محمود عبد السميع يكشف أسرار البدايات مع حسين فهمى… ورحلة تشكيل اللغة البصرية فى السينما المصرية
محمود عبد السميع يكشف أسرار البدايات مع حسين فهمى… ورحلة تشكيل اللغة البصرية فى السينما المصرية
تقرير_أمجد زاهر
في أجواء احتفالية تتنفس سينما، وداخل واحدة من أهم ندوات الدورة الـ46 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، خطف مدير التصوير الكبير محمود عبد السميع أنظار الحضور وهو يستعيد محطات فارقة من مشواره الممتد، كاشفًا عن تفاصيل غير معروفة حول بدايات الفنان الكبير حسين فهمي، ودور الصورة في صياغة الهوية السينمائية المصرية.

البداية التي لم تكتمل… وكيف تغيّر المسار إلى الأبد
روى عبد السميع خلال الندوة، التي حضرها عدد من السينمائيين والمهتمين بفنون التصوير، أن أول تعاون كان مقررًا بينه وبين حسين فهمي لم يكن له علاقة بالتمثيل على الإطلاق، بل كان من المفترض أن يخوض فهمي أولى تجاربه السينمائية مخرجًا.
وقال عبد السميع:
«كنت سأصوّر أول فيلم لحسين فهمي كمخرج… كان مشروعًا مختلفًا، لكن الظروف قادت إلى تغيّر المسار تمامًا»، موضحًا أن التحول الذي دفع فهمي نحو التمثيل بدلاً من الإخراج كان نقطة مفصلية في تاريخ السينما المصرية، فمن هذه اللحظة، ولد نجم سطع سريعًا على الشاشة وأصبح أحد أهم وجوه الفن المصري لعقود طويلة.
وأكد عبد السميع أنه يشعر بالفخر لكونه شاهدًا على تلك الانطلاقة المبكرة، مشيرًا إلى أن علاقته المهنية والإنسانية مع حسين فهمي ظلّت تمتد وتتعمق بمرور الزمن، حتى أصبح كل منهما يتابع مسيرة الآخر باحترام وتقدير.
«اللغة البصرية»… حجر الأساس الذي يُبنى عليه كل شيء
انتقلت الندوة إلى مساحة أكثر عمقًا، حيث بدأ عبد السميع يتحدّث عن جوهر عمله كمدير تصوير، متناولًا تطور رؤيته عبر عقود من العمل، ومؤكدًا أن الصورة ليست مجرد لقطات جميلة، بل لغة فنية كاملة تُبنى على وعي وثقافة وحساسية تجاه العالم.
وأشار إلى أن مدير التصوير هو شريك رئيسي في صياغة الإيقاع البصري، وأن عليه تحقيق توازن دقيق بين الرؤية الإبداعية للمخرج والتقنيات الحديثة المتسارعة الإيقاع، قائلاً:
«الكاميرا ليست آلة… إنها عين ترى وتترجم، وإذا لم يكن هناك وعي حقيقي، ستفقد الصورة روحها».
التعاون مع محمد شبل… تجربة صنعت بصمة خالدة
وفي محطة بالغة الأهمية من الندوة، توقّف عبد السميع عند تجربته مع المخرج الراحل محمد شبل، صاحب الخيال الجامح والرؤى السينمائية الفريدة.
ووصفه قائلاً: «محمد شبل كان يمتلك وعيًا كبيرًا وقدرة على خلق عالم كامل… من غير مخرج فاهم وواعي صعب أي عمل يعيش أو يترك قيمة حقيقية».
وأوضح أن العلاقة بين مدير التصوير والمخرج تتجاوز حدود التعاون التقني، فهي أشبه بشراكة فكرية وروحية تُبنى على الثقة والتكامل، مشيرًا إلى أن شبل كان يتمتع بقدرة نادرة على تحويل السيناريو إلى عالم بصري له روح وهوية، ما جعل العمل معه محطة فارقة في مسيرته.
إرث من الضوء… ومشوار لا يزال يروي
اختتم عبد السميع حديثه بالتأكيد على أن السينما لا تزال بالنسبة له رحلة شغف لا تنتهي، وأن الحفاظ على الهوية البصرية للسينما المصرية مسؤولية كبرى، لا تقل أهمية عن تطوير أدوات التصوير والإنتاج.
وبتصفيق حار من الحاضرين، خرجت الندوة وقد تركت أثرًا خاصًا، ليس فقط لكونها كشفت أسرار بدايات نجم كبير مثل حسين فهمي، بل لأنها أعادت التذكير بالدور الجوهري لصنّاع الصورة… هؤلاء الذين يحرّكون الضوء والظل ليصنعوا لنا سينما تبقى.

