الرئيسية » مذكرات عماد حمدي فى أيامه الأخيرة منتهى الألم بعد الشهرة والمجد

مذكرات عماد حمدي فى أيامه الأخيرة منتهى الألم بعد الشهرة والمجد

by دعاء علي

 

كتبت/ غادة العليمي

عماد حمدى فتى الشاشة صاحب أكبر حصيلة من القصص الانسانية على الشاشة العربية فتى الشاشة المصرى الذى وقفت أمامه معظم نجمات الزمن الجميل والذى قدم مشاكل جيله ما الذى انتهى إليه وماذا قال عن نفسه بنفسه من مواقع مذكراته فى أيامه الأخيرة.

 

فصول من مذكرات فتى الشاشة

بعد عقود من الشهرة وفصول من عمر الشباب عاشها الفنان إبتعد عن الوسط بسبب العمر وعزوف بعض المنتجين عن طلبه فعانى الإكتئاب ودب بينه وبين زوجته الشابه نادية الجندى الخلافات حتى انتهى بالإنفصال عنها فكتب وحيدا حزينا هذه الكلمات : غاب من حولي كل الأصدقاء الجميع تركوني، تفرق الأصدقاء وما عادوا يسألون عني فمن سيتحمل مريض القلب الذي فقد شبابه وحيوته وضحكاته ولم يعد قادراً علي الإبتسام ومن سيتحمل إنساناً يشكو الإكتئاب النفسي ولوكان أخي الأكبر في حالته الطبيعية ولو كان أخي التوأم موجوداً ولو أن أخي الأصغر رؤوف علي قيد الحياة ما كنت شعرت بتلك الوحدة القاتلة.

أنا الآن لا أمتلك شيئاً حتى الشقة المتواضة التي أسكن فيها تجلب لي المتاعب أيضاً، لقد تركت لنادية الجندي شقة تمليك في الزمالك مكونة من تسع حجرات ولم أبخل عليها بشيء وضعت بعد ذلك كل ما معي من مال في فيلم أنتجته لتكون هي بطلته.

وخرجت من البيت وأنا لا أمتلك شيئاً سوي حقيبة واحدة بها بدلتان خرجت بلا شيء لكنها بعد ذلك لم تتركني أعيش بقية أيامي في هدوء فكانت تأتي إلي لتتشاجر معي وتلمح بأنها يمكن أن تستولي حتى علي هذه الشقة المتواضعة التي أسكن فيها مع إبني وزوجته وأمه وأولاده وتلمح إلى أنها يمكن أن تستولي عليها لابنها أقصد ابننا هشام٠.

وكنت أستغرب سائلاً نفسي ألا يكفيها كل ما تركته لها لقد حاولت المستحيل لكي أخلق حالة سلام بين إبني من زوجتي الأولى فتحية شريف نادر وبين ابني هشام من نادية الجندي لكن محاولاتي كانت تبوء بالفشل، وكنت أقول لإبني حاول أن تستفيد يا إبني مما حدث لي الآن ألا تجد فيه العبرة ؟

كلمات مؤثرة لنادر نجل الفنان

وجه عماد حمدى جزء كبير من مذكراته لنجله نادر قائلا :
إنك يا ابني نادر لا تستطيع أن تبقى طول النهار بجانبي أنت جديد في عملك ولا بد أن تثبت وجودك وكفاءتك كمصور في وكالة أنباء الشرق الأوسط ومن غير المعقول يا بني أن تتخلى عن عملك وعن حياتك الخاصة لكي تتفرغ لي لا تهمل عملك لا تضيع وقتك.

أنا لا أحتاج شيئاً كما تراني أبقى طول النهار ممدداً فوق سريري، وفي سنين الصحة والعافية كنت أملأ البيت حركة ومرحاً وحياة بل وكنت أحرص على دخول المطبخ لاتفنن في إعداد الأطعمة الشهية لكني الآن غير قادر علي الوصول إلى باب المطبخ إلا بصعوبة ومشقة وأين هي المعدة السليمة التي تتحمل وتستقبل تلك الأطعمة وأين هي الرغبة في تناول الطعام إذا كنت فقدت الرغبة في الحياة فكيف أشعر بالرغبة في الأكل؟

كنت أقول ذلك كله لابني نادر لكني أشعر بأنه غير مقتنع فقلبه لا يطاوعه ووفاؤه لأبيه يمنعه من الغياب الطويل كان يعرف أني أصبحت في حاجة إلى المساعدة والمساندة في زمن اختفى فيه الصديق وقلت فيه المروءة ولم أعد أسمع غير كلمات المواساة التي تأتيني عبر أسلاك التليفون الذي نادراً ما يدق ويناديني كما كان يحدث أيام المجد والصحة والثراء حين كان رنينه لا ينقطع ويشعرني بأنني حي وبأن الناس يذكرونني.

شهامة كاريوكا

استطرد عماد حمدى فى الحديث عن الالام حياته ليحكى فصل ذكر فيه تحيه كاريوكا فقالة:
مرضت مرض شديدا استلزم وجودى فى المستشفى وأثناء فترة تواجدي في مستشفي المعادي تحت إشراف الأطباء بعد جلطة المخ التي أصابتني لمست من جديد شهامة الزملية الفنانة تحية كاريوكا كانت تعالج هناك من السمنة الزائدة التي لاحقتها بعد أن كانت ذات يوم من فاتنات الخفة والرشاقة لم تتركني تحية كاريوكا أعاني وحدي متاعب أيام الإصابة بالجلطة بل كانت إلي جانبي تطعمني بيدها وتتابع حالتي الصحية ساعةٍ بساعة وليس ذلك بغريب من تحية كاريوكا فالشهامة من طباعها وكل الوسط الفني يعرف ذلك.

بعد فترة العلاج عدت من جديد إلى شقتي المتواضعة أنتظر رنين التليفون أنتظر كلمة مجاملة تشعرني بوجودي فأنا لم أعد قادرا على قراءة الصحف لكن إبني نادر لم يكن وحده وكانت معه أمه زوجتي الأولى فتحية شريف لم تأت لكي تسأل عني بل جاءت لكي تبقى إلي جانبي في أيامي الأخيرة في الحياة ومن شدة تأثري كدت أبكي ونظرت إلى نادر معاتباً.. لماذا يا نادر تتعب أمك خاصةً وقد هاجمها مرض القلب لكنها قالت لي : “من زمان وأنا عايزة أجي يا عماد
إزاي أسيبك وحدك في الظروف دي ؟ من هنا ورايح ما تحملش هم إحنا معاك ..جنبك على طول”.

ولم أعد أشعر بأني وحدي أصبحت أجد من يقدم لي كوباً من الماء ومن يساعدني على الوقوف ومن يحميني من الوقوع على الأرض ومن يخفف عني آلامي زوجتي الأولى الوفية فتحية شريف التي شهدت معي أيام نجاحي الأولى.

أربعين ضيف فى عيد الميلاد

اكمل حمدى حديثة المؤثر وقال: في يوم من الأيام وجدت 40 ضيفاً وضيفة دخلوا بيتي فجاًة دون انتظار أو توقع وفي يوم عيد ميلادي السبعين فأشفقت علي قلبي من شدة المفاجأة ومن انفعالاتي التي لم أنجح في إخفائها وبعد دخول الضيوف الأربعين دخل أربعة رجال يحملون تورته كبيرة وخروفا مشويا وأنواعاً من الأطعمة وحتي الملاعق والشوك والسكاكين أحضرها معهم الضيوف الذين لم أكن انتظرهم. ولأن المقاعد لم تكن كافية فقد جلس أغلبهم علي الأرض إلتفوا حولي فبددوا وحدتي وفرت الكابة هاربة من جلسة الأحبة.

وانتهى اليوم ومرت أيام وعدت من جديد لحياة الصمت والوحدة والاكتئاب ورغم الجهود التي يبذلها إبني نادر وزوجتي الأولى فتحية شريف ورغم ارتياحي لرؤية حفيدتي مريم إلا أن شريط الذكريات لم يكن يتوقف فيعيد إلى ذاكرتي الأصدقاء والأطباء الذين كانوا من أيام النشاط والعمل والثراء ونسوا طريق بيتي ورقم هاتفي في أيام العجز والوحدة والإكتئاب.


كنت أسأل نفسي: هل أطلبهم وأعاتبهم؟ ثم أجيب نفسي: لا…. سأحاول أن أجد لهم أعذارا.. سأبحث عن مبررات تقنعني ربما موانعهم قوية وحتى لو لم تكن المبررات كافية يجب أن أقتنع .. فأشد ما يعذبني الجفاء ونكران الصديق ونسيان العزيز وكما يحدث في كل فيلم تأتي دائماً كلمة النهاية وفي كل مسرحية يسدل الستار وفي كل مسلسل تأتي الحلقة الأخيرة.

إنني أنتظر نهاية الرحلة الشاقة الطويلة ولست نادماً علي أي طريق سلكته ولا علي أي قرار اتخدته هذه حياتي وهذه أخطائي ليس لي في البنوك حساب وليست في جيبي دفاتر شيكات وليس في بيتي غير ما يكفي يومي ورغم ذلك أعتبر نفسي صاحب أكبر رصيد 450 فيلماً تلك هي تركتي ذلك هو رصيدي الوحيد فاعذرني يا ابني العزيز نادر واعذرني يا حفيدي عماد واعذريني يا حفيدتي الحبيبة مريم فأنا لم أترك لكم العمارات والعقارات والأطيان لم أودع لكم في البنوك جنيهاً واحداً لكني أعتقد أنكم ستغفرون لي برصيدي الفني لأفلامي وهو رصيد أعتز به ولا أخجل منه صنعته بالتعب والعرق والمعاناه الطويلة.

رحيل عماد حمدى

وتوفى عماد حمدى فى يوم السبت 28 يناير عام 1984 في منزله عن عمرٍ ناهز ال74 عام على إثر أزمة قلبية حادة بعد معاناةٍ طويلة مع العمى التام والاكتئاب المزمن رحمة الله عليه.

You may also like

Leave a Comment