ماسبيرو يحتضن الدبلوماسية والإعلام.. صالون ثقافي حافل بتشريح النظام الدولي وحرب الهوية
كتب/ ماجد مفرح
شهد مبنى ماسبيرو العريق اليوم السبت، وصول الإعلامي الكبير حسن حامد، الرئيس الأسبق لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، لحضور فعاليات الصالون الثقافي، حيث كان في استقباله الكاتب أحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام. وقد شكّل حضور حامد إضافة نوعية لأمسية ثقافية وسياسية رفيعة المستوى، استضافت سعادة السفير نبيل فهمي، وزير الخارجية المصري الأسبق والمرشح الرسمي لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية.
وتأتي هذه الأمسية ضمن سلسلة استضافات هامة للصالون، الذي سبق له استقبال وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي، والمفكر الاقتصادي الدكتور محمود محيي الدين، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة للتنمية المستدامة، مما يؤكد دوره كمنبر فكري وإعلامي بارز.
نبيل فهمي: انتهاء «صفقة 1945» وبداية التغيرات الكبرى
من داخل استديو أحمد زويل، قدم السفير نبيل فهمي قراءة معمقة وتحليلية للنظام الدولي الراهن، موضحًا أن النظام الحالي تأسس عقب نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، وقام على توازن القوى بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، مع اتفاق ضمني على احترام مناطق النفوذ.
وأكد فهمي، أن هذه “الصفقة” قد انتهت في عام 1991، وأن العالم اليوم يشهد تغيرات كبرى بعد انتهاء نظام توازن القوى التقليدي. وفي سياق نقده لبنية القوة الدولية، أشار وزير الخارجية الأسبق إلى أن الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن لم تعد بالضرورة الأقوى عالميًا، حيث يرى أن ثلاث دول فقط من بينها ما زالت تحافظ على مكانتها بين الأقوى، مؤكدًا: “لقد تغير هيكل القوة ولم يتغير هيكل مجلس الأمن”.

الشرق الأوسط في عين العاصفة.. تحديات حرب الهوية
انتقل السفير نبيل فهمي، بتحليله إلى منطقة الشرق الأوسط، واصفًا إياها بأنها “منطقة قلقة مضطربة”، ولكنه عاد ليؤكد أن هناك بوادر تحسن تلوح في الأفق.
وحذر فهمي، من وجود “حرب هوية” في المنطقة، مشيرًا إلى أن أطرافًا خارجية تسعى لتغيير هوية الشرق الأوسط من منطقة أساسها عربي إلى “شرق أوسط به بعض العرب”. وعدد فهمي ثلاثة مشاريع رئيسية تسعى لهذا التغيير:
الثورة الإيرانية، الهادفة إلى تصدير أفكارها
المشروع التركي الجديد ذو البعد الديني، الذي يسعى لفرض رؤاه.
إسرائيل التي تعمل على تغيير هوية المنطقة سياسيًا واقتصاديًا، وتزعم أنها بوابة العالم للشرق الأوسط.
الريادة الفكرية وتكريم قامات ماسبيرو ورواد الإعلام العربي
وشدد وزير الخارجية الأسبق على أن القوة الناعمة المصرية هي “أساس مهم للغاية في قوة مصر الشاملة”. ودعا إلى ضرورة تعزيز الريادة الفكرية ومواكبة العلوم والتكنولوجيا، لتكون مصر جزءًا فاعلًا من حركة الفكر والعلم في العالم. وأوضح أن الأولوية المصرية يجب أن تنصب على تطوير الذات داخل المنطقة، قائلاً: “ليست مهمتنا تحريك الفكر أو المشاركة في حركة العولمة في أمريكا اللاتينية بل مهمتي هي في منطقتي، يجب أن تكون أعيننا على تطوير أنفسنا”.
وفي سياق القوة المصرية، أشار فهمي إلى أن اختيار مصر لتوقيع اتفاقيات وقف إطلاق النار هو “أمر طبيعي”، مؤكدًا أن جهد مصر “جوهري” في الوصول إلى هذه النتائج، وأن توافق الشركاء، وخاصة الولايات المتحدة، على اختيار مصر لهذا الحدث الكبير يؤكد مكانتها.
كما أكد فهمي أن مصر تمتلك “جيشًا قويًا ولكنها لا تستخدمه خارج القانون الدولي”، مشددًا على ضرورة أن تسود “قوة القانون” بدلاً من “قانون القوة” لحفظ أمن المنطقة والعالم.
وفي ختام فعاليات الصالون الثقافي، تم منح وسام ماسبيرو لنخبة من رواد المبنى وقامات الإعلام العربي، بحضور السفير نبيل فهمي. وأعلن الكاتب أحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، عن تكريم الأساتذة الكبار: حسن حامد وأمينة صبري وهالة الحديدي، تثمينًا لإسهاماتهم الكبيرة في مسيرة الإعلام العربي.