“لقاء آخر” قصه قصيره للكاتبه نورهان عصام

ترتشف قطرات من فنجال قهوتها المعهود فى يوم شتوى قارص البرودة لتعيد شريط الفيلم حيث التقته..
انتهت من يوم آخر شاق وقررت أن تجدد حيويتها بالسير وهي تستمع لدندنات موسيقاها المفضلة فى أحد شوارع مدينة الزحام والشمس يحجبها غيم أخضر يظلل ركنه وكأنه هيئ لاستقبال حدث جلل، المناخ يجتاحه الهدوء وزقزقات العصافير تصنع لحنا عذبا، لم يتأتى ذاك المشهد فى ذهنها سوا بعابرين متلاحمين بأيدى بعضهما والحب جليا فى أعينهما ليظهر شبح ابتسامة على شفتيها..
يتدخل القدر واضعا العثرات لصفاء بالها فتتعثر خطاها بذاك القادم..
يبادرها قائلا: أنا أس..ليقطع كلامه تائها فى أغوار صاحبة العينين الزرقاوتين
ترد: أسفة بابتسامة تكشف عن لؤلؤات تداعبها الشمس
ينحنى ليلتقط كتابها الذى سقط
متعجبا:إنها روايتى المفضلة
ترد:قرأتها لمرات ولا أمل منها “بفخر”
يبتسم مخرجا ذات الرواية من حقيبته مكملا حديثه :آثير النشمى
تقاطعه :فى ديسمبر تنتهى كل الأحلام
يسآلها بحنو يتبعه الرجاء : ما رأيك أن نذهب لتناول القهوة
تبتسم بإيماءة القبول ، يدور بعينيه باحثا عن مكان قريب..
داخل مقهى هادئ كالشارع الذى يقطن به بأجواء ستينية وموسيقى كوكب الشرق تنبعث من داخله.
يسحب الكرسى المصاحب لمنضدة تطل على الشباك :تفضلى
فتجيب بابتسامة لم تفارقها منذ أول اللقاء : أشكرك
اختارت أن تشرب القهوة المظبوطة بينما اختار هو أن يتناولها سادة ، ينتشلها من امعان النظر فى الزهرات المجاورة لمجلسهم سائلا بشئ من الجدية : تحبين كتابات آثير؟
تجيب بيقين مؤكدة: أن نعم كانت أولى تجاربى معها فى تلك الرواية ولاتزال المحببة لقلبى، تتابع كمن تذكر شيئا للتو، صحيح لم تخبرنى ما اسمك؟
بابتسامة يشوبها الغموض :سمينى صدفة
تتعجب غريب أنت!
بلى إنه القدر صدمنا فى هذه اللحظة لسبب ما لربما أكون ذكرى ترويها الجدة لأحفادها عن مجنون تعثر بحسناء فطلبها لتناول القهوة
ترتبك حركاتها ويعلو وجهها الخجل
كان قد أنهى كوبه،فيقف مودعا إياها بحنو قائلا يومك معطر بصفاء عينيك .
تزداد خجلا تزان به وجنتيها مرددة : أشكرك على الروح التى أضفتها ليومى.
انتهت من رشف أخر قطيرات متبقية لتفيق من ذكرياتها فى ذات المقهى الذى استقبل حدثا دب الحياة بها قبل 10سنوات من اللحظة التى تجلس بها على نفس المنضدة فئ كل عام علها تلتقى عابر السبيل مرة أخرى وهى التى لم تعرف القهوة سبيلا لمبسمها قبل ذاك اليوم.
تقف مغادرة بعدما إنتهت آخر المراسم السنوية لذكراها تلتقى عند الباب بصوت تألفه روحها ينادى صدفة
ترفع عينيها على طفلة ممسكة بيد والدها الذى لم يكن سوى عابر السبيل.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.