مذهب السلف في القراءة عند القبر
مذهب السلف في القراءة عند القبر
بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى
مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
إهداء ثواب القرآن للميت
من المقرر شرعًا أن قراءة القرآن وجعل ثواب القراءة للميِّت جائزٌ ويصل الثواب للميت وينتفع به إن شاء الله .
لقول النبي ﷺ لعمرو بن العاص رضي الله عنه :
إنه لو كان مسلمًا فأعتقتم عنه أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بَلَغه ذلك .
رواه أبو داود
فدلَّ ذلك على وصول ثواب قراءة القرآن للميِّت إذ لا فرقَ بين انتفاعه بالإعتاق والتصدُّق والحج عنه وانتفاعه بقراءة القرآن .
وقد نصَّ الفقهاء على أنَّ أيَّ قربة فعلها وجعل ثوابها للميت نفعه ذلك إن شاء الله تعالى .
وينبغي للمسلم إذا قرأ القرآن أن يصحح النية في قراءته بأن تكون خالصة لوجه الله تعالى وأن يقرأ بخشوع وتدبر .
روى أبو بكر الخلال الحنبلي وهو أدرك حياة أحمد بن حنبل وتتلمذ على تلاميذ احمد بسند رواته ثقات عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ :
كَانَتِ الْأَنْصَارُ إِذَا مَاتَ لَهُمُ الْمَيِّتُ اخْتَلَفُوا إِلَى قَبْرِهِ يَقْرَءُونَ عِنْدَهُ الْقُرْآنَ .
قلت :
في سنده سفيان بن وكيع وثقه ابن حبان ولينه النسائي .
وهذه الرواية لست من الروايات التي انكرت على سفيان بن وكيع بن الجراح .
وروى الخلال بسند جيد إلى الْعَلَاءِ بْنِ اللَّجْلَاجِ قَالَ لابنه :
إِنِّي إِذَا أَنَا مُتُّ ، فَضَعْنِي فِي اللَّحْدِ وَقُلْ :
بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ .
وَسُنَّ عَلَيَّ التُّرَابَ سَنًّا ، وَاقْرَأْ عِنْدَ رَأْسِي بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَوَّلِ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتِهَا ، فَإِنِّي سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ ذلك .
وقال أبوبكر : أَخْبَرَنِي رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ :
سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيَّ يَقُولُ :
سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنِ الْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ فَقَالَ :
لَا بَأْسَ بِهِ .
وقال أبو بكر : أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ :
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّيْسَابُورِيُّ :
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ قَالَ :
أَتَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فَقُلْتُ لَهُ :
إِنِّي رَأَيْتُ عَفَّانَ يَقْرَأُ عِنْدَ قَبْرٍ فِي الْمُصْحَفِ .
فَقَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ :
خُتِمَ لَهُ بِخَيْرٍ .
وأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَزَّازُ قَالَ :
رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُصَلِّي خَلْفَ رَجُلٍ ضَرِيرٍ يَقْرَأُ عَلَى الْقُبُورِ .
وقال ابن حجر العسقلاني في الامتاع :
وَقَالَ الْخلال حَدثنَا أَبُو بكر الْمروزِي سَمِعت أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ يَقُول :
إِذا دَخَلْتُم الْمَقَابِر فاقرأوا بِفَاتِحَة الْكتاب والمعوذتين وَقل هُوَ الله أحد وَاجْعَلُوا ذَلِك لأهل الْمَقَابِر فَإِنَّهُ يصل إِلَيْهِم .
حكم قراءة القرآن عند قبر المتوفى :
قال الشافعي والأصحاب :
يستحب أن يقرؤوا عنده شيئا من القرآن .
قالوا : فإن ختموا القرآن كله كان حسنا .
وفي سنن البيهقي بإسناد حسن :
أن ابن عمر استحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها.
المصدر : الأذكار للنووى .
قلت :
وليس معنى كلام الشافعية هنا جواز هبة ثواب القراءة ، فالشافعية لا يرون مشروعية ذلك .
بل المقصد هو إعانة المقبور على جواب أسئلة الملكين، فهو عند سماع القرآن يُفتح عليه .