مصطبة الفيس بوك .. حلقة جديدة بقلم الكاتب مصطفى السبع

 

وانا صغير فى بداية دراستي المدرسية كنت تلميذ من التلاميذ اللى كانوا بيقولوا عليهم مخهم تخين ومش بيفهموا تلميذ بليد يعني.

 

بقلم الكاتب / مصطفى السبع

كنت لما ادخل الفصل المدرس يجي يزعقلي ويقولى قاعد هنا تعمل ايه هو انت بتفهم حاجه روح ارجع اقعد ورا فى آخر تخته
بيني وبينكم انا كنت مبحبش اقعد ورا عشان اقعد قدام واحاول افهم المدرس وهو بيشرح الدرس لكن مفهمتش ولا استفدت من جلوسي فى أول تخته.

ولما المدرس طلب منى ارجع فى اخر تخته طلبت منه يديني الفرصة ويهتم بيا شوية قالى مفيش الكلام ده وارجع ورا
رجعت وانا مخنوق ومضايق وشايف التلاميذ بينظروا لي نظرات تنمر وضحكات كلها سخرية مني.

فكرت اسيب المدرسة ومكملش دراستي واطلع اشتغل واتعلم صنعه.
فى بداية الأمر كان قرار صعب وخصوصا ان أبي ضربني ضربا مبرحا بسبب هذا القرار وكنت اهرب من المنزل واغيب بالايام عشان أبويا ميغصبش علي واروح المدرسة اللى كرهتها وأصبحت عدو كبير لي.
بعض أقاربي ومعارف والدى تدخلوا فى هذا الأمر واقنعوا والدى
بالموافقه على قرارى بعدم الاستمرار فى المراحل التعليمية.
كنت فى ذاك الوقت أكملت العشر سنوات وذهبت للعمل مع ميكانيكي سيارات
تعبت جدا معاه ضربني كتير عشان يعلمني ولكنه يأس معايا وطردني من الورشة توسلت إليه حتى يعطيني الفرصة لكنه رفض وضربني بمفتاح انجليزي فى رأسي كنت على وشك من انتهاء حياتي على يد هذا الشخص .
بكيت بشدة وشعرت بأن حظى فى الحياة قليل بل معدوم لا نافع فى العلم ولا نافع فى العمل .
صاحب الورشة والمدرس الأثنين لم يصبروا علي ولم يساعدونى بل قتلوا أحلامي.
ايه المشكلة انى أكون تلميذ بليد ومع الوقت مستوايا يتحسن
وايه المشكلة ابقي صنايعي ضعيف ومع الممارسة أتعلم وابقي قوى فى عملي لكن مفيش حد صبر علي ولا ساعدني .

ذهبت إلى المنزل وقلت الحمد لله ان أبي غير متواجد عشان ميشوفش الدم اللى نازل من راسي بعد العلقة السخنه اللى اخذتها من صاحب الورشة مكنش فى المنزل غير أمى الطيبة الحنونه اللى بكت بكاء كبير عشانى وفضلت تسعفني وتمسح الدم وتطهر مكان الجرح وهي بتدعي أن ربنا يهديني ويكرمنى فى حياتي .

قلتلها انا مش هسكت وهدور على شغل تانى وهحاول اطور من نفسي وان شاء الله هلاقي اللى يكتشفني ويساعدني.
دعواتك يا أمي عشان ربنا يكرمني.
خمس سنوات والدنيا بتخبط فيا يمين وشمال وانا زى ما انا محلك سر لا عارف اثبت فى عمل ولا عارف أتعلم حاجه
كل الأبواب مغلقه أمامي وما علي الا عدم اليأس والمحاولة .
حتى وصلت لسن الستة عشر عاما .
سمعت ان فيه راجل بيطلع باسبورات وتأشيرات عمل للخارج كان آخر حدوده انه يعديني من الحدود إلى دولة ليبيا ومن هناك عن طريق البحر اسافر لأوروبا.
عانيت كثيرا ورأيت الموت كثيرا لكنى لم أهب شيء فكنت بايع الدنيا وماعليها وقلت لنفسي انا كده كده ميت مش هتفرق كتير
تحديت الصعاب والزمن وواصلت رحلتى حتى وصلت إحدى الدول الأوربية .
تحولت فى كل الشوارع حتى وصلت لمنطقة المصانع وبحثت عن عمل .
اخذنى خواجه وهو كبير فى العمر للعمل معه بورشته وهى تصليح سيارات الحوادث الكبري .
هذا العمل الشاق كان يحتاج بنيان قوى ويعتمد على المجهود والعتالة وتلك الصفات كانت تمثلني .
واعطاني بعض العينات كى اقوم بتصليحها كإختبار لي
كنت متسرع او بالمعنى البلدى غشيم اشتغلت بعفويتي وبقوتى دون استخدام عقلي تسببت فى مشاكل كثيرة داخل الورشة وامتلكنى الخوف والحزن والبكاء فجاء لى صاحب الورشة وسألني لماذا تبكي فقلت له لاننى فشلت فى مهمتي وسوف أطرد من هذا المكان واعتذرت له وقلت له سوف اذهب لمكان آخر بحثا عن عمل جديد .
لكنه رفض رفضا شديدا وأصر أن أعمل معه
قلت له سأخرب لك العمل لأنني إنسان فاشل قال أفعل كما تفعل واعمل كما يحلو لك ولك كل الصلاحيات والحرية اشتغل واتعلم من اخطاءك وسوف اتركك وحدك .

لم اتوقع كل هذا وشعرت بأن الدنيا سوف تبتسم لي أخيرا
وأصبحت صاحب عزيمة قوية وإصرار قوى على أن أنجح واتغلب على نفسي وعلى معاناتي النفسية التى اثرت علي بشكل سلبي.
لم افكر فى الماضي بل تركته وبدأت أفكر فى الحاضر من أجل ان أصنع وأبتكر واتفوق على نفسي وابني لي مستقبلا كبيرا.

مرت الايام والاعوام حتى أصبحت من أكبر صانعى السيارات فى المنطقة التى أعيش بها .
بدأت أعمل فى مجال التصدير لدول كثيرة وكانت من تلك الدول مصر .
كنت فى كل لحظة نجاح أتذكر
دعاء أمي الطيبة.
ضرب أبي لي.
طردني من المدرسة.
طردى من الورشة .

صحيح عانيت منهم كثيرا لكن كان لهم بصمة فى الاصرار والعزيمة حتى وصلت لهذا النجاح.

سافرت زيارة عمل لمصر ومنها زيارة لأبي وأمى
رأيت فى عيون أبي الفخر والسعادة بي
ورأيت أمى بنفس دموعها وارتميت بحضنها وتذكرت فترة طفولتى وحنانها الذى فقدته طوال الأعوام السابقه.

تحدثت مع أبي وسألته عن المدرس الذى كان سببا فى كراهيتي للتعليم فقال لي والدى انه فى محنة كبيرة وظروفه صعبه جدا
لأنه لدية إبنة مريضة وتحتاج لمبلغ كبير من المال لعمل عملية كبيرة .
بالرغم من معاملته لي الا أننى حزنت كثيرا على ما أصابه.

وسألته عن صاحب الورشة الذى ضربني وطردني
قال هو أيضا فى ورطة كبيرة تراكمت عليه الديون واغلقت الورشة وهو الآن جليس المنزل ينتظر بعض الحسنات من بعض اهالي البلدة.
بتنهيدة كلها حزن لذكريات أليمه كنت انا أكثر إلاما فى تلك اللحظات التى واجهتها من خلال المدرس وصاحب الورشة .
وقلت لنفسي الحمد لله على ما صادفته فى حياتي من صعوبات حتى وصلت لما انا فيه الآن.
أخذت والدى وذهبت للمدرس ودخلت عليه وقبلت يده وعندما عرفني إبتسم كثيرا ونسي همومه وقال لى لقد انتصرت علينا جميعا .
طلبت منه ان يسامحني على فشلي فى التعليم وطلبت منه أن أذهب معه للمستشفي لإجراء العملية لابنته وبالفعل تمت العملية وتكفلت بكل مصاريف العملية والعلاج وشكرت المدرس على ما فعله معى حتى بث بداخلى روح العزيمة حتى وصلت لهذا النجاح.

تركته وذهبت لصاحب الورشة وقمت بسداد كافة ديونة وفتحت له الورشة مرة أخري وقمت بشراء أجهزة حديثه له حتى يستعيد نشاطه .
المدرس وصاحب الورشة بالرغم من الأضرار التى اصابتني بسببهم الا انها كانت أضرار فيها منفعة لي .

قصتي علمتنى أشياء كثيرة سأفعلها فى المستقبل مع شباب المستقبل
تلك الاشياء تعلمتها فى الخارج من خلال الخواجة الذى قام بإعطائي الفرصة أكثر من مرة وبالرغم من تكرار فشلي الا انه ترك لى الساحة حتى أتعلم واتعلم من أخطائي إلى أن نجحت .
لماذا ننفعل ونتسرع فى اتحاذ القرار لماذا لم نعطي الفرصة كاملة لكل من أخطأ أو فشل فى عمل ما.
لماذا لم نبحث عن الهواية المدفونة بداخل كل إنسان
لماذا لم يتم توظيف كل إنسان للمكان المناسب له.
لماذا لم نعطي الفرصة كاملة للقائمين على العمل حتى يستطيع إخراج كل ما لديه من اصرار وعزيمة .
لماذا لم نبحث عن التطوير وزيادة الإنتاج.

فى نهاية قصتي أتمنى النجاح للجميع والتطوير فى كافة الأعمال
وإعطاء كل الفرص لكل إنسان عنده عزيمة وإصرار على تحقيق النجاح…….

وانتهت الحكاية

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.