مراجعة كتاب الشفاعة للدكتور مصطفى محمود

بقلم...خلود أيمن

في البداية

يَفْصِل هذا الكتاب في تلك القضية الشائكة التي أُثير حولها الجدل منذ عشرات بل مئات السنين ،

حيث افتعل معظم البشر الشجارات وتبادلوا الاتهامات بالباطل وكأنهم يتقاذفون بالحجارة في أمر لا نعلم عنه سوى القليل،

فكيف نتطلع لمعرفة المزيد عن أمر غيبي سوف يحدث يوم القيامة ؟ ،

ألا يجب علينا الاكتفاء والالتزام بما ذُكر في القرآن بدلاً من إثارة الفوضى والبلبلة في تلك الأمور الغيبية

التي لا يحق لنا التطرق إليها أو التحدث فيها بشكل مبالغ حتى لا نُوقِّع أنفسنا في المشكلات والمهالك ؟ ،

ثم ماذا ؟؟؟

لقد انقسم العلماء لأحزاب في الماضي وحاولوا فض النزاع القائم بين البشر والوصول لحل قاطع

في تلك القضية التي قد يرتكز عليها البعض بل ويتواكلوا على النبي (صلى الله عليه وسلم )

فيها والذي يظنون أن شفاعته ستنجيهم من كم الخطايا و الذنوب والمعاصي التي اقترفوها في دنياهم

ولكن ذلك الأمر يعتمد على عدة أمور أهمها الإذن الإلهي الذي يسمح بتحقق تلك الشفاعة فتكون

بمثابة البُشرى لدخول الجنة ، فذلك الإذن إنما يعني تبرئة الله للعبد ورضاه عنه و توبته عليه

وهو مقترن بالعمل الصالح أيضاً ، فحُكم الله نافذ ولا راد لقضائه أو تعديل عليه فهو الأدرى بعباده

وما تَسرَّه أنفسهم وما هم عليه من خير أم شر ، فلا يمكن أنْ تكون صحيفة المرء مليئة بالسيئات

ويدخل الجنة لكونه مؤمناً فهو ظن سفيه خاطئ لا يمكن أن يُنفَّذ في الآخرة ، فكل حُكْم فيها يكون

بالحق أبعد ما يكون عن الجور أو المحاباة أو المجاملة أو الوساطة كما يحدث في دنيانا

ولكن اعتقادات البعض هي ما وصلَّتنا لما نحن عليه اليوم من خلل و تواكل واستمرار في ارتكاب الذنوب

دون الرغبة في التوبة ظناً أن الشفاعة سوف تنقذنا من الهلاك فهي مشروطة وليست مطلقة كما يعتقد البعض،

ويجب أن نعلم أن عملنا الصالح قد يكون غير كافٍ أيضاً فهو بحاجة لرحمة الله علينا والتي قد تكون هي ذاتها

الشفاعة التي تخفف هول هذا المشهد العصيب يوم الحشر ، فتلك الشفاعة هي ميزة يختص الله

بها الصالحين من عباده ، القادرين على التوبة ، الشاعرين بذنوبهم وأخطائهم ،

الراغبين في العودة لطريق الصلاح خشية مصيرهم في هذا اليوم ، فتلك الشفاعة تأتي مُلازِمة لحُكْم الله ،

تالية له ، بمعنى أنها لن تُغيِّره أو تُعدِّل فيه فهي بمثابة تشريف للرسول الكريم و إعلاءً لمقامه الجليل

الذي خصه الله به ، فتلك الأفكار المغلوطة هي ما جعلت البشر يتمادون ويسرفون في اقتراف الخطأ

بلا توقف فكان لا بد من وقفة لإعادة النظر في تلك المصطلحات من خلال التدبر العميق في آيات الله المذكورة

في كتابه الكريم دون الاستناد على كتب السنة والسيرة فقط ، فهو المرجع الوحيد السليم الذي

لم يتم تحريفه ولكنه ظل محفوظاً بحفظ الله ليس كغيره من الكتب التي تم دس كلام غير سليم بها

وكأنه افتراء و إدعاء لا صحة له على الإطلاق ، فالمرجعية الدينية لا بد أن تكون له دون غيره من الكتب

الأخرى المشكوك في أمرها فقد أمر الرسول بحَرْق كل ما كُتِب عنه وقد التزم الخلفاء بهذا الأمر و اتموه ،

لهذا فلا بد أنْ نُوقِّف الاعتماد الكامل عليها وأنْ نجعل القرآن هو ربيع قلوبنا الذي نلجأ إليه وقتما يتعثر علينا

فهم أي أمر من أمور الدنيا المتباينة…

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.