مفردات ثقافية صنعت تفرد السلام والتنمية والتعايش المشترك في سلطنة عُمان

            مفردات ثقافية صنعت تفرد السلام والتنمية والتعايش المشترك في سلطنة عُمان

مسقط، خاص:

لم يكن السلام العُماني يوما ما تقليدا لمظهر عالمي، بل سلوك أصيل وثقافة عميقة ومنهج رصين ومسار واعد ورؤية بعيدة امتد ت مع سلطنة عُمان وإنسانها لقرون طويلة، فأصبح السلام لدي المواطن العُماني عقيدة حياة ومبدأ عمل ومسار تواصل ورابطة وطنية، وقواعد أخلاقية في التعايش والعيش المشترك.

وقد شكل تراث عُمان الثقافي والحضاري الممتد لقرون طويلة رصيدا نوعيا عزز من التفرد في الهوية والخصوصية العُمانية التي انعكست على مسار بناء الدولة ووضوح مسلكها السياسي والتنموي في الداخل والخارج، وأسس لقواعد السلام والبناء وفق الرؤية العُمانية.

ومن هنا فقد حمل التراث الثقافي العماني في مفرداته التراثية المادية كالقلاع والحصون والمواقع الأثرية والتراثية وغير المادية بما تضمنته من عادات وتقاليد في ظل ما ارتبط بهذا التراث من آداب وسلوكيات وأذواق ومفاهيم، حمل معه الكثير من المعطيات النوعية التي رسمت للشخصية العمانية مسارها المتناغم مع رصيد عُمان الحضاري، وأنتجت تحولات قيمية وأخلاقية عززت من السلام كمنظور حياة وممارسة رصينة، وشعور فطري، والتزام يؤسس لمساحات التعايش والحوار والتعاون، فأصبح السلام جزءا من هوية الانسان العماني واخلاقه.

وانعكس هذا السلام العُماني في إدارة العلاقات الدولية والتوازنات الإقليمية والتعامل الواعي مع مختلف الشعوب والدول المحبة للسلام والتنمية، وبات نهج حياة وأسلوب ممارسة انعكس على الرؤية العُمانية للعالم وتعاملها مع أحداثه في ظل التزام بمبادئ السلام القائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، واحترام الأديان وحرية ممارسة الشعائر الدينية، وحسن الجوار، واحترام السيادة الوطنية، والتعايش السلمي، وحل الخلافات بالطرق السلمية وتغليب لغة الحوار والتصالح على مصادرة الرأي والتعنت فيه، والممارسة الأصيلة للشورى، وتوجيه العلاقات الدولية لخدمة الإنسان والتنمية، ومساندة دور المنظمات والمؤسسات واللجان الدولية والإقليمية المختلفة الراعية للسلام والتعايش، ومشاركة العالم أحداثه ومناسباته واحتفاءاته ومواقفه الساعية إلى تحقيق السلام العالمي في ظل مبادئ الحق والعدل والمساواة .

لم تأتي هذه المبادئ العُمانية من فراغ، وإنما كان للتراث البحري العُماني الممتد في جذوره التاريخية، أثره في بناء السلام العماني، فكان النشاط التجاري والبحري لعُمان الذي تفاعل مع مراكز الحضارة العالمية المختلفة، وجعل منها واحدة من المراكز الحيوية على طريق الحرير بين الشرق والغرب ومركزا تجاريا وبحريا مزدهرا في المحيط الهندي لتمتد علاقتها إلى مختلف القوى الدولية منذ وقت مبكر، وتفاعلت بقوة مع محيطها الخليجي والعربي والدولي باعتبارها مركزا للتواصل الحضاري مع الشعوب الأخرى، وضع مفردة السلام العماني أولوية في تعاطيها مع كل الأحداث وتعاملها مع المستجدات وقراءتها لمسار التحول الذي تبني عليه فرص نجاحاتها والتي فرضت حضورها على مدى قرون عديدة لتصبح عمان في مصاف الدول القوية والمؤثرة.

كما أن روح التسامح الديني وتجلياته في المشهد الفكري العُماني والتنوع المذهبي والاعتراف بخصوصيات الآخر واحترام عقيدته وفكره، ترجمة لمبادئ الإسلام التي احتضنها أهل عُمان طوعا ورغبة وشوقا للإسلام ورسوله، فامتدحهم وأثنى عليهم، لتمتد فضيلة السلام في العُمانيين وهم يتلقون خطاب النبي الكريم برحابة صدر.

ولم يرى العمانيون في الآخر المختلف معهم تهديدا لهويتهم أو خطرا على بقائهم، بل مساحات ود للبناء على المشترك وتعميق حضور المؤتلف الإنساني وتأكيد مبدا التعددية والتنوع الثقافي الذي يبني مسارات السلام ويؤسس لأرضيات الحوار ويؤطر لمرحلة التعايش بين البشر.

إجمالاً فإن المفردات الثقافية العُمانية بما حملته من تاريخ حضاري بحري وتجاري واقتصادي، صنعت الأطر الأصيلة  للسلام العُماني الذي يقوم علي تأكيد المشترك الإنساني والالتزام الأخلاقي الذي يربط  سلطنة عُمان بشعوب العالم المختلفة وحضاراته الممتدة.

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.