ليت البساطة تعود يوماً
الاصطناع صار سلعة العصر ويا أسفاه!
تنتشر اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي مجموعة كبيرة لا حصر لها لفيديوهات غلافها فتاه جميلة (من وجهة نظر صاحب الفيديو) ثم تبدأ الأمور تتكشف بخطوات إزالة مساحيق الزينة ،وربما يتضمن الأمر ماسك من السليكون تمت تغطينه بالكثير منها حتى صار وكأنه جزء من بشرة العارض أو العارضة ولا عجب فبعض من هذه الفيديوهات يتضمن عارضين من جنس الرجال أو من الجنس الثالث وعذراً فأنا لا أعرف لهم اسم آخر بالرغم من كون الإعلام العالمي يروج لحرية أمثالهم أكثر بكثير من الترويج لحرية من ينتسبون لفكر العفة و الحشمة في حين أنها كفتي ميزان
والغريب أن مثل هذه الفيديوهات تعترضك ،ولا أنكر الفضول الذي ينتابني بشكل شخصي لرؤيتها ،وما يتملكني بعد مشاهدتها من شعور مرعب بالزيف الذي وصل له عالمنا ،وربما يكون عرض مثل هذه الفيديوهات مفيدا للشباب ،والشابات الذين يتعلقون بجمال المظهر الزائف فهي أقرب للتنفير من الترويج من وجهة نظري المحدودة ،والذي يروج له الإعلام أيضاً لدرجة تشعرك بشك في كل ما حولك فربما هذه السيدة الجميلة ذات الجسم المتناسق، والبشرة الساحرة هي بالفعل ساحرة تستخدم مجموعة من المشدات التي تبرز جسمها بهذه الأناقة وربما ابتسامتها الساحرة وأسنانها الناصعة البياض أشبه بطقم أسنان تستخدمه كعدسات عينيها الزرقوات…
أما عن دعوى إن الله جميل يحب الجمال -التي يستخدمها كل من تراجعه في مبالغته – فأنا لا شك عندي فيها ،ولكن تفسيرها كما يتراءى للبعض هو هذا الجمال الواهي عديم الإنسانية والذي يأخذنا لساحة التماثيل الشمعية والأضل سبيل عندما يقال أن الأنثى عليها أن تهتم بنفسها ،ومن حقها أن تجد الرجل الذي تحب في أبهى صورة وطبعا هذا أمر لا خلاف عليه أيضاً ولكن التدليس يحدث عند ربط هذا الجمال بالفلير والسليكون والإسراف في دهن المساحيق التي بدأ بعض الذكور يشارك فيها الإناث وياويلي من السطحية التي ننزلق إليها ترى هل للدمية باربي دورا فيها ! فنحن نرى الأمر يتفاقم واللهث للوصول إلى نموذج باربي البارد الجامد يتزايد بشكل مثير للشفقة.
ومن المؤلم أن أطفالاً يتوجهون في مظهرهم للتلون والتزين بالمساحيق والأم والأب يساعدان في ذلك ويمنحانهم الحرية والعذر وهذا النوع من التدليل أصبح شائعاً لدرجة جعلت الطفولة فيها شيء من التشوه الغير مقبول فكلنا عبثنا بمساحيق أمهاتنا بدافع التقليد ومحاكاة الكبار ولكن دائما كنا نتخفى ونختبئ بالرغم من جهلنا بسبب المنع ولكننا كبرنا وأنجبنا وأردنا أن نريح صغيراتنا وندللهن أكثر ونتجنب ما كان يضايقنا من تعنت أهالينا فتركنا لهم الحبل على الغارب في حين أن الأولى كان أن نكون أكثر نضجاً وأبسط طرحاً فلا يخفى علينا الآثار السيئة التي تواجهها النساء إثر الركض حول المظهر المثالي وإن كان لابد فالتوجه يجب أن يكون للاهتمام بالصحة العامة والغذاء الصحي والرونق النابع من ممارسة الرياضة والتصالح مع الذات خاصة وأن هذا التوجه يسير متوازيا مع التوجه السابق طرحه ،والذي تشربنا به منذ الصغر بانتقالنا من حمل دمية طفل لحمل أمَنا باربي، وإن لم تكن باربي هي السبب فمن المسئول عن الترويج لهذه الصنوف الزائفة من الجمال الاصطناعي ؟وهل للعولمة دور في هذا؟
وهل للتعليم دور بالتصدي لهذه التوجهات ؟ أظن أنه أصبح مهماً أن يدرس الجمال بكل فروعه لنرتقي بالذوق العام ، ويلحق المناهج التعليمية بتنوعها وعي أكثر بجمال المكان ،وجمال المظهر ،ودراسة الموضة، والأزياء ، وتطورها ، وصحة البدن وكل متعلقاته …وبث الثقة بالنفوس ، وتقبل الذات ،والبحث عن الجمال الداخلي، والتصدي للمدخلات التي ترد إلينا من الخارج ، وتشوه جمالنا الفطري وتأخذنا لمخاطر مسرطنة ، وأمراض لا حصر لها وربما يذهب ضحية ًلها كثيرون جعلت منا فئران تجارب لمستحضرات وعمليات يروج لها عالميا ونعرف أبعادها فقط بعد الانخراط فيها بدافع البحث عن الجمال أو التقليد الأعمى …وللوصول لفكر راقي دائما وأبدا نوصي بالتعليم ويليه التعليم ثم يأتي دور التعليم في النهاية.