كيف تُحقق الإتزان في حياتك؟

كيف تُحقق الإتزان في حياتك؟

بقلم د.هيام عزمي النجار

كل إنسان فينا لابد أن يكون مُتزناً في سبعة أركان من جوانب حياته وهما بشكل مختصر كالآتي:
أولاً: الركن الروحاني
وهو أن يكون الإنسان مرتبط بالله عز وجل فإسأل نفسك أيها الإنسان ما هي علاقتك بالله؟ هل تُصلي وتصوم وتؤدي الفرائض بإنتظام؟ هل أنت إنسان روحاني في كل تعاملاتك مع الآخرين؟ هل أنت إنسان مُتدين وتُعامل الله دائماً في كل شيئ؟ هل أنت إنسان مُتسامح وعطاء؟ كل هذه من بنود الركن الروحاني الواجب توافرها في كل إنسان فينا، ويتضمن هذا الركن مراحل أساسية كل مرحلة تؤدي إلى المرحلة التي تليها وهما ( الإيمان – الإستسلام -الطاعة – الإخلاص – الجهاد – التوكل – التفاؤل )، وعن الإيمان وهو أن نؤمن بالله واليوم الآخر، ونؤمن بأن الجنة حق والنار حق، نؤمن بعالم الغيب والشهادة وكل ما خلقه ربنا ورب كل شيئ، نؤمن بالأديان السماوية والرُسل جميعاً الذي أنزلها الله عز وجل، أي إيمان تام بالله تعالى، ومن ثم تأتي المرحلة التي تليها وهي الإستسلام أي نستسلم لله حق الإستسلام ونجد أن هذه الكلمة جاءت من كلمة إسلام أي نُسلم الأمر كله لله وهو عنده حق التصرف والتقدير، ونفوض الأمر كله لله، فمثلاً لو أنك وكلت محامي ليُدافع عنك فإنك تثق في قدراته ومهاراته وتُسلم أمرك كله له، فما أدراك أنك تُسلم نفسك للخالق بكل قدراته التي لا مثيل لها، وتأتي من بعد الإستسلام مرحلة تالية لها وهي الطاعة أي طاعة الله عز وجل حق الطاعة فعندما نؤمن بالله ونستسلم له نُطيعه في كل أوامره فيما حلله وفيما حرمه والثواب والعقاب وكل ما أمرنا به الله واجب الطاعة التي تؤدي بنا إلى الإخلاص التام لله تعالى فعندما تكون مخلصاً لله تكون مخلصاً في كل شيئ، مخلصاً لنفسك ومخلصاً للآخرين ويكون الإخلاص عادة تتنفسها، ومن بعد الإخلاص تأتي مرحلة الجهاد بكل أنواعه جهاد في النفس والمال والعلم والعمل وكل شيئ تُجاهد به لوجه الله تعالى، وقال الإمام علي بن أبي طالب “الجهاد باب من أبواب الجنة” وتأتي بعد مرحلة الجهاد مرحلة جديدة وهي التوكل على الله ويقول المولى عز وجل ” فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يُحب المتوكلين ” فالأسباب في الجوارح والتوكل في القلوب لأننا في كل عمل نفعله نكون متوكلين على الله مع ضرورة تشغيل وتنشيط العقل البشري أي أن الله يطلب منا العزم الذي يأتي من وجود العقل المنحة والهبة الروحانية من الله لنا، وهذه النعمة التي ميز بها الله الإنسان عن باقي المخلوقات لكي يُدرك ويُحلل ويُقارن ويُقرر لأن الله جعل العقل خادم لنا فنحن الذين نُديره، وذلك لأننا لو تركناه يُديرنا سوف يستدعي الملفات العقلية المخزنة بالذاكرة التي من المحتمل أن تكون معظمها برمجة سلبية وتعمل ضد الإنسان نفسه إذا لم يُدير عقله، ولابد أن الإنسان يأخذ بالأسباب ويتوكل على مُسبب الأسباب، فهناك إناس كثيرة تعتقد أن مجهودها والأسباب التي أخذت بها هو السبب في نجاحها لكنهم لم يُدركون أن النجاح الفعلي هو النجاح مع الله والتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب فالذي يعتقد أن الأسباب سبب نجاحه يُفنى بها ولا يُحقق السعادة أبداً، وقد يُحقق السعادة المؤقتة لكنها سرعان ما تزول زهوتها عنده، فلابد من التوكل على الله دائماً وأبداً لأنه الطريق الحقيقي للنجاح، ويأتي بعد ذلك التفاؤل وهو آخر مرحلة من مراحل الركن الروحاني، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تفائلوا بالخير تجدوه ” ولو نظرنا إلى هذه الجملة نجد بها معاني كبيرة، تفائلوا هو أمر مباشر مُعمم مستمر في الزمن غير محدد لفئة معينة بل يشمل كل الفئات، وهو أمر يأخذه العقل البشري ويُركز عليه ويُنفذه ويلغي أي أوامرأخرى في هذا الوقت، بالخير وهي الوسيلة أي نتفائل بالخير لأننا عندما نُعطي العقل أمر معين لابد وأن يكون مُحدد المعنى، فمثلاً نتفائل بأن الحياة جميلة، نتفائل أن ننجح، أي التفاؤل مقترن بمعنى وقيمة وهكذا، تجدوه فهي النتيجة التي سوف نحصل عليها عندما نتفائل، لذلك فالتفاؤل من الإيمان والإيمان قوة والتفاؤل بداية الخير كله.

ثانياً: الركن الصحي
هنا نتساءل هل أنت إنسان رياضي؟ أو لديك برنامج أسبوعي أو يومي؟ هل تمشي كل يوم ولو نصف ساعة؟ هل تأخذ العناصر الغذائية المُتزنة؟ أي تقلل من نسبة الدهون والسكريات الداخلة إلى الجسم، هل تشرب مياه كثيرة فيما لا يقل عن سبعة أكواب يومياً؟ وذلك لما للمياه من فوائد عظيمة منها تحمي وتنظف الجسم من السموم، ومنها تمد الجسم بالطاقة اللازمة له، ومنها تنظيم عملية الهضم، وهل تُفكر تفكير إيجابي وصحي وتتمتع بالهدوء أم العصبية والتفكير السلبي؟ ولا تنسى أبداً أيها الإنسان عندما ما يكون في القلب روحاني يكون الفكر روحاني يكون السلوك روحاني وقتها تُصبح عبداً ربانياً، أي أنه لو كان في القلب تسامح وحب وعطاء لكان الفكر كله نفس الطاقة لما يوجد بالقلب، ويكون بالتالي السلوك كله فيه التسامح والحب والعطاء، وتكون النتيجة رائعة بإذن الله، أما على العكس تماماً لو وجد ما في القلب حقد أو غيرة أو حسد أو ماشابه ذلك لكان الفكر سلبي وكان السلوك سلبي والنتيجة سلبية.

ثالثاً: الركن الشخصي
ما هي شخصيتك؟ هل أنت قيادي أم معبر أم محلل أم ودود؟ وما هو نظامك التمثيلي هل هو نظام تمثيلي بصري أم سمعي أم حسي؟ وما هي وجهة نظرك في الحياة هل هي فلسفية أم ناقدة؟ وهل أنت من النوع الذي يُحب المخاطرة أم البعد والحرص وعدم المواجهة؟ فلابد أن تُصارح نفسك بالإجابة على كل هذه الأسئلة بكل صدق حتى تستطيع أن تُصلح من عيوبك وتزيد من مزاياك، فلابد أيها الإنسان من أن تتطلع دائماً إلى الأفضل، وأن تقرأ كثيراً عن الشخصيات لتعرف شخصيتك، وتتعرف على شخصية الطرف الآخر مما يُسهل عليك فرصة أكبر للتعامل مع الآخرين وكسبهم والتواصل معهم، وأيضاً لابد أن تقرأ وتوسع آفاقك دائما،ً وتكون دائماً عندك معلومات جديدة عن أي شيئ لتكون المعرفة المطلوبة وتُطبقها وتُمارسها وتضعها في الفعل حتى تتكون لديك المهارة، ومن ثم فالمعرفة قوة، والمهارة ثقة، والفعل هو الذي يُعطي لهما الحياة لتكون حياتك أفضل ما تكون، ولابد من مشاهدة فيديوهات تعليمية لتقوية الذاكرة البصرية، ومن الإستماع لأشرطة سمعية لتقوية فن الإنصات والذاكرة السمعية، ولابد من وقت لآخر أن تتنزه بين مكتبتك المليئة بمختلف العلوم والفنون وخاصة في المجالات التي تُحبها وترغب في النجاح فيها.

رابعاً: الركن العائلي
الإنسان الذي لديه منزل يعيش فيه، ورزق يعيش منه، وليس عنده شخص يُحبه ويعيش معه يُصاب بالوحدة والإحباط التام، ولو تمعنا في هذا المعنى وقيمة الركن العائلي لوجدنا أنه من الأركان الهامة جداً لأي إنسان فينا، ففي اليابان يقوم نظام التدريب على راحة الإنسان في بيته أولاً، ومن ثم راحته في العمل بعد ذلك – وأثبتت الدراسات أن الشخص السعيد في عائلته يُنتج ثلاثة أضعاف الشخص التعيس في عائلته، أي دراسة سيكولوجية لشخصية الإنسان وتفهم طبيعة العنصر البشري وتوفير المقومات التي تُساعده على الإنجاز في عمله دائماً، فإسأل نفسك أيها الإنسان هل أنت عضو فعال في عائلتك؟ هل أنت صالح لتكون زوج مناسب ورب أسرة؟ هل أنت إبن بار لوالديك وتقوم بصلة الأرحام مع عائلتك؟ أي تقوم بدور إيجابي فعال مع أقاربك عموماً أم لا؟

خامساً: الركن الإجتماعي
لقد خلقنا الله شعوباً وقبائل لنتعارف ونتزاور، ونُنمي كل منا الآخر ويزيد تقديرنا الذاتي، ومن ثم تزيد ثقتنا في أنفسنا، فماذا عنك أيها الإنسان هل تُحب الناس وتُحب أن يكونوا حولك؟ وهل تسعى للتواصل الإجتماعي معهم أم لا؟ لابد أن تُصارح نفسك بكل شيئ حتى تكون دائماً أفضل مما كنت، ولما لأهمية هذا الركن ولما يحققه من أكثر من إستفادة منها إستفادة روحانية أي التقرب إلى الله ومعاملة الناس معاملة حسنة، ومنها إستفادة نفسية أي للتخلص من الأحاسيس السلبية عن طريق الصحبة الإيجابية التي تجتمع في الخير ولتنمية بعضها البعض، ومنها إستفادة مهنية أي زيادة علاقاتك في العمل، ومنها إستفادة مادية عن طريق علاقاتك الطيبة وإتصالك الفعال سوف تُحقق نجاحاً رائعاً في مهنتك وبالتالي يزيد دخلك دائماً.

سادساً: الركن المهني
هل أنت راضي عن عملك أم تشعر أنه روتيني ليس فيه أي إبداع؟ ولو أحسست بذلك فماذا تفعل لإبراز إبداعاتك على أرض الواقع وتضع نفسك في دورك الجديد في الحياة الذي خُلقت لتكون فيه؟ هل تقضي ساعات طويلة في العمل دون جدوى؟ كلها أسئلة تُحدد من أنت في الجانب المهني وماذا تفعل؟ وما الذي تُريد أن تفعله؟ وما هي المعوقات التي من الممكن أن تُعرقل هدفك المهني؟ وما هي الحلول المقترحة لتحسين وضعك المهني وتحقيق هدفك؟

سابعاً: الركن المادي
إن المال طاقة أرضية تجذب إلى أسفل لذلك فإن مُحب المال يعيش في الأهوال ولا يهدأ له بال، فبالرغم من أهمية المال إلا أنه ليس كل شيئ – فكم منا معه مال ولا يشعر بالسعادة؟ فكم منا معه مال ويفقد قيمة الصحة؟ فكم منا معه مال ويهمل في تربية أولاده ويتركهم لأصحاب السوء؟ وقتها لا ينفعه أي مال بعد ضياع مستقبل أولاده، هناك إناس كثيرة تفكر كثيراً في جمع المال وتترك كل شيئ له قيمة في مقابل المال، وعقابها أن تظل في هذه الحيرة حتى وقت صرف المال، أي تشعر بحيرة في جمع وصرف المال معاً، ولننظر لقول حكيم أعجبني ” عجبت لرجل يجري وراء المال والمال تاركه، عجبت لرجل يجري وراء الرزق والله رازقه، عجبت لرجل يبني القصور والقبر مسكنه.
رجاءاً أيها الإنسان إستيقظ من غفلتك قبل فوات الأوان.

كاتبة المقال
د.هيام عزمي النجار
مدربة قوة الطاقة البشرية

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.