معجزة الإسراء والمعراج

معجزة الإسراء والمعراج 

بقلم الكاتبة: سلوى عبد الستار الشامي

معجزة الإسراء والمعراج.. رحلة مباركة أهداها الله سبحانه وتعالى للنبي محمد صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين وخاتم النبيين وإمام المتقين، ولقد أشار الله عز وجل إلى ذلك ، حيث قال في كتابه الكريم :” سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ” ، فرحلة الإسراء والمعراج تم فيها الارتقاء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم من عالم الأرض إلى عالم السماء وصولا لسدرة المنتهى، ليرى من آيات الله الكبرى وعجائب قدرة الله العظمى، حيث أسرى المولى سبحانه وتعالى بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماوات العلا، ومنها إلى المسجد الأقصى، فالمسجد الحرام مرة أخرى في ليلة واحدة.

إنها القدرة المطلقة لله سبحانه وتعالى؛ فهو القادر والقدير والمقتدر، خالق الأسباب والمسببات؛ حيث قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : ” إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ” _ سورة: يس – آية: 82

رحلة الإسراء والمعراج

جاءت رحلة الإسراء والمعراج منحة من الله سبحانه وتعالى، بعدما لاقى النبى صلى الله عليه وسلم ألواناً من المحن مع قومه لتذهب عن صدره الآلام والأحزان وتربط على قلبه وتثبت فؤاده ، فإذا كان أهل الأرض قد تخلوا عنه فإن السماء تفتح له أبوابها ، وقد كانت رحلة الإسراء والمعراج سببا في إدخال السرور على النبي صلى الله عليه وسلمْ، بعدما فقد زوجه خديجة رضي الله عنهاْ، وعمه أبا طالبْ؛ فمن رأى قدرة الله وعظيم فضله هان عليه كل شئ .

وتعددت الآيات الكبرى في رحلة الإسراء والمعراج ومنها تسخير الله عز وجل ” البراق ” للرسول صلى الله عليه وسلم ، حيث قال النبي : ” أتيت بالبراق ، ” البراق ” هو الدابة التي ركبها النبي صلىى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج ، قال النووي رحمه الله :

” الْبُرَاقُ: اسْمُ الدَّابَّةِ الَّتِي رَكِبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، قَالَ ابن دُرَيْدٍ: اشْتِقَاقُ الْبُرَاقِ مِنَ الْبَرْقِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، يَعْنِي لِسُرْعَتِهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ صَفَائِهِ وَتَلَأْلُئِهِ وَبَرِيقِهِ، وَقِيلَ: لِكَوْنِهِ أَبْيَضَ ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ ذَا لَوْنَيْنِ، يُقَالُ شَاةٌ بَرْقَاءُ، إِذَا كَانَ فِي خِلَالِ صُوفِهَا الْأَبْيَضِ طَاقَاتٌ سُودٌ، قَالَ: وَوُصِفَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ أَبْيَضُ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ نَوْعِ الشَّاةِ الْبَرْقَاءِ، وَهِيَ مَعْدُودَةٌ فِي الْبِيضِ ” .

من “شرح النووي على مسلم” (2/ 210) .

، ولهذه الآية الكبرى هدف مغزي؛ وهو تعليم النبي صلى الله عليه وسلم درس الأخذ بالأسباب، فكان في مقدرة الله سبحانه وتعالى أن يسرى به من غير وسيلة ولا سبب .

ومن الآيات الكبرى كذلك لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء والمرسلين ، حيث تجلت قدرة الله تعالى حين أحيا للنبي صل الله عليه وسلم ، الأنبياء والمرسلين فصلوا خلفه في المسجد الأقصى ، والتقى بمن التقى بهم في السماوات العلا فرحبوا به جميعاً ودعوا له بخير وهذا وفاء منهم لعهدهم وميثاقهم مع الله سبحانه وتعالى ، في قوله تعالى :” وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ”  سورة: آل عمران – آية: 81

وبالوقوف عند الآية الآية الكبرى، وهى الإخبار بحال أهل الجنة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ” لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال : يا محمد أقرىء أمتك مني السلام ، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء ، وأنها قيعان وأن غراسها : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ” (رواه الترمذي) ، حيث تشير هذه الآية الكبرى إلى وصف نعيم الجنة، وكذلك الاقتداء من أجل الفوز بالجنة .

وعلى النقيض، فهناك آية كبرى وهى الاتعاظ من حال أهل النار ، حيث قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم :” مررت ليلة أسري بي على قوم ، تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، قال : قلت : من هؤلاء ؟ قالوا : خطباء من أهل الدنيا ، ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون ” ( رواه أحمد ) .

ومن الآيات الكبرى : رأى صلى الله عليه وسلم البيت المعمور في السماء؛ حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” فإذا أنا بإبراهيم مسنداً ظهره إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، لا يعودون إليه ” ( رواه مسلم ) وقد أقسم الله سبحانه وتعالى به في القرآن الكريم لشرفه وعظمته ، حيث يقول سبحانه وتعالى في القرآن الكريم : ” والبيت المعمور ” سورة: الطور – آية: 4.

ومنها : بلوغه صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى ، فذلك تكريم الله سبحانه وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز :” ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأي من آيات ربه الكبرى ” سورة: النجم .

الإسراء والمعراج تكريم وتشريف

وفضلاً عن كون رحلة الإسراء والمعراج تكريم وتشريف للنبي صل الله عليه وسلم ، تعد امتحان لقوة إيمان المسلمين فمن عرف عظمة الله تعالى ، علم يقيناً أنه قادر على كل شيء ، فهذا أبو بكر الصديق عندما جاءه الخبر قال : ” لئن كان قال ذلك ؛ لقد صدق ” . الألباني السلسلة الصحيحة

أود أن أشير في هذه الذكرى ذكرى الإسراء والمعراج أن نقتدى برسولنا الكريم عملاً وفعلاً وقولاً ، حيث نتعلم من سلوك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولنحي برسالته ونتجمل بأخلاقه ونشعر بالإنسانية الحقيقية ونتبادلها، على صعيد المجتمع الواحد أو تحت القيمة الإسلامية السمحة: “لتعارفوا” ، وفي هذا الموضع نقول سلاماً عليك يا رحمة العالمين ، سلاماً عليك يا من وصفك الله وإنك لعلى خلق عظيم وبالمؤمنين روؤف رحيم ، سلاماً عليك يا من بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة حتى أتاك اليقين ، سلاماً عليك يا من أشعلت قناديل النور والهداية وأطفأت برسالتك ظلام الجهل والضلالة .

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.