من أمام الكاميرا: ” أبو السينما ” و ” صاحب الآلف وجه ” يغادر الساحة الفنية في صدمة كبيرة للجميع

من أمام الكاميرا: ” أبو السينما ” و ” صاحب الآلف وجه ” يغادر الساحة الفنية في صدمة كبيرة للجميع

 

كتب : محمد مرزوق

في ذاكرة الفن هناك الكثير والكثير من الفنانين والفنانات في مصر أثروا الحياة الفنية وأمتعونا بأعمالهم الراقية التي تخاطب عقول المشاهدين بكل محبة دون أي إسفاف وتقدم رسالة سامية للجميع، والتي لا تزال في الوجدان وتردد أسماءهم بين عشاق فنهم الراقي.

ومن المطالع في ذاكرة الفن يجد أن هناك عمالقة في الفن أحبوا الفن لذاته ولم يخذوه وسيلة لجمع الاموال الطائلة بل كان هم الأوحد هو تقديم فن يترك بصمة مضيئة عبر الأجيال المتعاقبة يتوارثونها فيما بينهم.

ونفتح الملف عن أحد هؤلاء العمالقة في زمن التسيعنيات من القرن والذي ترك ميراثًا حقيقًا من الفن الجميل يتعلم منه راغبي العمل في هذه المهنة ، التي تحولت في زماننا هذا إلى مهنة إسفاف وجمع الأموال، دون تقديم ما يحترم عقل المشاهدين.

فنان من الطراز الأول ومتفرد من نوعه صاحب مدرسة فنية خاصة، له بصمة واضحة وحضور متميز، صوته الأجش الذي يشع دفئًا جعله يلعب دور الأب فكان حقًا نعم الأب الحنون فدخل قلوب الجميع، ولعب أيضًا دور الجد فكان قدوة حقيقية في هذا الدور.

، ولعب أيضًا دور الزوج فكان زوجًا من الطراز الأول، صار وعدسات الكاميرا أصدقاء، كانت طلات وجهه دومًا ترتسم بالسمات حتى في أحلك ظروفه، لم يشعر من حوله بأي ألم منه، الكل حبه سواء كانوا أقاربه أو أصدقاءه المقربين له أو في العملأو جيرانه، وجمهوره ومتابعينه في العالم العربي، كاننت أعماله الفنية المتعددة مدرسة فنية حقيقة خُلدت في ذاكرة الفن المصري والعربيو فنًا يدرس للأجيال سواء من أعمال سينمائية أو مسرحية أو تليفزيونية،.

رصيده الفني

فقد ترك رصيداً لا بأسا به من الأعمال الفنية قدر بنحو مائتي فيلم و240 مسرحية و150 مسلسلاً وتمثيلية إذاعية، لقبه البعض بــ ” أبو السينما “، و ” صاحب الآلف وجه “، يعد من أهم فناني مصر ومن الوجوه المميزة في السينما المصرية التي ارتبط بها الجمهور العربي… إنه الفنان العملاق ” حسين رياض ” .

ولد الفنان ” حسين محمود شفيق” وهذا هو اسمه الأصلي والذي أشتهر فيما بعد في الساحة الفنية بــ ” محمود رياض “، في حي السيدة زينب إحدى أحياء القاهرة الشعبية في 13 يناير عام 1897م من أب مصري وأم سورية، فهو ابن الشتاء القادم من السيدة زينب بخليط يجمع ما بين الوالد ابن المنطقة الشعبية المصرية الأصيلة، والأم السورية التي جاءت من بلاد الشام، وهو شقيق الفنان ” فؤاد شفيق “، وكان له شقيق آخر يدعى ” مصطفى “، فقد كان والده ” محمود شفيق ” ميسور الحال حيث كان يعمل في تجارة الجلود آنذاك، وكان دائم التردد على مسرح سلامة حجازي، ويصطحب معه أبناءه الثلاثة ” حسين ومصطفى وفؤاد ” .

وانتقلت العائلة بعد ذلك لتعيش في منزل كبير بمنطقة الحلمية.

عشق العملاق ” حسين رياض ” وشقيقه ” فؤاد ” منذ طفولتهما الفن، لينضما بعدها لفرقة ” عبد الرحمن رشدي “، وحاول في صباه أن يصبح مغنيًا ، لكن صوته لم يسعفه، بسبب إصابته بمرض في الأحبال الصوتية.

هواياته

وبدأ هوايته الحقيقية في التمثيل أثناء دراسته الثانوية فانضم إلى فريق الهواة بالمدرسة وكان مدربه وقتها الفنان ” إسماعيل وهبي ” شقيق الفنان الكبير الراحل ” يوسف وهبي ” ثم الفنان ” عبد الحميد حمدي “.
مغامراته الفنية
كانت بداية مغامراته الفنية للسطوع في سماء النجومية على خشبة المسرح، حيث صنع هناك نجوميته التي فتحت له الطريق على مصراعيه لدخول الفن السابع بعد ذلك من الباب الملكي، وصار من عملاقة الفن سواء بين أقرناء جيله وحتى يومنا هذا، ومدرسة حقيقة بكل المعاني. فقد بدأ مشواره عام 1916م على مسرح ” جورج أبيض “، فعمل في أول مسرحية في حياته وهي “خلي بالك من إميلي” وكانت بطلة المسرحية ” روز اليوسف “، وظل يعمل لعدة فرق مسرحية عدة ، فعمل مع : ” فرقة الريحاني، ومنيرة المهدية، وعلي الكسار، وعكاشة، ويوسف وهبي، وفاطمة رشدي، وإتحاد الممثلين عام 1934 م “.

وحتى لا تعرفه أسرته ويفتضح أمره بأنه يمثل وحتى لا يفقد مطلقًا هوايته المحببة لقلبه، حيث أن والده ” محمود شفيق ” كان رجلاً عصاميًا يحب الفن لكن يرفض دخول أولاده مجال التمثيل، وأن التشخيص كان معيبًا آنذاك فأضطر إلى أن يغير اسمه من ” حسين محمود شفيق ” إلى ” حسين رياض”، وعمل في التمثيل لسنوات طويلة سرًا دون علم اسرته بذلك. ونتيجة لتغيير اسمه، لا يعرف الكثيرون أنه شقيق الممثل الراحل ” فؤاد شفيق ” الذي اتجه أيضًا للتمثيل بعد ذلك، وصار أحد أهم الفنانين في مصر.

دراسته
دخل الفنان العملاق ” حسين رياض ” الكلية الحربية، حيث كان عدد كبير من أفراد عائلته يعملون في الجيش، وبناء ًعلى رغبة والده ” محمود شفيق ” رغم حبه وعشقه للفن، وكان أصدقاؤه المقربون ” الفنان يوسف وهبي، والفنان حسن فايق ” ، وفي كل إجازة لــ ” رياض ” يحاولون إقناعه بترك حياة العسكرية والتفرغ للفن، فأضطر إلى مغادرتها بعد ذلك ليحترف الفن، عندما شارك أصدقاءه الفنانين تكوين فرقة ” هواة التمثيل المسرحي “،.

وكانوا ينفقون عليها من أموالهم الخاصة، وأجروا صالة وعرضوا عليها مسرحيتهم الأولى ” فقراء قريش ” ، وحضر العرض الفنان المسرحي الكبير ” عزيز عيد ” دافعًا نفسه أن يقدم النصيحة لــ ” حسين رياض ” أن يهب حياته للفن، حيث قال له حرفيًا ” إنت هتعمل إيه يا بني بعد كده، قاله هكمل في الحربية، قاله فيه 1000 ضابط إنت هتكون واحد منهم، لكن لو كملت في التمثيل هيبقى فيه حسين رياض واحد بس” ، وهذا هو ما جعله يقرر ترك الكلية الحربية، ثم يحتضن الفنان المسرحي الكبير ” عزيز عيد ” موهبته الفنية المتميزة.

مسيرته الفنية
أما عن مسيرته في السينما فقد بدأت منذ كانت السينما صامتة، وبالتحديد عام ١٩٣١ في فيلم ” صاحب السعادة كشكش بيه “، حتى صار أحد فرسانها.

الإيجادة الفنية

الإجادة الفنية والإخلاص في العمل التي صاحبت ” رياض ” طوال حياته، كانت مصدرًا للمتاعب الصحية التي تعرض لها، تحكي ابنته “فاطمة ” خلال إحدى اللقاءات التليفزيونية مع الإعلامية لميس الحديدي، أن والدها أصيب ـبالشلل بسبب دوره في فيلم “الأسطى حسن” عام 1952، وذكرت أنه أصيب بالشلل في الجزء الأيمن من جسده في ذراعه وساقه كما كان دوره في الفيلم، عندما كان يقدّم شخصية لرجل أصبح عاجزًا،.

ويجلس على كرسي متحرك، وبسبب تقمّصه الشديد للدور أصبحت حالته تُشبه حالة الشخصية التي يقدّمها، إلا أن زوجته قامت بالتدخل السريع وقتها حتى لا تتفاقم الأزمة الصحية أكثر من ذلك.

كان الفنان العملاق ” حسين رياض ” عاشقًا للثقافة والفن، وكان يعقد في منزله صالونًا ثقافيًا أدبيًا شعريًا بشكل دائم، كان الصالون يشهد حضور كل من : ” الشاعر إبراهيم ناجي وإمام الصفتاوي والموسيقار عبده صالح والفنانة زوزو حمدي الحكيم والفنانة زينب صدقي ” وغيرهم من نجوم الثقافة والفن والأدب.

وأشارت ابنته الوحيدة ” فاطمة حسن رياض ” في أحدى البرامج التي إذيعت بإحدى المحطات الفضائية بأن والدها الفنان العملاق الراحل كان يعيش كل شخصية يقدمها، فعلى سبيل المثال جسد شخصية رجل يعاني من الشلل في فيلم ” الأسطى حسن “،

ومن شدة تأثره بالشخصية أصيب بشلل في قدمه وذراعه، وبعدها عمل جلسات علاج.

وأوضحت أن والدها جسد شخصية رجل فقد نطقه ضمن أحداث فيلم “رد قلبي”، وفي العرض الخاص للفيلم، وتحديدًا في مشهد استعادة “عبدالواحد” للنطق، بكى الرئيس الراحل ” جمال عبد الناصر ” تأثرًا بهذا المشهد، خاصةً أنه نطق بجملة ” تحيا مصر “.

أما عن أعلى أجر حصل عليه والدها، قالت ابنته ” فاطمة ” : ” أعلى أجر كان 1000 جنيه ، فهو لم يكن يشترط أبدًا أجرًا كبيرًا، فكان هناك نجوم صغار يحصلون على أجر أعلى، لكنه كان يهتم أكثر بالقيمة التي يقدمها “.

قدم خلال مشواره المسرحي نحو و240 مسرحية لعمله مع العديد من الفرق المسرحية وتكوينه لفرقة مسرحية سبق ذكرهم أعلاه، ويعد من أشهر مسرحياته : ” عاصفة على بيت عطيل – تاجر البندقية-لويس الحادى عشر –أنطونيو وكليوباترا – مدرسة الفضائح القضاء والقدر – الناصر – العباسة – شهر زاد – العشرة الطيبة – مضحك الخليفة مصرع كليوباترا – الأرملة الطروب – الندم “، وحصل على لقب ممثل من الدرجة الممتازة.

عندما بدأت السينما اتجه إليها الفنان القدير الراحل ” حسين رياض “وأصبح أحد فرسانها، حيث كان رصيده حوالي مائتي فلم سنيمائي،وكان أول أفلامه ” ليلى بنت الصحراء” عام 1937 مع الفنانة بهيجة حافظ وكان أجره وقتها 50 جنيها، وظل يعمل في السينما حتى بلغ عدد أفلامه نحو 320 فيلما. تنوعت أدواره فيها بين الموظف المطحون والباشا الأرستقراطي والعمدة ورجل الأعمال.

أبرز أفلامه السينمائية

ومن أبرز أفلامه السينمائية الشاهدة على روعة وجمال فنه منها على سبيل المثال لا الحصر :

سلامة في خير(1937)
بابا أمين (1950)
رد قلبي (1957)
بين الأطلال
أنا حرة
البنات والصيف
أغلى من عيني
مافيش تفاهم
حياة غانية
بائعة الخبز
ألمظ وعبده الحامولي (1963)
شفيقة القبطية
حياة أو موت (1954)
ظلموني الحبايب (1953)
لحن الوفاء (1955)
شارع الحب (1959)
في بيتنا رجل (1961)
اه من حواء (1962)
رابعة العدوية (1963)
زقاق المدق (1963)
الناصر صلاح الدين (1963)
واإسلاماه
جميلة (1958)
أغلى من حياتي (1965) وكان هذا الفيلم قبل الأخير الذي أنهى تصويره قبل وفاته.
الخائنة (1965)
ليلة الزفاف (1965) وكان هذا الفيلم الأخير له ولم يستطع إكماله.
المماليك مع عمر الشريف
السبع بنات إنتاج سنة 1961 مع نادية لطفي وسعاد حسني وأحمد رمزي
في بيتنا رجل
سلامه في خير
المماليك
رد قلبى
بين الاطلال
سلوا قلبي

أما في العمل الإذاعى والتليفزيوني فكان رصيده 150 مسلسلاً وتمثيلية إذاعية و50 مسلسلاً وتمثيلية تليفزيونية، وتنوعت أدواره فيها فقام بأداء دور الأب الطيب المتسامح – العمدة – رئيس العصابة وغيرها من الأدوار التي لعبها باقتدار.

كرمه الرئيس المصري الراحل ” جمال عبد الناصر ” بوسام الفنون عام 1962. وقد حصل في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي السادس عشر على درع الريادة تكريما له في ذكرى ميلاده المئة، تسلمته ابنته ” فاطمة حسين رياض ” .

رحيله
رحل الفنان القدير ” حسين رياض ” في 17 يوليو عام 1965 م عن عمر يناهز الــ 68 عامًا، قبل أن يكمل فيلمه الآخير ليلة الزفاف، أثناء تأديته دور الدكتور رأفت في فيلمه الأخير ” ليلة زفاف ” مع سعاد حسني وأحمد مظهر وعقيلة راتب، وكان يؤدي دوره أمام الكاميرا، سقط متوفيًا بأزمة قلبية، ولم يستكمل باقي مشاهده، ما أضطر المخرج هنري بركات لحذفها والإشارة إليها، ليصبح الحاضر الغائب، تاركًا وراءه زوجته الشابة وأبنته فاطمة في بداية العشرينيات من عمرها،

حيث تزوج في سن كبيرة ووهب نفسه للفن، وكان المسرح عشقه الأكبر، وكانت أسرته تراه لساعات قليلة مليئة بالعطف والأبوة والحنان.

من أمام الكاميرا: " أبو السينما " و " صاحب الآلف وجه " يغادر الساحة الفنية في صدمة كبيرة للجميع inbound8452987070572118866 inbound8277727944136530175 inbound2014547810745595827 inbound1068029019441395016

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.