سميحة أيوب أفضل ممثلة عن فيلم “سيدة المسرح العربي” في مهرجان العودة

السينما من قلب العاصفة: مهرجان العودة السينمائي الدولي في دورته التاسعة نموذجًا للمقاومة الثقافية

بين أصداء القنابل وصرخات الأطفال وتحت سماء مثقلة برائحة الدم والبارود، تجرأت غزة، على رفع ستار السينما، في افتتاح الدورة التاسعة لمهرجان العودة السينمائي الدولي، بمركز الابداع بدار الأوبرا المصرية في القاهره عاصمه جمهوريه مصر العربيه الذي لا يرفع فقط راية الفن، ليوقظ في الذاكرة حقا لم ولن ينسى.

كتبت: ريهام طارق 

اقيم حفل الافتتاح بمركز الابداع بدار الأوبرا المصرية، والتي نظمها “ملتقى الفيلم الفلسطيني” بالشراكة مع “قناة طلائع فلسطين” وحملة التضامن مع الشعب الفلسطيني في شفيلد، وتحت رعاية وزارة الثقافة الفلسطينية، وقامت بتقديمه الإعلامية المصرية رشا سليمان.

أكثر ما تميزت به هذه الدوره ، هو التوقيت حيث كان افتتاحها ليس حدثًا فنيًا عاديًا، بل بيانًا سينمائيًا مفعمًا بالتحدي، فأن تُقام فعاليات مهرجان دولي وسط حرب إبادة، لهو بمثابة إعلان ثقافي مدوٍّ أن الفلسطيني، رغم الجراح، لا يزال يُبدع، يَروي، ويُقاوم.

اقرأ أيضاً: أنجلينا جولي تشعل مهرجان “كان” بعودة أسطورية وحضور ساحر

غزة تقول للعالم إن الذاكرة أقوى من النسيان، وإن الكاميرا لا تموت تحت الردم

ما قام به القائمون على المهرجان، لا سيما المخرج سعود مهنا، مؤسس المهرجان، رغم حرق منزله ونزوحه، واصل حمل شعلة الفن، هو ترجمة عملية لفكرة “المقاومة الثقافية” فبينما تستهدف آلة الحرب البنية التحتية والإنسان، تخرج غزة لتقول للعالم إن الذاكرة أقوى من النسيان، وإن الكاميرا لا تموت تحت الردم.

جائت تصريحات مهنا وخطاب مدير المهرجان، الأكاديمي يوسف خطاب، عكست وعيًا بنيويًا بوظيفة السينما الفلسطينية: إنها ليست فقط وسيلة لرواية القصة، بل أداة سياسية و معرفية تعيد تشكيل الوعي العالمي تجاه النكبة والقضية و اللاجئ الفلسطيني، استقبال 333 فيلما من 43 دولة، هو أيضًا مؤشر على عالمية القضية الفلسطينية، ومكانتها في الضمير السينمائي العالمي.

أفرزت نتائج الجوائز توزيع يعكس التنوع الجغرافي والتكامل الدلالي، حيث نُحتت الجوائز حول محاور: “الحرية، العودة، الإنسانية، المرأة، السلام، الطفولة، والإبداع التقني”.

واللافت أن دولة فلسطين حصدت أربع جوائز، ما يعكس الحيوية الداخلية للمشهد السينمائي الفلسطيني رغم التحديات البنيوية من حصار وتمويل وواقع استثنائي.

فيلم “متى نلتقي” للمخرج راسم دويكات، الفائز بجائزة أفضل فيلم عن العودة، لم يكن مجرد شريط روائي، بل مرآة لجراح الذاكرة الجمعية. 

أما فيلم “ذاكرة مهشّمة” لحياة لبّان و”عرس” لأمل مرشد، فقدّما الوثيقة الفنية بوصفها شاهدًا إنسانيًا على لحظة فلسطينية مأزومة، بينما انفتح المهرجان على أعمال عربية مهمة، مثل “ترانزيت” للعراقي باقر الربيعي، و”آمنة” للتونسي بوسلامة الشماخ، وهو ما يؤكد مركزية فلسطين في الضمير الإبداعي العربي.

تكريم سميحة أيوب تحية من مهرجان العودة لرموز عربية ظلت وفية للهوية وللقضية

من المهم التوقف عند تتويج الفنانة القديرة سميحة أيوب، بجائزة أفضل ممثلة، عن فيلم “سيدة المسرح العربي”، وهو اختيار ينطوي على أبعاد رمزية: فتكريمها، ليس فقط لتميزها الفني، بل كتحية لرموز عربية ظلت وفية للهوية وللقضية.

كما تم تكريم كل من الفنانة فردوس عبد الحميد، الفنان أحمد ماهر الصحفي محمد العجلة المستشار الإعلامي للمهرجان، الأستاذة سونيا عباس، منسقة المهرجان في مصر)، الأستاذة أمال الأغا رئيس اتحاد المرأة الفلسطينية، الأستاذ ناجي الناجي، المستشار الإعلامي لسفارة فلسطين في مصر، الصحفية مروة السوري، عضو اللجنة الإعلامية للمهرجان، الناقد كمال القاضي، والفنان محمود عبد السميع رئيس جمعية الفيلم.

مهرجان العودة منصة جمالية وسياسية لتأويل “النكبة” سينمائيًا:

يتضح من متابعة الأفلام الفائزة والتصريحات الرسمية أن مهرجان العودة لم يعد فقط مساحة لعرض الأفلام، بل منصة جمالية وسياسية لتأويل “النكبة” سينمائيًا، فالسينما الفلسطينية، وفقًا لهذا السياق تجاوزت الطابع التوثيقي التقليدي، نحو سردية تستند إلى إعادة تفكيك مفاهيم المكان، والانتماء، والذاكرة الجمعية، والصدمة، ضمن بنيات درامية متعددة المستويات.

فيلم مثل “اللجوء إلى النوم“، الفائز بجائزة مناصفة، هو مثال على كيف يمكن للسينما أن تستدعي المنفى الداخلي كنسق سيميولوجي، في حين أن فيلم “SHADOW” الذي نال جائزة أفضل سيناريو، يثبت أن الكتابة السينمائية الفلسطينية باتت تتقن لعبة التوتر الداخلي والرمز السياسي في آن.

اقرأ أيضاً: ابني المراهق يصرخ في وجهي ويعاملني بعنف: من المذنب هو أم أنا؟

الطفلة شذى الجملي تحصل على جائزة أفضل ممثلة عن فيلم “قبل سقوط الثلج”:

من بين الجوائز ذات الدلالة، تبرز جائزة أفضل تمثيل لطفلة، والتي ذهبت لشذى الجملي عن فيلم “قبل سقوط الثلج”، هنا تبرز الطفولة الفلسطينية ليس فقط كضحية، بل كفاعل درامي قادر على نقل الوجع الطفولي إلى شاشة السينما العالمية بلغة العيون والسكون. الطفولة، هنا، ليست بريئة من السياسة، بل تُستدرج إليها قسرًا، وتتحول إلى تجلٍ للفقد والحنين و البراءة المذبوحة.

تنويه خاص للمخرج المصري أشرف فايق عن فيلمه “سيدة المسرح العربي”

التنويهات الخاصة:

تنويه خاص للمخرج المصري أشرف فايق عن فيلمه “سيدة المسرح العربي” (جمهورية مصر العربية)، لما أبداه من تميز من إبداع إخراجي لافت، ووفاء صادق لقامات الفن العربي العريقة.

تنويه لفيلم “من سيلقي التراب يا أبي” للمخرجين الأخوين ملص (فرنسا)، إشادة بما يحمله من بعد وجداني ورؤية إخراجية فريدة.

تنويه لفيلم “خطوات مقيدة” للمخرج الفلسطيني حسين عودة (فلسطين)، تقديراً لمضمونه الإنساني وأسلوبه السينمائي المؤثر.

 الكاميرا قد لا تملك قوة الرصاص لكنها تملك قدرة تفوقه أحيانا:

لقد أثبت مهرجان العودة أن الكاميرا قد لا تملك قوة الرصاص، لكنها تملك قدرة تفوقه أحيانا، قدرة على تخليد الجرح، و توريث الحلم، وتثبيت الرواية في وجه التزييف.

 

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.