لن أموت..! قصة قصيرة للكاتبه ” نهي شكري “
مازالت تحتفظ بكل هدوئها، المضطرب أحيانًا، ودموعها المختلطة بكبريائها، بالرغم من مشاعر الخذلان، والمرارة، والعثرات، التي أصابتها، والضغوط، التي تتعرض لها، حتى باتت كقطرات المطر.. تهطل علي زجاج حجرتها، في ليالي الشتاء الباردة.
عادت بذاكرتها إلى يوم اعترافه بحبه لها، وفرحتها الشديدة، عند عودتها لمنزلها، فقد كانت الفرحة تصيح بداخلها :
“أيها العشاق، في كل مكان، علي وجه الأرض، إشهدوا بأن معشوقي قاتل.. نعم قاتل، لقد قتلني بسحره، الذي لا يقاوم..!! نعم أحبه، وسأظل أحبه.. متعبدة في محرابه..!”
كانت تعشقه، وتتمنى أن تظل بجواره طيلة العمر، ولكن فجأة.. توقفت الذكريات، عند خيانته.. وهنا أفاقت من شرودها، وأعادت جملتها السابقة، باختلاف النهاية، والدموع تغرق عينيها :
“أيها العشاق، في كل مكان، على وجه الأرض، إشهدوا بأن معشوقي قاتل.. نعم قاتل، لقد خدعني، وقتلني بخيانته..!!”
وظلت تبكي بحرقة، حتى غلبها النعاس، فنامت.
قامت في اليوم التالي، تستقبل يومها بابتسامة باهتة، يعشش فيها الحزن.. تعود لتأملها بصمت، وزخات المطر تتساقط، وتنقر زجاج غرفتها، بصوت مسموع، في الساعات الأولى من الصباح.
بدأ قلمها يسطر حروفه، بنغمته المعتادة، ليعزف لحنها الحزين..
فماذا ستكتب اليوم لقرائها..؟! هل تكتب لهم عن الأمل، وهي تفتقده..!! أم تكتب عن الحياة، التي لم ولن تعيشها، منذ خدعها حبيبها، ورحل..؟!
أفكار مضطربة، ومشاعر متأرجحة بين خذلان، وإصرار على أن تتماسك..
فتحت التلفاز، وأخذت تقلِّب في قنواته، حتى استوقفتها قناة، كان المذيع فيها يتحدث عن الحب، والعطاء، والأمان، والاحتواء، وكل المشاعر النبيلة في الحب.. وهنا ابتسمت.. ونظرت للمذيع، وهي تقول في نفسها بحسرة، ووجع :
“كم أنت مخادع..!!”
لقد تأكدت من أن حبيبها، كان يخدعها، طول الوقت، في كل كلامه، وأفعاله، وقررت ألا تبكيه، بعد ذلك، أبدًا..!
أغلقت التلفاز، وكأنها أغلقت صفحة من حياتها، لن تفتحها، مهما مر عليها من أيام..! فقد كان حبيبها، هو المذيع الذي يتكلم، الآن، وبمنتهى الحماس، عن الحب، الذي لم ولن يشعر به يومًا..!!
خرجت من غرفتها، تعلو وجهها ابتسامة الانتصار على ماض، قتلته بيديها، قبل أن يتحول يومًا لمستقبل مظلم، وهي تستقبل عالمًا جديدًا بمفردها، ولكن دون خيانة..!!