من مهرجان كان إلى مالمو «رفعت عيني للسما» يوثّق الحلم ويقتنص الجوائز
من مهرجان كان إلى مالمو «رفعت عيني للسما» يوثّق الحلم ويقتنص الجوائز
من مهرجان كان إلى مالمو «رفعت عيني للسما» يوثّق الحلم ويقتنص الجوائز
يواصل الفيلم الوثائقي المصري “رفعت عيني للسما” رحلته من قرية البرشا بالمنيا الي نجاحاته الدولية
كتبت ماريان مكاريوس
حيث تُوّج مؤخرًا بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية في دورته الخامسة عشرة بالسويد، وذلك بعد فترة وجيزة من مشاركته اللافتة في مهرجان كان السينمائي الدولي، حيث حصد جائزة “العين الذهبية” كأفضل فيلم وثائقي، ليصبح أول فيلم مصري ينال هذا التقدير المرموق.
الفيلم من إخراج ندى رياض وأيمن الأمير، ويُعد أول فيلم تسجيلي مصري يشارك في مسابقة أسبوع النقاد بمهرجان كان منذ تأسيسها، وهو أيضًا العمل التسجيلي الوحيد ضمن سبعة أفلام فقط تنافست على الجائزة الكبرى لأفضل فيلم، وجائزة لجنة التحكيم، وجائزة أفضل ممثل أو ممثلة، وجائزة أفضل سيناريو، وجائزة التوزيع، وجائزة العين الذهبية، التي نالها عن استحقاق.
يحكي “رفعت عيني للسما” قصة ملهمة لمجموعة من الفتيات الشابات من محافظة المنيا في صعيد مصر، قررن تأسيس فرقة مسرحية نسائية أطلقن عليها اسم مسرح بانوراما برشا، وهو مشروع فني يدمج بين التمثيل والغناء والفلكلور الشعبي، ويقدمن من خلاله عروضًا مسرحية في الشوارع والساحات العامة، متحديات الصورة النمطية للمرأة الصعيدية، ومكافحات من أجل تحقيق ذواتهن الفنية في مجتمع محافظ.
الفيلم يتتبع عن كثب شخصيات حقيقية مثل هايدي، التي تحلم بأن تصبح راقصة باليه، ومونيكا، التي تسعى لأن تصبح مغنية مشهورة، بينما تنتقل إحداهن إلى القاهرة لدراسة المسرح والعمل كممثلة محترفة. هؤلاء الفتيات، ومن خلال الفن، لا يحاربن فقط التقاليد التي تقيد أحلامهن، بل يكشفن أيضًا عن العمق الإنساني في تجاربهن الشخصية، وعلاقتهن بأسرهن وبيئتهن ومجتمعهن.
يضم الفيلم في بطولته فتيات الفريق وهن: ماجدة مسعود، هايدي سامح، مونيكا يوسف، مارينا سمير، مريم نصار، ليديا هارون، ويوستينا سمير – مؤسسة الفريق وصاحبة فكرة المشروع. وقد اعتمد المخرجان ندى رياض وأيمن الأمير على أسلوب وثائقي بسيط ومباشر، مع تصوير حميمي يُظهر التفاصيل الدقيقة لحياة البطلات، دون تصنع أو تزويق، مما منحه مصداقية عالية وجاذبية كبيرة لدى النقاد والجمهور.
الفيلم لا يستعرض فقط عروض الفتيات، بل يتعمق في ما وراء الكواليس، موثقًا تدريباتهن، خلافاتهن، مخاوفهن، ولحظات الفرح والانكسار، ما جعله أقرب إلى رحلة ذاتية جماعية نحو التحرر والتمكين. هذا التناول الصادق أكسب الفيلم إشادات نقدية واسعة، حيث وصفه نقاد أوروبيون بأنه “فيلم نسوي بامتياز”، و”وثيقة إنسانية نادرة عن الشغف والمقاومة والهوية”.
وقد سبق لندى رياض وأيمن الأمير أن قدّما فيلمهما الروائي القصير “فخ” في مهرجان كان عام 2019، وحصل على تنويه خاص من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مما يعكس مسيرتهما الفنية المتصاعدة ورؤيتهما المتميزة في تناول القضايا الاجتماعية من زوايا إنسانية وفنية مؤثرة.
إن تتويج “رفعت عيني للسما” بجائزة مهرجان مالمو يعكس أيضًا توجه السينما الوثائقية العربية إلى احتلال مكانة مرموقة على الساحة الدولية، من خلال تسليط الضوء على قضايا واقعية
بهذا الفوز المزدوج، في كان ومالمو، يكرّس الفيلم مكانته كأحد أبرز الأعمال الوثائقية العربية في السنوات الأخيرة، ويمنح صعيد مصر صوتًا جديدًا عبر شاشة السينما، يحكي عن نساء يرفعن أعينهن للسما… ويواصلن الحلم.