ليست كل الجراح تشفي بالوقت، فالنفس البشرية ضعيفة هشة وقابلة للسقوط.

الجراح التي رفضت الانغلاق رغم ألمها، إلا أنها كانت أكثر إخلاصا في تعليمك معنى النضج. بعض الجراح تخلق فينا ملامحنا الأعمق على الإطلاق، وتتحول مع الزمن إلى مشروع هوية واضحة المعالم.

بقلم نولا رأفت

النفس البشرية

كل ألم حفظت معناه صار جزءًا لا يتجزأ من هويتك. اليوم نحن لا ننسى، ما نسميه “شفاء” ليس نسيانًا للجرح، إنما قدرتنا على التعايش معه بشكل مختلف.

ستتعافى حين تجعل جراحك تتحدث عنك، لا عن من جرحك. كل جرح هو نداء من عمقك يقول: “هنا مكان لم تحبه بعد…”. الجرح هو عبور النور بكثافة من موضع كان مظلمًا.

لا تسكن الجراح في جسدك فحسب، بل في ذاكرة الظلام لكل خلية فيك. لذلك فإن كل جرح هو طقس نوراني للعبور نحو الارتقاء.

قصتك المؤلمة تلك التي لا يعرف أحد تفاصيلها، فالشجاعة أن تقف وحيدًا في ساحة المعركة وأنت تعلم أن النصر ليس مضمونًا. وأيضًا الهرب هو شيء محرم. فلم يكن النضج بالعمر، بل تلك الليالي قد فعلت ذلك.

تجربة حقيقية

حروف من تجربة ومشاعر حقيقية. فكل إنسان يخوض معركته بنفسه. لو دخل كل منا قلب الآخر لاشفق عليه من فرط الألم وقساوة التجربة ومرارة الأيام.

وربما اللطف هو الشيء الوحيد الدافئ، فهو يفتح منفذًا صغيرًا للراحة وسط فوضى الحياة. وأن الجراح إذا خبأتها شفيت والتأمت جروحها، فلا تبح بها، بل اكتمها بداخلك ولا تخبر أحدًا بها.

قد نفشل لمرة ومرتين، ولكننا نتعلم من هذا الفشل ونستطيع أن ننهض ونقوم مرة أخرى. لولا هذه الظروف لما وصلت لما أنا عليه الآن.

تخيل عزيزي القارئ أن حياتك تسير على وتيرة واحدة، فكيف ستكون؟ لا تشعر بقيمة الأشياء والنعم التي من حولك إلا إذا مررت وتجرعت الألم والعوائق والصعوبات.

تمضي الأيام والسنوات فتجبر على أن تلمس مكان الجرح القديم والمكان الذي هربت منه لفترة طويلة. ربما تجد علامة سطحية أو ندبة عميقة. تكتشف أنك لم تنسى ذكرى الجرح وكيف حدث، ولكنك تكتشف أيضًا أن مكانه لم يعد يألمك، كأنه لم ينجرح. وقتها ستعلم أن جرحك هذا قد شفي.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.