لفظ الجلالة “الله”: الأصل الجامع لأسماء الله الحسنى معانيه وأصلها اللغوي
لفظ الجلالة 'الله': خصائص فريدة ومكانة سامية في العقيدة الإسلامية"
يُعَدّ لفظ الجلالة “الله” من أعظم الأسماء الحسنى، إذ يستخدم في كشف الكربات، و استنزال البركات، والدعاء، وتجاوز العثرات، ودفع السيئات، وجلب الحسنات.
كتبت: ريهام طارق
اختلف العلماء حول الأصل اللغوي لهذا اللفظ، وتحديدًا فيما إذا كان مشتقًا أم لا، والرأي الراجح يشير إلى اشتقاقه من كلمة “إله”، التي تعني المعبود المألوه.
يقول الإمام الطبري: “الله أصله الإله، أُسقِطت الهمزة التي هي فاء الاسم، فالتقت اللام التي هي عين الاسم، واللام الزائدة التي دخلت مع الألف الزائدة وهي ساكنة، فأُدغِمت في الأخرى التي هي عين الاسم، فصارت في اللفظ لامًا واحدة مشددة“.
اقرأ أيضاً: فيلم الجلسة سرية قصة حقيقية لرجل أنجب 4 أبناء وإكتشف إنهم ليسوا أولاده .. فيديو
لفظ الجلالة: بين معاني الألوهية واستحقاق العبودية”
عبر الإمام الغزالي عن هذا المفهوم بقوله: “اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإلهية المنعوت بنعوت الربوبية“.
ويتوافق هذا التفسير مع ما نقل عن ابن عباس رضي الله عنه، حيث قال: “الله ذو الألوهية و المعبودية على خلقه أجمعين“.
في هذا التفسير، جمع ابن عباس بين صفتين: صفة الألوهية التي تدل على الله، وصفة العبودية المتعلقة بالعباد تجاه هذا الاسم.
اقرأ أيضاً: المشاعر الإنسانية والتفكير العقلي .. الأبعاد الروحية يصعب قياسها والمنطق وحده لايكفي
لفظ الجلالة ‘الله’: خصائص فريدة ومكانة سامية في العقيدة الإسلامية”.
يعد لفظ الجلالة “الله” من أكثر الأسماء تميزًا بخصائص فريدة، عندما أراد الله تعالى تعريف ذاته لنبيه موسى عليه السلام، اختار هذا الاسم دون غيره من أسمائه، فقال الله تعالي: “إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي” (طه: 14).
هذا الاختيار يُبرز مكانة هذا الاسم كأعظم أسماء الله الحسنى، إذ يدل على الذات الجامعة لصفات الألوهية كلها، ولا يُطلق على غيره تعالى حقيقة ولا مجازًا.
لفظ الجلالة”الله” ذُكر في القرآن بما يزيد على 2000 مرة.
لا يسقط عن هذا الاسم الألف و اللام عند النداء، فنقول: “يا الله”، ولا نقول: “يا رحمن” أو”يا رحيم” بنفس الطريقة، بالإضافة إلى ذلك، فإن لفظ الجلالة هو أكثر الأسماء ورودًا في القرآن الكريم، حيث ذُكر بما يزيد على 2000 مرة، مما يعكس أهميته ومكانته في العقيدة الإسلامية.
لفظ الجلالة “الله”: الأصل الجامع لأسماء الله الحسنى”:
يُعَدّ لفظ الجلالة “الله” الأصل الذي تتفرع منه جميع أسماء الله الحسنى.
قال تعالى: “وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا” (الأعراف: 180).
وفي موضع آخر: “اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى” (طه: 8).
تُضاف سائر الأسماء إلى هذا الاسم و تُوصَف به، فنقول: “الملك من أسماء الله”، و”العزيز من أسماء الله”، ولا نقول: “الله من أسماء العزيز”، مما يُبرز تفرد لفظ الجلالة ومكانته العليا بين الأسماء الحسنى.
اقرأ أيضاً: فتاوي شرعية سؤال وجواب
لفظ الجلالة “الله”: جامع لمعاني الأسماء الحسنى وصفات الكمال
يُعَدّ لفظ الجلالة “الله” شاملاً لجميع المعاني التي تتضمنها أسماء الله الحسنى، بما في ذلك صفات الجلال والكمال والعظمة، والتفرد بالقدرة على النفع والضر، والعطاء والمنع، ونفوذ المشيئة، وكمال القوة، والاتصاف بالإحسان والجود والبر والرأفة واللطف.
يفسر الإمام ابن القيم هذا المفهوم بأن اسم “الله” يدل على ألوهيته سبحانه وتعالى، وهذه الألوهية تتضمن ثبوت جميع صفات الكمال المنزهة عن التشبيه والنقص، ويشير إلى أن الأسماء الحسنى هي تفصيل وتبيين لصفات الإلهية التي يُشتق منها اسم “الله“.
لفظ الجلالة “الله”: الاسم الأعظم وخصائصه الفريدة:
يُعَدّ لفظ الجلالة “الله” من أعظم الأسماء الحسنى، حيث يُعتبر الاسم الأعظم لله سبحانه وتعالى. وقد تبنّى هذا الرأي الإمام الشعبي وأبو حنيفة مستدلين بقول جابر بن عبد الله بن زيد: “اسم الله الأعظم هو الله، ألم تسمع أنه يقول: {هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم}” (الحشر:22).
و من الناحية اللغوية، يتميز لفظ الجلالة “الله” بخصائص فريدة، فاللام والألف فيه تُعتبران من بنية الكلمة، فلا يمكن الاستغناء عنهما، فعند النداء، نقول: “يا الله”، بينما تسقط الألف واللام عند النداء ببقية الأسماء الحسنى، فنقول: “يا قدوس”، ولا نقول: “يا القدوس”.
كما أشار الإمام القرطبي إلى لطيفة تتعلق بهذا الاسم، حيث لاحظ أن الله أجراه على ألسنة الأمم منذ عهد آدم عليه السلام، ولم تنكره أمة.
فقد قال قوم نوح: {ولو شاء الله لأنزل ملائكة} (المؤمنون:24)، وقال قوم هود: {أجئتنا لنعبد الله وحده} (الأعراف:70)، وأشباهها من الآيات.
لفظ الجلالة “الله”؛ الاسم الأعظم في القرآن والسنة:
الله تجد هذا الاسم متألقاً في بدايات السور القرآنية، ففي سورة الفاتحة، تُفتتح الآيات بقوله تعالى: “الحمد لله رب العالمين“.
وفي سورة النساء، يُلفت النظر بقوله: “واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً”.
أما في سورة الرعد، فيتجلى المعنى الكوني لهذا الاسم بقوله: “الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها“.
ما أبهى هذا الاسم حين يكون محوراً في بيان الحق، كما في قوله: “الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان“.
و حين يُعبر عن عظمة العلم الإلهي الذي يحيط بكل شيء في قوله: “إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علماً“.
ورد في الأحاديث النبوية ذكر اسم الله جل وعلا في سياقات عدة، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: “بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله”.
وفي رواية أخرى: “على أن يُوحّد الله، وأن محمداً رسول الله” (رواه البخاري ومسلم).
ومن دعائه عليه الصلاة والسلام: “اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدّمت وما أخّرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت الله لا إله إلا أنت” (رواه النسائي في السنن الكبرى).
كذلك جاء في دعائه عند الاستسقاء: “اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث” (رواه أبو داود).
الله، الواحد الأحد، الذي لا إله إلا هو، الملك القدوس السلام:
إن تكرار هذا الاسم في القرآن الكريم وفي ألسنة المؤمنين ليس مجرد تعداد، بل هو تجسيد للصلة العميقة بين الخالق و المخلوق، إنه الاسم الذي كلما ذكرته استشعرت معاني الأمان والقرب و الجلال، إنه الله، الواحد الأحد، الذي لا إله إلا هو، الملك القدوس السلام.