مات الرجل وهرب الأقارب ولم يجد من يقوم بدفنه؟!!!

د/أحمد مقلد

مات الرجل وهرب الأقارب ما بين فن التعامل مع المرض وأسلوب التعايش معه ظل هناك ميراث من الأسى المطبوع على وجوه البشر والمصبوغ بحدة التعامل وعدم الصبر على تمام القضاء عليه، وفي كل تفاعل وتعامل كان الحذر هو القرار الذي يجب اتباعه وذلك خوفا من التجمعات، وخوفا من كل ما يحيط بالأفراد داخل كل تجمع لكون التجمعات قد يكون فيها وبينها من قد خالط مصاب أو يحمل الإصابة وقد ينشرها لغيره.

مات الرجل وهرب الأقارب

كان قرار العزل المنزلي والاحاطة الداخلية داخل مكنون الذات خوفا وترقباً من الجميع، لذا سادت روح الانهزام والانكسار لدى أفراد المجتمع، ولم تستقم بهذه الحياة فكان التباعد أسلوب حياة ووسيلة للحفاظ على البقاء من خطر مجهول ومرض قاتل تستر داخل الهواء، فهذا الفيروس القاتل (COVID19) لا شكل له ولا رائحة ولكنه قاتل أجير يبحث عمن يقتله ويهاجمه حتى إذا تمكن من الوصول بالإصابة المؤكدة لشخص ما، بدأ يظهر هذا الفيروس قوته ويوضح قدراته وقد تتصاعد الإصابة وقد تصل إلى الوفاة وفي كل لحظة تمر على المصاب في لحظة إصابته يشعر بهوانه على نفسه ويشعر بمدى خوف من حوله من القرب والتواصل معه.

الطبيب يجهز الغرفة المعزولة

ومما سمعته وقرأته في هذا الشأن أن أحد المرضى بهذا المرض في دولة أوروبية كان رجل مسن وحين شعر بدنو الأجل قال للطبيب المعالج أنه يرغب في رؤية أبنائه، فتعاطف معه الطبيب وجهز غرفة معزولة ومعقمة ووضع حواجز تمنع انتشار الفيروس، وبعد تجهيز الاستعدادات الضامنة لسلامة الأبناء، اتصل بهم الطبيب وأخبرهم برغبة الأب في رؤيتهم فكانت الإجابة منهم جميعا هي الرفض.

مات الرجل وهرب الأقارب
مات الرجل وهرب الأقارب

الجميع تبرأ من القيام بمراسم الدفن

وفي واقعة حقيقة قصها على أحد الأصدقاء وقد حدثت في دائرة قرابته حيث تمت إصابة حالة بفيروس كورونا ولم تصمد فماتت وفي جوف الليل جاءت عربة الإسعاف لتسليم الجثة وفي حضور الشرطة، واخذوا يطرقون أبواب اقاربها حتى أن الجميع تبرأ من استلامها والقيام بمراسم الدفن حتى قال الضابط لهم كلمته التي تعجز اللسان عن النطق او الرد فقد قال لهم: ” هل ماتت المروءة فيكم أم أنكم فقدتم بشريتكم فإن لم تحفظوا لحمكم فمن يحفظ عرضكم وأين حرمة الموت يا من هان عليكم الموت ونسيتم أننا ننتظر بلوغ الأجل فهل تقبلون هذا المصير”.

مات الرجل وهرب الأقارب
مات الرجل وهرب الأقارب
مفاهيم ومعتقدات ربما تتناقل عبر الإعلام المرئي والمسموع والمقروء

لو نقلت لكم ما سمعت وقرأت لما وجدت كلمات تسعفني ولا مساحة تتسع لنص ما سأكتب فالمصاب جلل والازمة أصعب في وصفها وفي التعبير عنها فهل يعقل أن يموت الميت ولا يجد من يدفنه أو يمرض المريض ولا يجد من يضمد جراحه فكما قيل عن هذا الفيروس القاتل فقد هون الموت وأهانه، ومن خلال تجربة العديد من المحاولات للتخلص من خطر هذا الفيروس ومحاولة مواجهته تجمعت مفاهيم ومعتقدات، ربما تتناقل عبر الإعلام المرئي والمسموع والمقروء ولكن قد يتخللها بعض الموضوعات الغير مؤكدة، ولكنها تلقى القبول عند البسطاء ومحبي الحياة فيسعون لتنفيذها بهدف حماية أنفسهم ولكن ربما تكون تلك الأشياء في طور التجريب وربما تكون من وحي الإيحاء

أمثلة للشائعات ووسائل العلاج

فقد ذاع مثلاً أن بلاد جنوب أفريقيا يتداوون بمنقوع نبات الشمر وصنعوا منه علاج شافي وكذلك الهندوس في بلاد شرق آسيا ادعوا أن بول البقر علاج شافي للقضاء على الفيروس، وهنا تتدخل الصحة العالمية لتؤكد لا صحة لكل ما سبق وغيره وحيث أننا مازلنا في مرحلة التجارب الدولية لاكتشاف علاج أو لقاح تجريبي فإنه يظل الخوف والاكتئاب هم أبطال الحدث وشهود على انهيار العلاقات البشرية.

 

مات الرجل وهرب الأقارب ففي نهاية المقال أقول أننا جميعا قد أصابنا إما بالمرض وإما بالخوف منه وما بين هذا وذاك يكون الاكتئاب نتيجة انتشار الأخبار السيئة والتي تتناول أخبار الموت والتهديد دون مراعاة لما سيكون من أثر نفسي يعقبها نتيجة التراكمية في تلك المشاعر ولكني أقول كلنا مرضى وسيزول المرض بالتقارب في الفكر والتباعد عن العادات الخاطئة والعلاج قادم لا محالة وهذا ما ذكره الرسول الكريم في الحديث الشريف في مسند الإمام أحمد من حديث أسامة بن شريك عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء ، علمه من علمه وجهله من جهله ، وفي لفظ : إن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء ، أو دواء ، إلا داء واحدا ، قالوا : يا رسول الله ما هو ؟ قال : الهرم قال الترمذي : هذا حديث صحيح .

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.