محمد الغنيمي: هناك شعراء نجحوا بضربة حظ.. وهذا الملحن أرفض التعاون معه
محمد الغنيمي يفتح قلبه لأول مرة: أسرار وحكايات نارية عن محطات فارقة في مشواره الفني
استطاع أن يحجز لنفسه مكانة خاصة في قلب الأغنية العربية بكل ما يحمل من حضور آسر وكلمات تنبض بالرقي، … إنه الشاعر الغنائي محمد الغنيمي، صاحب البصمة المميزة والإحساس الذي يلامس القلب قبل أن يصل إلى الأذن.
إعداد وحوار: ريهام طارق
في هذا الحوار الفني، نقترب أكثر من عالمه الإبداعي، نستعرض أهم محطات مسيرته الفنية، ونتوقف عند أبرز التحديات التي واجهها، كما نغوص في رؤيته الخاصة للأغنية، وتفاصيل الرحلة التي شكّلت هويته الشعرية.
في البداية نرحب بالشاعر الغنائي محمد الغنيمي في جريدة أسرار المشاهير ونشكره على إتاحة الفرصة لإجراء هذا الحوار من سلسلة حوارات كلام من القلب مع ريهام طارق.
دعنا نبدأ من البداية… من هو الشاعر محمد الغنيمي؟
أنا محمد الغنيمي، شاعر غنائي من مواليد مدينة بورسعيد، وُلدت في الثامن والعشرين من مايو عام 1983، برج الجوزاء، درست في كلية الآداب، وتخصصت في قسم اللغة الفرنسية.
حدثنا عن المرة الأولى التي كتبتَ فيها الشعر؟
أنا نشأت في منزل عاشق للفن والدتي كانت مدرسة موسيقى تجيد العزف على البيانو، وكنت أستمتع كثيرًا، أما والدي، فكان عاشق للأدب والشعر، يكتبه كهواية أذكر جيدًا أنه في أحد مواسم المولد النبوي، كتب قصيدة في مدح نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، وطلب مني أن ألقيها، وكانت تلك هي اللحظة التي اكتشف فيها والدي شغفي بالشعر وإلقائه.
لكن ما زال عالقا في ذهني حتى اليوم نصيحة قالها لي في تلك الليلة: “لا تكتب الشعر إلا إذا كنت مستعدا له حقا… فالشعر ليس مجرد كلمات تقال، بل رسالة ومسؤولية.”
وفي المرحلة الإعدادية، كنت متعدد المواهب؛ أحببت كرة القدم، وتميزت في الرسم والخط، وكنت أكتب جميع لوحات المدرسة في بورسعيد الثانوية، لكن شغفي بالشعر استمر مشتعل بداخلي.
خلال سنوات الجامعة، انضممت إلى مجموعة من الأصدقاء الذين شكّلوا كورال أطفال في مكتبة الطفل ببورسعيد، وكنت أكتب لهم الأغاني كهواية نابعة من حبي للفن، وفوجئت بأن هذه الأغاني حصدت جائزة المركز الأول على مستوى الجمهورية، عندها، تأكدت من أن موهبتي ليست عابرة.
هل كان لأسرتك دور في دعم موهبتك الفنية؟ وهل قوبل شغفك بالأغاني بالتشجيع أم بالخوف من صعوبة هذا الطريق وعدم استقراره المادي؟
في البداية، كان هناك بعض القلق الطبيعي، خاصة أن الطريق الفني معروف بصعوبته وغموض مستقبله, لكن عندما رأت أسرتي مدى تمسكي بالشعر، وكتابة الأغنية، وشغفي الكبير وطموحي الصادق، لم يترددوا في دعمي، و شجعوني على خوض التجربة، بل و ساندوني في خطوة الانتقال من بورسعيد إلى القاهرة، وقدموا لي كل ما يستطيعون من دعم ومساندة ونصيحة، أما عن المستقبل، فكما كان يقول لي والدي دائمًا: “الأمان الحقيقي بيد الله، والنجاح لا يُولد من التردد بل من الإقدام والثقة“.
متى شعرت أن بداخلك فنان حقيقي محترف وليس هاوي ؟
منذ طفولتي، كنت أكتب الشعر العامي بشغف كبير، وكنت محظوظًا بفوزي بالمركز الأول في مسابقة شعرية نظمتها وزارة الشباب والرياضة على مستوى مراكز الشباب بالجمهورية، هذا الإنجاز في سن مبكرة منحني دفعة قوية وإيمانًا بموهبتي، مع مرور الوقت، بدأت أكتشف أن شغفي الحقيقي يميل نحو كتابة الأغاني، وليس مجرد الشعر التقليدي، فقررت أن أطور نفسي وأُصقل موهبتي بالقراءة والدراسة والاستماع الجيد لأعمال فنية متنوعة، سواء كانت عالمية أو محلية.
عند هذه النقطة، أدركت أنني مستعد لاتخاذ خطوة الاحتراف بجدية، فتركت مدينتي بورسعيد وانتقلت إلى القاهرة، وبدأت رحلتي بكل ما فيها من تحديات، لم يكن من السهل أن تجد مكانًا لك في وسط مزدحم بالمواهب والأسماء اللامعة، خصوصًا أن كبار الملحنين في ذلك الوقت لم يكونوا يرحبون بالتعاون مع أسماء جديدة غير معروفة.
لذلك، قررت أن أبدأ مع الملحنين الشباب الموهوبين الذين يشبهونني في بداية الطريق، وبدأت أبحث عن ملحنين جدد، يمتلكون الموهبة والاحتراف رغم قلة شهرتهم، وتعاونت معهم، وهذا النهج تبنيته منذ البداية، وما زلت أؤمن به حتى اليوم أن أمد يدي للمواهب الجديدة، ليس فقط لتقديم شيء مختلف، بل أيضًا لإعطاء فرصة حقيقية لمن يستحق الدعم.
متى كانت أولى خطواتك الاحترافية ؟
بدايتي الفعلية كانت مع الفنان عبد الفتاح الجريني، حيث كنت أكتب و ألحن في الوقت ذاته، وفي تلك الفترة، تعرفت على مجموعة من المبدعين، مثل شريف إسماعيل، وأحمد أبو زيد، و مودي جمال، و شكّلنا معًا ورش عمل فنية، و بدأنا ننتج أعمالا جديدة بروح جماعية، وما زالوا شركاء رحلتي حتى اليوم.
من هو أول شخص من الوسط الفني آمن بموهبتك وراهن عليك فعلًا، وخرج من هذا الرهان فائزًا؟
في الحقيقة، أنا كنت أول من آمن بموهبتي، وكنت أيضًا أول من راهن عليها، منذ اللحظة الأولى، اعتمدت على نفسي بالكامل، و لم يكن هناك من يفتح لي الأبواب أو يعرّفني لمطرب أو شركة إنتاج، ولم يكن لي داعم في هذا الوسط الصعب، ومع ذلك، لم أتوقف. واصلت الطريق بإصرار، وتحملت كل التحديات دون أن أيأس، وعلى يقين أن من يملك الموهبة الحقيقية والشغف، سيصل مهما طال الطريق.
محمد الغنيمي: بدأتُ من فرح .. وأغنيتي الأولى بصوت حمادة هلال كانت جواز عبوري لـ نجوم الصف الأول.
متى طرح لك أول أغنية ومن كان الفنان الذي قدمها..صف لنا شعورك وأنت تسمعها لأول مره؟
تلك اللحظة لا تنسى، كانت البداية الحقيقية لي، حين التقيت بالفنان الكبير حمادة هلال صدفة في أحد الأفراح بمدينة بورسعيد، وكان ذلك تقريبا في عام 2003، استمع إلى أغنية من كلماتي، وأعجب بها، فطلب الأغنية وبدأ العمل عليها فورًا.
وعندما طرحت الأغنية بصوته، غمرتني سعادة لا أستطيع وصفها بالكلمات، أتذكر تمامًا نبرة صوتي المرتجفة وأنا أتصل بعائلتي وأقول: نزلت لي أول أغنية بصوت حمادة هلال!”، وكانت جدتي أكثر من شعر بالفخر والفرح.
لكن بعد هذه الفرحة، وقفت مع نفسي وقفة طويلة، دامت قرابة ثلاث سنوات، لم أكتب خلالها، بل قررت دراسة السوق الغنائي من جذوره، من أغاني عبد الوهاب وحتى موسيقى الألفينات، كنت أبحث عن سر النجاح، وارسم لنفسي طريق مختلف، يحمل بصمتي أنا، بصمة اسمها محمد الغنيمي.
ثم كونت فريق عمل قويا من ملحنين شباب موهوبين، وبدأت أولى خطواتي في التعاون مع نجوم كبار من الوطن العربي مثل :”راغب علامة، لطيفة، تامر عاشور، رامي جمال، شيرين، نوال الزغبي، وائل جسار” وغيرهم.
مسيرتي كُتبت بتوقيعات نجوم متعددة، لكل أحد منهم بصمته الخاصة في قلبي قبل أغنياتي.
من هو النجم الذي شكّل التعاون معه نقطة تحول مؤثره في مسيرتك الفنية؟
في الحقيقة، لا أستطيع أن أحدد اسمًا واحدًا فقط، لأن كل ملحن أو مطرب تعاونت معه كان بمثابة مدرسة خاصة أضافت لي الكثير، وكل تجربة خضتها تركت لديّ ذكرى جميلة، وأثرت في طريقة تفكيري، وساهمت في توسيع دائرة علاقاتي، بل وانعكست على أسلوبي في الكتابة وتعاملي مع شكل الأغنية عمومًا، و منحني خبرة مختلفة، ورؤية أعمق للسوق والجمهور، ولهذا أعتبر أن مسيرتي كتبت بتوقيعات متعددة، لكل فنان فيها بصمته الخاصة في قلبي قبل أوراقي.
ما الذي يميز النجم الحقيقي ويجعلك متحمسًا لتقديم عمل غنائي له؟
النجم الحقيقي هو الشخص الذي يعرف جيدًا ما الذي يريد أن يقدمه، ولديه رؤية واضحة لـ خطواته القادمة، ويبحث دائما عن الجديد وأعمال فنية تلامس الواقع وتترك أثراً إيجابيًا في نفوس الجمهور.
محمد الغنيمي: هذا هو معياري الذي أبحث عنه في كل تعاون مع أي مطرب.
هل هناك مطرب كنت تتمنى التعاون معه، ولكن لم تسمح الظروف بذلك بعد؟
بصراحة، أنا لا أضع حدودًا في اختياراتي، واتمنى ان أتعاون مع كل فنان موهوب، سواء كان من النجوم الكبار أو من المواهب الجديدة الأهم بالنسبة لي، من الاسم هو حرص المطرب على تقديم فن راقي وجيد، فن لا يتبع التقليد أو يحاكي أسلوب فنانين آخرين، يمتلك رؤية فنية مستقلة، ويسعى دوما لتقديم شيء مختلف ومؤثر، ليحدث تأثيرا حقيقيا في الساحة الفنية، هذا هو معياري الذي أبحث عنه في كل تعاون مع أي مطرب.
اقرأ أيضاً: راهبة وجدت في صمتها عزاء وفي وحدتها حرية
محمد الغنيمي: الأفضل بالنسبة لي هو أن ألتقي بصناع لديهم نفس الشغف للعمل معي وهم يؤمنون بما أقدمه ويقدرون رؤيتي
هل واجهت ما يمكن تسميته بـ”حرب خفية” من زملاء أو منتجين سعوا لإغلاق الأبواب في وجهك؟
أنا دائمًا أؤمن بتقديم حسن النوايا وأحرص على رؤية الأمور بمنظور إيجابي، الحياة بطبيعتها مليئة بالضغوط، ومن الطبيعي أن لا يكون الجميع مثاليا في تعاملاته، نلتقي بأشخاص يحبوننا، وآخرين قد لا تجد بينك وبينهم الكيمياء المطلوبة للعمل
لكنني لا أعتبر ذلك عائقا أو صراعا بالعكس، لأنني اؤمن أن أي إنسان لا يستطيع أن يمنع الرزق، و إذا قابلت شخصًا لم يشعر برغبة في خوض تجربة العمل معي، لا أحمل ضغينة أو أشعر بحزن لأنني في النهاية، أبحث عن الأفضل، والأفضل بالنسبة لي هو أن ألتقي بصناع لديهم نفس الشغف للعمل معي، وهم يؤمنون بما أقدمه ويقدرون رؤيتي.
هل الموهبة وحدها تكفي لتحقيق النجاح؟
الموهبة وحدها ليست كافية لتحقيق النجاح، النجاح مفهوم نسبي يختلف من شخص لآخر، هناك من يرى النجاح في الانتشار السريع، أو في بيع أكبر عدد من الأعمال في عام واحد لكن بالنسبة لي، النجاح الحقيقي هو النجاح الذي يستمر طويلاً.
أنا أؤمن أن نجاح الأغنية لا يقاس بعدد مبيعاتها أو شعبيتها المؤقتة، بل بمقدار الأثر الذي تتركه في القلوب، أغنية واحدة جميلة قد تحمل رسالة طيبة، تعطي طاقة إيجابية، وتفرغ شحنة حزن، وتصبح كدواء شافٍ للمستمع وعندما تنتهي الأغنية، تنتهي معها كل الطاقات السلبية التي حملها المستمع معه، ليشعر بالراحة والسلام الداخلي.
محمد الغنيمي: الكذب يمكن أن يكون سحابة عابرة، لكن تأثيره يبقى طويلاً في النفوس، ويصعب نسيانه.
ما هو أكثر موقف مؤلم لا يزال عالقًا في ذاكرتك؟
أكثر المواقف التي تظل عالقة في ذاكرتي تؤلمني هو الكذب وعدم الشفافية في التعامل، أنا إنسان بسيط وصريح، أؤمن بالوضوح في كل شيء، وأحب أن يكون التعامل بين الناس قائمًا على الصدق والشفافية.
عندما أواجه نقصًا في هذه الصفات، أشعر بحزن عميق، لأنني أعتقد أن التواصل المباشر والصادق هو أساس أي علاقة ناجحة الكذب يمكن أن يكون سحابة عابرة، لكن تأثيره يبقى طويلاً في النفوس، ويصعب نسيانه.
هل فكرت يومًا في الابتعاد عن مجال الكتابة؟
راودتني هذه الفكرة في بعض اللحظات، لكن ليس بدافع الهروب، بل من أجل استراحة ضرورية، أحيانًا أشعر أنني بحاجة إلى الانسحاب المؤقت، لأمنح عقلي مساحة يتنفس فيها بعيدًا عن ضغوط الإبداع والتفكير المتواصل، هذا التباعد القصير يمنحني فرصة لإعادة شحن طاقتي، لأعود من جديد بأفكار متجددة وحضور أقوى.
هل ترى أن الأغنية وسيلة فعالة ومؤثرة في المجتمع؟
أنا مؤمن أن الأغنية ليست مجرد وسيلة ترفيه فقط، بل أداة وعي وتوجيه، بل قد تكون أحيانًا أقوى من أي خطاب أو مقال، لذلك، لا شيء يدفعني للعودة إلى الكتابة أكثر من رغبتي في تقديم عمل موسيقي يحمل رسالة تستحق أن تصل، و تسمع، وتترك أثرا في وجدان الناس.
من أين تستمد إلهامك؟ وهل هناك لحظات أو ظروف معينة تدفعك للكتابة؟
استلهم كتاباتي من الناس… من تفاصيلهم الصغيرة، من أزماتهم وتجاربهم، سواء كانوا مقربين مني أو غرباء مرّوا في حياتي مرورًا عابرًا لكنه ترك أثرًا، أنا أؤمن أن المشاعر الإنسانية الحقيقية هي الوقود الأول لكل كلمة أكتبها أما أكثر اللحظات التي تحفزني للكتابة، فهي تلك التي أشهد فيها موقفًا صادقًا، أو أسمع قصة حقيقية تحمل في طياتها وجعًا أو حلمًا أو حتى لحظة صمت… لحظة واحدة فقط قد تفتح أمامي بابًا لفكرة جديدة وقصيدة لم تكن في الحسبان.
هل سبق أن كتبت أغنية تعبّر عن تجربة شخصية مررت بها؟
بالتأكيد، هناك العديد من الأغاني التي ولدت من تجاربي الشخصية، لكنها ليست وحدها، في كثير من الأحيان، أكتب عن تجارب لأشخاص قريبين مني، عشت تفاصيلها معهم لحظة بلحظة.
هل حدث أن بكيت أثناء كتابته اغنيه؟
نعم، بلا شك… هناك اغاني كثيرة جعلتني أبكي وأنا أكتبها، لأن الكتابة بالنسبة لي ليست مجرد صياغة كلمات، بل حالة شعورية كاملة أعيشها بكل كياني، و لدي طقوس خاصة حين أكتب، أهمها أن أنعزل تمامًا عن العالم، و أتقمص شخصية بطل القصة التي أرويها في الأغنية، و أعيش ألمه، أتنفس حزنه، وأشعر بكل جرح يمر به في تلك اللحظات، لا أكون كاتبًا فقط، بل إنسانًا يتورط في الشعور حتى النهاية… وهذه هي أصعب وأصدق لحظات الكتابة.
من اللقاءات القريبة إلى قلبي التي لا انساها لقائي الأول بالنجم الكبير محمد محيي
من هو المطرب الذي لا تنسى لقائك الأول به؟ وماذا دار في ذلك اللقاء؟
الحقيقة أن هناك عددًا من الفنانين الذين لن أنسى لقائي الأول بهم، فقد التقيت بكثير من المطربين الذين تحلّوا برقيّ كبير وذوق رفيع، بعضهم سعدت بالعمل معهم، والبعض الآخر لم تسمح الظروف الإنتاجية بذلك، لكن من اللقاءات القريبة إلى قلبي، كان لقائي الأول بالنجم الكبير محمد محيي، إنسان راقي بكل ما تحمله الكلمة من معنى… بسيط، محترم، وفنان حقيقي اختار أن يبتعد عن أي صراعات فنية، يمكن أن أقول إن بيننا قواسم مشتركة أيضًا، فنحن من برج الجوزاء، و زملكاوية وهذا أضاف نوعا من الألفة الجميلة للحديث الأول بيننا.
هل ندمت يومًا على التعاون مع ملحن معين اتخذت قرارًا بعدم تكرار التجربة معه؟ وما السبب؟
بصراحة، مررت بتجارب شعرت بعدها بالندم، أنا دائم الانفتاح على المواهب الشابة، وكما ذكرت سابقًا، أبوابي دائمًا مفتوحة للملحنين الجدد، واحرص على دعمهم وتشجيعهم، إذا استمعت إلى عمل جميل من ملحن ناشئ، لا أتردد في التواصل معه، بل أذهب إليه بنفسي أو أقوم باستقباله في مكتبي.
لكن ما يُزعجني لو قابلت ملحن ليس لديه حماس أو الجدية الكافية للعمل، وهؤلاء تجدهم يفتقرون للنضج المهني، وهذا بالنسبة لي أمر محبط… لأن نجاح الأغنية لا يصنعه طرف واحد، بل هو نتاج شغف وتكامل بين الشاعر والملحن، عندما أشعر أن الطرف الآخر لا يشارك نفس الشغف أو يتعامل ببرود، اتوقف فورا عن التواصل معه.
اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: لم يعد طفلًا.. كيف تحمين ابنك المراهق دون أن تخسري قلبه؟
محمد الغنيمي: لكل من تجاهلني يومًا في بداياتي أقول بكل صدق المسامح كريم
هل صادف أن حاول أحد النجوم كسب ودّك بعد أن تجاهلك في بداياتك؟ وهل قبلت التعاون معه؟
نعم، هذا حدث… بعض النجوم الذين لم يمنحون لي الفرصة في بداياتي، حاولوا بعد سنوات أن يفتحوا باب التعاون بيننا مجددا، اللافت أن كثيرًا منهم لم يعودوا حاضرين اليوم على الساحة الفنية، رغم أنهم كانوا أصحاب موهبة حقيقية وقدموا اغاني لا تزال عالقة في أذهاننا حتى اليوم، وأنا شخصيا ما زلت أستمع لها
لكنني لا أحمل في قلبي سوى السلام… فأنا بطبعي إنسان مسالم، أتعامل مع الجميع بالطريقة التي أحب أن يتعاملون بها معي، لا أحمل ضغينة لأحد، بل على العكس، أتمنى لهم العودة والتألق، سواء من خلالي أو مع غيري من الزملاء، أما عن التعاون، فليس لدي أي مانع، ولكل فنان من تجاهلني يومًا أقول له بكل صدق المسامح كريم.
من المعروف عنك دعمك للمواهب الجديدة، من هم أبرز الملحنين والمطربين الذين كان لك دور في ظهورهم؟
أنا دائمًا أؤمن بأهمية دعم المواهب الجديدة منذ بداياتي، كنت حريصًا على مساعدة العديد من الفنانين في بداية مشوارهم على سبيل المثال، من أبرز المطربين الذين بدأوا معي عبد الفتاح الجريني، وقدمت له العديد من الأغاني الناجحة مثل: “أوقات, هتجنني، مخاصمني، بتيجي على بالي، ده حبيبي يا ناس، الليلة، و اغنية على عيني” بالإضافة إلى أغاني إعلان مستشفى بهية وغيرها.
أما بالنسبة للملحنين، فقد تعاونت في بداياتي مع العديد من الأسماء الجديدة و الموهوبة مثل أحمد أبو زيد، مودي جمال، شريف إسماعيل، عمرو جلبت، وفي الفترة القادمة، سأقدم مجموعة من الأسماء الجديدة في مجال التلحين، مثل مصطفى حنفي و إسلام السقا.
اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب.. ظننتك رجلاً: ولكن إن بعض الظن!!
بعد استماعك إلى اللحن، هل تمتلك القدرة على توقّع مدى نجاح الأغنية قبل تنفيذها؟ وإن شعرت بأن اللحن لا يخدم النص أو يفتقد القوة، كيف تتعامل مع الملحن في مثل هذه الحالة؟
عندما أستمع إلى اللحن للمرة الأولى، يمكنني أن أتوقع ما إذا كانت الأغنية ستكون ناجحة أم لا، لكن هذا لا يتوقف فقط على اللحن بل أيضًا على التوزيع، إذا شعرت أن اللحن لا يخدم النص أو يفتقد للقوة المطلوبة، فإنني أشجع الملحن على تقديم فكرة أخرى تتماشى أكثر مع الفكرة الأساسية للأغنية، ولا أحاول احباطه بل نعمل معًا حتى نصل للفكرة المطلوبة، وبعدها، يأتي الدور على اختيار المطرب ثم تأتي الخطوة الأهم في صناعة الأغنية وهي جهة الإنتاج، التي تتولى تسويق الأغنية وتحديد مدى انتشارها.
كل شخص يمر بلحظات إحباط، كيف تتعامل مع هذه اللحظات؟
تمامًا كما يمر الجميع بلحظات من الإحباط، أنا أيضًا مررت بتلك الأوقات، ولكنني لا أسمح لهذا الشعور أن يسيطر عليّ أو يوقف مسيرتي، لا أسمح أن أشعر أبدًا بفقدان الثقة في نفسي أو في موهبتي، بل أتعامل مع هذه اللحظات كفرصة للانطلاق مجددًا، أتجاوزها سريعًا بالانغماس في العمل بشكل أكبر وأعمق.
كيف تقابل النقد السلبي لاعمالك ؟
الحمد لله نادرا ما قابلت نقد سلبي لاعمالي ولكن حتى لو وجدت نقد لأعمالي بشرط أن يكون نقد بناء ومن أشخاص على قدر كافي من الوعي والثقافة ادرسه جيدا واعتبره دافع وحافز لأقدم المزيد من الأعمال الجديدة الناجحة.
لن يستطيع أحد أن يتفوق أو يسبقني في يوم من الأيام من هذه النوعية، لأنهم ببساطة محدودي الموهبة.
هل تعرضت في يوم من الأيام لسرقة أفكار أو كلمات أغانيك؟ وكيف تعاملت مع هذا الموقف إذا حدث؟
تعرضت لهذا الموقف كثيراً وهناك وقائع حدثت بالفعل، لكنني أفضّل أن أرى هذا الأمر من زاوية إيجابية، واعتبر أن الشاعر الذي تأثر بي وأخذ افكار من أعمالي، هو في الحقيقة يعبر عن تأثره بي، ولا أزعج نفسي كثيرًا، لكن ما يثير غضبي حقًا هو عندما يأخذ شخص ما فكرتي كاملة، بأسلوبي، وطريقتي، والفاظي، ويضعها في أغنيته، وهذا ما أراه نقص في موهبته وفقر إبداعي لدى ذلك الشخص، وفي النهاية، أضحك، لأن الموهوب الحقيقي لديه دائما مخزون ملئ بالأفكار، وجعبته مليئة بالجديد والمختلف ولذلك، لن يستطيع أحد أن يتفوق أو يسبقني في يوم من الأيام من هذه النوعية، لأنه ببساطة محدود الموهبة.
أشعر دائمًا أن كلماتي تلمسني أولا، قبل أن تلامس المستمع لأنها تنبع من روحي:
هل هناك أغنية من كلماتك تحتل مكانة خاصة في قلبك؟ ولماذا؟
كل أغنية كتبتها تحمل مكانة خاصة في قلبي، لأنها ولدت في لحظة صدق وشغف بالفكرة، لحظة مليئة بالتناقض بين الألم والحب والحنين، وكأنها تجسيد لكل مشاعر إنسانية مررت بها، أشعر دائما أن كلماتي تلمسني أولا، قبل أن تلامس المستمع، لأنها تنبع من روحي، وفي كل مرة أستمع إلى أغنية من كلماتي، أعود إلى تلك اللحظة التي ولدت فيها الأغنية، و أعيش نفس المشاعر التي كتبتها بها تلك اللحظات.
اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: الصحافة في قبضة السلطه استقلال مفقود أم احتضار محتوم؟
لدي بصمة خاصة في كتابة اللون الشعبي و أعتبره جزءًا من تراثنا الثقافي:
يبدو أنك تتنوع بين الأنماط المختلفة ما هو سر هذا التنوع في كتاباتك؟
التنوع هو جزء من شخصيتي الفنية، أحب أن أكتب الأغنية الخفيفة التي تلامس قلب المستمع وتبث فيه الطاقة الإيجابية، كما أحب كتابة الأغاني الرومانسية التي تحمل الكثير من المشاعر لكن لا أستطيع إخفاء شغفي الخاص بالأغاني الدرامية، حيث أضع كل إحساسي في تلك الأعمال.
وعلاوة على ذلك، لدي بصمة خاصة بي في كتابة اللون الشعبي، الذي أعتبره جزءًا من تراثنا الثقافي، و أحرص على تقديمه بشكل عصري يواكب الذوق العام، وفي القريب العاجل، ستسمعون أغنية شعبية جديدة من كلماتي، إلى جانب ذلك، هناك مجموعة من الأغاني الـ “لايت” ستصدر قريبًا.
كلماتي تكتب من القلب… وأراهن دائمًا أنها كتبت لتبقى:
أي من الأغاني التي قدمتها تشعر بأنها خُلِقت لتبقى ؟
إستمرار وبقاء الاغنيه لا يرتبط فقط بجودة النص أو اللحن، بل بكيفية تقديم العمل وتسويقه، ومدى وصوله للجمهور، الفارق بين أغنية وأخرى لا يصنعه الشاعر أو الملحن وحده، بل يتوقف أيضًا على المنتج والمطرب ودورهم في انتشار الأغنية ، أنا دائمًا أراهن على كتابة “أغنية حلوة” تنبع من الإحساس الحقيقي، وحين تصل بهذا الصدق، إلى الناس بشكل كبير يظهر أثرها بوضوح… وحينها فقط ندرك أنها كُتبت لتبقى.
في لحظاتك الصعبة من هو الشخص الوحيد الذي تلجأ إليه؟ وكيف يساعدك على تجاوز تلك المحطات القاسية؟
الملجأ الأول والدائم لي هو الله سبحانه وتعالى، ففي كل لحظة ضعف أو حيرة، كنت أجد راحتي في الدعاء واليقين بأن الفرج قريب، وبجانب ذلك، لدى مجموعة صغيرة جدًا من الأصدقاء الحقيقيين، لكنهم بمثابة سند حقيقي لي.
اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: الدراما التلفزيونية تحتضر.. و نجوم يقتلون الإبداع بالتكرار!
أجمل أغنياتي وُلدت في أكثر لحظاتي وحدة وألمًا:
هل شعرت يومًا أنك وحيد رغم وجود من حولك؟ وكيف
تعاملت مع هذا الإحساس؟
نعم، كثيرًا، أحيانًا تكون محاطًا بالناس، وتضحك وتتكلم، لكنك من الداخل تشعر بفراغ عميق لا يملؤه أحد هي لحظات لا يفهمها إلا من مر بها، وقتها، لم أهرب من الشعور، بل واجهته، جلست مع نفسي، كتبت، صليت، بكيت… ثم نهضت من جديد. الكتابة كانت دوائي، والكلمات كانت وسيلتي الوحيدة للبوح، الغريب أن بعض أجمل أغنياتي وُلدت في أكثر لحظاتي وحدة وألمًا.
هناك شعراء أكثر موهبة مني، و لم يحالفهم الحظ، وهناك من هم أقل موهبة، لكنهم وُضعوا في دائرة الضوء، فكانت لهم فرص أكبر:
من وجهة نظرك، من صاحب الفضل الأول في نجاحك؟ الحظ أم الموهبة؟
الفضل الأول في نجاحي يعود إلى توفيق الله سبحانه وتعالى، فهو الأساس في كل شيء، بعد ذلك يأتي دور الحظ والموهبة معًا، لا يمكن لأحدهما أن يصنع النجاح بمفرده، الموهبة تساعدك على اختيار فريق العمل الجيد من ملحن مبدع ،و مطرب مميز بينما الحظ يمنحك الفرصة لتكون في المكان المناسب، مع الأشخاص المناسبين، وأنا تعاملت مع نجوم الصف الأول لأن موهبتي أهلتني لذلك، لكن لولا توفيق الله ثم الحظ، ما كنت التقيت بهم في التوقيت الصحيح، هناك شعراء أكثر موهبة مني، و لم يحالفهم الحظ، وهناك من هم أقل موهبة، لكنهم وُضعوا في دائرة الضوء، فكانت لهم فرص أكبر.
اقرأ أيضاً: معتزمعتز أمين : اعشق اللون الشعبي.. وأختار بوسي و شيبة وعبدالباسط ليشعلوا الحاني
محمد الغنيمي: النجاح والفشل.. الصواب والخطأ.. جميعها عناصر تعطي للحياة معناها الحقيقي وتُضفي عليها متعتها.
لو عاد بك الزمن عشرين عاماً إلى الوراء… ما الخطأ الذي لا يمكن أن تكرره أبداً؟
لو عاد بي الزمن عشرين عاماً، سأفعل كل ما فعلته بنفس الشغف والطريقة، و سأتعامل مع الأشخاص كما تعاملت معهم، و سأستقبل السلبيات بنفس الرضا، لأنني أؤمن أن الأخطاء، هي التي تمنحنا الدروس ، النجاح والفشل، الصواب والخطأ، جميعها عناصر تُكسب الحياة معناها الحقيقي وتُضفي عليها متعتها.
اقرأ أيضاً: حسام طنطاوي: ملحنون يرون أنفسهم آلهة وعزيز الشافعي خارج حساباتي للأبد
ما الجديد في أعمالك الفنية الفترة القادمة ؟
أعمل حاليًا على مجموعة من الأعمال الغنائية من المقرر طرحها خلال الفترة المقبلة، بالتعاون مع نخبة من نجوم الغناء في الوطن العربي، من مصر، المغرب، الجزائر، الأردن، والكويت.
إذا طُلب منك أن تختزل هذه المسيرة الطويلة في جملة واحدة، ماذا تقول؟
كانت رحلة فنية ثرية بالتجارب الناجحة ، و مليئة أيضا بالتحديات، لكنها كشفت لي أن الشغف هو سر قوة الإبداع و استمراريته.
في نهاية الحوار نشكر الشاعر الغنائي محمد الغنيمي علي هذا الحوار الأكثر من رائع علي وعد بحوار آخر مع نجم جديد ونجاحات جديده مع ريهام طارق.