محتوى هابط يهدد القيم والأخلاق .. تدخل حكومي حاسم
بقلم/ إيمان سامي عباس
محتوى هابط.. تحركت الحكومة المصرية سريعًا وبحزم لمواجهة الانحطاط الأخلاقي والتجاوزات الصادمة التي تبثها بعض حسابات «التيك توك»، والتى وصلت إلى مستوى غير مسبوق من الابتذال والعروض الخادشة للحياء، وكأنها تبث من داخل غرف مغلقة. هذا المحتوى شكّل تهديدًا مباشرًا للقيم والأعراف وثوابت المجتمع وتعاليم الأديان، فضلًا عن ارتباطه بجرائم غسيل الأموال والسعي للثراء السريع خارج إطار القانون والمعايير الأخلاقية.
وقد جاء تدخل وزارة الداخلية فى توقيت بالغ الأهمية ليكون رادعًا لكل من يحاول نشر هذا المحتوى المبتذل، حفاظًا على المجتمع من الانحدار الأخلاقي والثقافي.
التيكتوك كارثة صامتة تضرب الاقتصاد والتربية والسلوك العام
تتجاوز خطورة محتوى «التيك توك» الهابط كارثة أخرى أكثر اتساعًا، وهى انتشار مركبات «التوك توك» بشكل غير منضبط فى شوارع مصر. فبحسب إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ عددها ما يقرب من 190 ألف مركبة، أغلبها متمركز فى محافظات الوجه البحرى والقبلى، مما يشير إلى ظاهرة آخذة فى التضخم تستوجب وقفة وطنية جادة.
ورغم صدور قرار بحظر استيراد «التوك توك» عام 2021، فإن الظاهرة ما زالت تتفاقم، مخلفة آثارًا خطيرة على الاقتصاد وسوق العمل. فقد اتجه كثير من أصحاب الحرف والمهارات—كالنجارة والميكانيكا والسباكة—إلى قيادة «التوك توك» بحثًا عن ربح سريع، الأمر الذى أفقد مصر جزءًا كبيرًا من العمالة الماهرة التى يحتاجها الاقتصاد الوطنى والمشروعات القومية الكبرى. كما أدى ذلك إلى صعوبة العثور على عمال مهرة بالكفاءة المطلوبة.
ولا تقتصر خطورة «التوك توك» على الاقتصاد فقط؛ إذ ارتبط فى العديد من الحالات بالبلطجة والتحرش وترويج وتعاطى المخدرات، بل وصل الأمر فى بعض الوقائع إلى جرائم قتل وسرقات. كما يساهم فى تشويه المشهد الحضارى للشوارع المصرية، وينشر ثقافات هابطة وألفاظًا نابية، خصوصًا مع سماح كثير من الأسر لأولاد لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات بقيادته، مما يؤدي إلى التسرب من التعليم والانخراط المبكر في سلوكيات منحرفة.
وتشير بعض الوقائع إلى لجوء سكان مناطق راقية إلى الاستعانة ببلطجية لمنع دخول «التوك توك» إلى شوارعهم، بعد تعذر تدخل بعض المسؤولين المحليين، وهو أمر فى غاية الخطورة يعكس حجم الفوضى التي خلّفتها هذه المركبات.
ضرورة المواجهة وإيجاد البدائل
إن خطر «التوك توك» متعدد الجوانب: اقتصادى واجتماعى وأمنى وتعليمى وأخلاقى. ورغم وجود عدد من السائقين الشرفاء الذين يسعون إلى رزق حلال، فإن حجم الضرر يفوق بكثير حجم النفع، ويستدعى تحركًا شاملًا يشمل:
استبدال التوك توك بمركبات حضارية مرخّصة وتخضع للضوابط.
تأهيل السائقين وتدريبهم على حرف ومهن يحتاجها سوق العمل.
علاج حالات الإدمان لمن يثبت تعاطيهم، وإخضاع آخرين لتأهيل نفسى وسلوكى.
تشديد الرقابة على دخول هذه المركبات إلى الشوارع الحيوية والمناطق السكنية.
إن استمرار هذه الظاهرة يمثل خطرًا جسيمًا يهدد المجتمع ويضر بالاقتصاد والذوق العام ويشجع على الجريمة، لذلك فإن مواجهتها أصبحت ضرورة وطنية، تمامًا كما نجحت الدولة فى مواجهة المحتوى الهابط على «التيك توك».
كاتبه المقال: إيمان سامي عباس



