“معاوية”.. ملحمة تاريخية بمئة مليون دولار تشعل معركة فكرية قبل العرض!

يمثل مسلسل “معاوية” أحد أضخم الإنتاجات الدرامية في تاريخ التلفزيون العربي، ليس فقط من حيث الميزانية والإمكانيات الإنتاجية، ولكن أيضًا بسبب الموضوع التاريخي الحساس الذي يتناوله.

كتبت ريهام طارق 

منذ الإعلان عن عرضه بعد تأجيل استمر عامين، تصدر المسلسل المشهد الإعلامي، مثيرًا حالة واسعة من الترقب بين الجمهور والنقاد، ولكن يبقى السؤال الأهم: هل سينجح العمل في تحقيق التوازن بين الدقة التاريخية والصياغة الدرامية، أم سيسقط في فخ الجدل والانحياز؟

إنتاج ضخم ومعالجة تاريخية دقيقة  

برصد ميزانية ضخمة بلغت 100 مليون دولار، يضع المسلسل نفسه في مصاف الإنتاجات الدرامية الضخمه، حيث يسعى إلى تقديم حقبة تاريخية معقدة بواقعية بصرية ومهنية عالية، فـ تصوير مشاهد الصراع السياسي الذي أعقب مقتل الخليفة عثمان بن عفان، وصولا إلى تأسيس الدولة الأموية، يتطلب دقة في بناء الديكورات، وتصميم الأزياء، واستخدام المؤثرات البصرية، بما ينقل المشاهد إلى أجواء القرن السابع الميلادي.

انسحاب المخرج طارق العريان من مسلسل معاوية:

ومع ذلك، لم يكن طريق العمل خاليا من التحديات، إذ شهد انسحاب المخرج طارق العريان، ما استدعى تعيين المخرج أحمد مدحت بديلا عنه، إلى جانب تعديلات على السيناريو لضبط الرؤية الدرامية، مع الحفاظ على الطابع التاريخي للأحداث.  

“معاوية”.. مسلسل تاريخي يشعل معركة فكرية قبل عرضه:

أصبح مسلسل “معاوية” محور جدل واسع، منذ الإعلان عنه حيث واجه اعتراضات حادة من شخصيات دينية وسياسية بارزة، فقد طالب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بمنع عرضه، معتبرًا أن العمل يطرح رؤية قد تساوي بين الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومعاوية بن أبي سفيان في صراعهم السياسي، وهو ما قد يؤجج حساسيات دينية.  

في المقابل، رأى المفكر السعودي تركي الحمد أن المسلسل يمثل فرصة لتقديم رؤية تاريخية متوازنة، مشددا على ضرورة تجنب الانحياز لأي طرف، سواء من خلال التمجيد المفرط أو التشويه المتعمد، مما عكس هذا الجدل الإشكالية الدائمة التي تواجه الدراما التاريخية العربية، حيث تتحول الأعمال التي تتناول شخصيات إسلامية مؤثرة إلى ساحة للخلاف الفكري والمذهبي، ويضع ذلك صناع مسلسل”معاوية”، أمام تحدي معقد وهو تحقيق توازن بين الدقة التاريخية و الإبداع الدرامي، دون الوقوع في فخ التفسيرات الأيديولوجية أو الإسقاطات السياسية التي قد تثير مزيدا من الانقسام. 

أبطال العمل كوكبه من نجوم الدراما العربية:  

يضم مسلسل “معاوية”، كوكبة من الأسماء اللامعة في الدراما العربية، أبرزهم إياد نصار في دور علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولجين إسماعيل في دور معاوية بن أبي سفيان، إلى جانب نجوم الدراما التلفزيونية العربية أيمن زيدان، سامر المصري، وسهير بن عمارة، ما يضيف للعمل ثقلا فنيا واضحا.  

هل ينجح المسلسل في كسب الرهان؟  

يبقى التحدي الأكبر أمام الكاتب والسيناريست الكبير خالد صلاح والمخرج المبدع أحمد مدحت في صياغة رؤية درامية متماسكة تمزج بين الدقة التاريخية والتشويق الفني دون أن تقع في فخ التوثيق الأكاديمي الجاف أو الانحياز لأي طرف فالنجاح الحقيقي للمسلسل يتوقف على قدرتهم على تقديم معالجة موضوعية ومؤثرة تحافظ على الأصالة التاريخية مع إضفاء بعد درامي يمنح الأحداث روحا نابضة بالحياة ويبقى الحكم النهائي على معاوية مرهونا بعرضه في رمضان 2025 حيث سيتحدد ما إذا كان قادرا على تحقيق توازن دقيق بين الدراما والتاريخ ليصبح أحد أبرز وأهم الإنتاجات الدرامية العربية في السنوات الأخيرة أم أنه سيلتحق بركب الأعمال التاريخية المثيرة للجدل فهل سيتمكن من تجاوز التحديات وصياغة رؤية درامية متكاملة أم سيظل التاريخ الإسلامي ساحة للصراع والاختلاف.