لماذا.. الأم ؟ بقلم/ هدير حسين

«يحتفل العالم بأسره اليوم الموافق: «21 مارس بعيد الأم»، حيث أوصانا ديننا الحنيف ببر الوالدين، وطاعتهما، وإكرامهما، والإحسان إليهما، ففي حديث شريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أبوك) (متفق عليه).

و كانت فكرة «عيد الأم» في البلدان الفرانكفونية، تعبر عن أهمية المحافظة على سلوك مجتمع كان سائداً منذ القرن التاسع عشر، حتى جاء المارشال هنري فيليب بيتان، وهو عسكري وسياسي ومنظر استراتيجي فرنسي، نال في الحرب العالمية الأولى شهرة واسعة، وكتب مقالة رصينة في يونيو عام 1941، أوضح فيها أن «الأم ليست مجرد صورة توضع على الجدران يتم النظر إليها كل عام، بل لا بد أن نجعل من الأم «قيمة أخلاقية» تجسد معاني التضحية وإنكار الذات والحب الأبدي».

و هناك حقيقة تؤكد أن أول من احتفل بهذه المناسبة، هي سيدة تدعى أنا جارفز «Anna Jarvis» من ولاية فرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان ذلك عام 1908، حيث أقامت هذه السيدة احتفالاً بعيد أمها في كنيسة «Andrews»، وبعد ذلك أخذ الناس يقلدونها، وأصبح عيداً رسمياً سنة 1914، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي ويدرو ويلسون هذا العيد سنة 1913.

أما في وطننا العربي، فقد بدأت قصة عيد الأم من فكرة كتبها الصحافي المصري القدير علي أمين، وهو أحد مؤسسي دار «أخبار اليوم» المصرية التي تأسست يوم 6 ديسمبر 1955، وعلى الصفحة الأخيرة من جريدة الأخبار وتحت عموده اليومي على تلك الصفحة، كتب علي أمين: «لماذا لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه «يوم الأم»، ونجعله عيداً قومياً في بلادنا، بلاد الشرق»؟ وحدد علي أمين هذا اليوم في «فكرة» أخرى يوم 9 يناير فقال: «ما رأيكم أن يكون هذا العيد يوم 21 مارس، إنه اليوم الذي يبدأ به الربيع وتتفتح فيه الزهور وتتفتح فيه القلوب..!»، حتى أصبح الحادي والعشرون من مارس: دلالة اجتماعية إيحائية خاصة؛ باعتباره «يوم الأم»، إذ صار ذا شهرة دولية تؤكد أهمية المكانة الإجتماعية و السيكولوجية التى تحتلها الأمهات عند ابنائهن .

“الأم” أولاً وقبل كل شيء، هي صانعة تاريخ الجنس البشري بأسره وبلا منازع، فالأم عبر التاريخ هي التي غيرت مجرى التاريخ، بإنجابها أبطالاً من الزعماء والقادة وصناع القرار، ولولا جهود أمهاتهم لما استطاعوا أن يقودوا مسيرة شعوب كانت في أمس الحاجة إلى قيادات استلهمت المضامين الحقيقية لأماني الشعوب. وكما قال الشاعر أحمد شوقي: «الأم مدرسة إذا أعددتها * أعددت شعباً طيّب الأعراق».

وفي هذه المناسبة اتذكر ما جاء في سيرة أفلاطون، الذي ظل يبحث لسنوات طوال عما يزيل عنه متاعب الحياة ويجلب له راحة نفسية مفقودة.

بقي أفلاطون مهموماً، لكنه عندما استفاق من عذابات السنين كتب: «لم أجد الطمأنينة في أي مكان إلا في حضن أمي». وهذا ما دعا الرئيس الأمريكي الأسبق أبراهام لينكولن لأن يجاهر بالقول: «أنا مدين لأمي بكل ما وصلت إليه من المجد والشهرة».

أما جبران خليل جبران، فيرى أن أعظم لفظ عرفته البشرية هو كلمة «أمي».

 

الأمومة-أم-العمل..-تحديات-المرأة-العاملة5

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.