره وكيف سرقت الحب والعاطفة من خلال

حياته ومعيشته وتأثير الميديا عليه بالسلب والإيجاب.

كما قدم أيضًا مونو دراما “الشحاتين” والتي ترصد حياة ممثل

مسرحي كبير، الزمن جار عليه وأتجه من كونه ممثل كبير

ومغمور إلى عامل بوفيه في المسرح يقدم الشاي والقهوة

ويقوم بأعمال النظافة ويرصد المونو دراما التقلبات الشديدة

في حياته والمحنة التي مر بها هذا الممثل.

فالمونو دراما: هو فن من أنواع الفنون الدرامية وهو شكل

وتطور من أشكال المسرح التجريبي المطور والذي ازدادت

شعبيته في القرن الماضي (القرن ال20) ويتميز هذا النوع من

الفن بأنه يعتمد على ممثل واحد فقط يقوم بأداء وتمثيل وسرد

الحدث بمفرده بشخصيات عديدة عن طريق الحوار والإلقاء

والتجسيد مستغلاً كل شيء من حوله سواء من الموسيقى أو

الديكور أو الحالة في العموم.

أهداف فريق الدراويش

يستعد فريق الدراويش بقيادة مؤسسه المخرج الشاب كيرلس

حلمي بتقديم العديد من المسرحيات المختلفة قريبًا والتي

ستكون نقلة مختلفة كما يتوعد للجمهور في عالم المسرح، كما

يستعد أيضًا لتقديم العديد من الفيديوهات المحترفة التي قاموا

بتصويرها بالفعل وعلى ترقب بطرحها قريبًا على مواقع

السوشيال ميديا يوتيوب وفيسبوك، وستناقش هذه الفيديوهات

بعض القضايا الهامة والمشاعر التي تشغل الشباب في

المجتمع وتقديمها بصورة ونظرة جديدة ومختلفة، ففريق

الدراويش كما دائمًا يقول مؤسسه بأنه فريق الشارع وعين

الشارع وأنه يؤمن أن الفن الحقيقي هو فن الشارع وتفاصيله

الصغيرة والدقيقة والغريبة أيضًا.

https://www.elmshaher.com/

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.