مريد البرغوثى.. وطنية الشعور.ثورية الحضور… بقلم عبده إمام
مريد البرغوثى وطنية الشعور ثورية الحضور
بقلم عبده إمام
فى مملكة الشعر العربى تتألق إمارة شعرية لها خصوصيتها وذاتية رؤيتها النابعة من قضية تمس العروبة والإنسانية جمعاء، عرف تيار شعراء المقاومة الفلسطينية بميلاد القضية التي اهتز لها وجدان العالم ودعمها كل ذي ضمير حي، فأسس هؤلاء الشعراء تيارا شعريا عبَّر عن صمود أبنائها وحق شعبها المشروع فى الوطن والحياة،
ويبدع في هذا التيار الأدبي الشاعر مريد البرغوثى المولود فى قرية من قرى رام الله عام 1944م، تلقى تعليمه في مدرسة رام الله الثانوية، ثم سافر إلى مصر عام 1963 ليجد فى مصر أرضا خصبة للعلم والإبداع واحتواء الأشقاء العرب والدعم الصادق للقضية الفلسطينية، فالتحق بجامعة القاهرة وتخرج من كلية الآداب بقسم اللغة الإنجليزية عام 1967م وهو نفس العام الذى حدثت فيه الأزمة المصرية والعربية، والتى كان لشاعرنا منها أثر بالغ بمنعه من دخول الضفة الغربية ليبدأ رحلة طويلة وشاقة من الشتات بين بلدان الأرض نصيرا للقضية مرافقا لرجالها من أهل الفن والأدب.
تميز شعر مريد البرغوثى كصوت شعري يتضافر مع رفقاء شعرية المقاومة محمود درويش، سميح القاسم، توفيق زياد، أنه يمتلك حسَّا شعريا حُر توغل في أعماق تداعيات القضية من منظور إنسانى فرضته عليه سنوات الشتات؛ الذي اتخذ منه عنوانا لأحد دواووينه (طال الشتات) عام 1987 وقد هدرت فيه أشعاره بالثورة والحنين صادحا:
تود الخروج الى كوكب خارج الارض
حيث الوطن
سيحتاج دمعا أقل وموتا أقل
لكي تلمس الكف أشجاره
دون مؤتمر دولى أو حصار
ودون اعتبار الطحين من الأمنيات.
فى قصة حب ولدت فى القاهرة العاصمة المصرية؛ قلعة الثقافة والأصالة جمعته مع الأديبة (رضوى عاشور) مستحضرا فى حبها وطنا ينبض فى قلبيهما، مادَّا بظلاله على حبهما ناثرا فى حبها في قصيدة “رضوى”:
على نولها فى مساء البلاد
تحاول رضوى نسيجا
وفى بالها كل لون بهيج
وفى بالها أمة طال فيها الحداد.
تكلل الحب بالزواج الذي أثمر عن ابنهما الشاعر مروان البرغوثى.
فى فبراير 2021 يفاجىء الساحة الثقافية والأدبية خبر وفاته لتنعي الأمة العربية أبرز فروع دوحة شعراء المقاومة مُخلفا إرثا عظيما شعرا ونثرا بما يربو إلى اثني عشر ديوانا شعريا ورواية من جزأين، مخلدا صوت المقاومة مغردا بأشعاره عن عمق القضية الفلسطينية لكل العالم لتبقى أشعاره نابضة،
وقفنا على قبره خاشعين
وما زال ينزف حزناً علينا،
وينزف حزناً على شكل أيامنا القادماتِ،
ويرمي على قاتليهِ التهكم والذعرَ حياً وميتاً.