مهرجان القاهرة التجريبى.. ورش مسرحية تكشف طاقات الشباب وتعيد رسم حدود الإبداع
مهرجان القاهرة التجريبى.. ورش مسرحية تكشف طاقات الشباب وتعيد رسم حدود الإبداع
تقرير_أمجد زاهر
في إطار الدورة الثانية والثلاثين من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، تحوّلت قاعات التدريب في القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية إلى فضاءات مفتوحة للإبداع والتجريب، حيث احتضنت مجموعة من الورش المسرحية المتنوعة التي قدّمها فنانون ومدربون من مدارس مسرحية مختلفة حول العالم. هذه الورش لم تكن مجرد محاضرات نظرية، بل مختبرات حيّة جمعت بين الفكر والممارسة، وأبرزت شغف الشباب بالفن المسرحي، وقدرتهم على خوض مغامرات فنية جديدة.
الأداء التوافقي.. تجربة عابرة للغات
المخرج الأرمني آرثر مكاريان قدّم ورشة بعنوان الأداء التوافقي، في أول مشاركة له بالمهرجان، مؤكدًا أن التجربة شكلت محطة فارقة بالنسبة له وللمتدرّبين.
اعتمد مكاريان على تقنيات مستوحاة من كتاب وجهات نظر لآن بوغارت وتينا لاندو، حيث عمل مع المتدربين على عناصر مثل الزمن، المساحة، الحركة، العاطفة، والقصة.
ورغم ارتباك البعض في البداية، إلا أن التزامهم وتطورهم لفت نظره، معتبراً أن حماسهم وتفاعلهم كانا وقود نجاح الورشة. كما أشار إلى أن حاجز اللغة لم يشكّل عائقاً، فالجسد أصبح لغة مشتركة بين الجميع، في تجربة وصفها بأنها “عابرة للغات والثقافات”.
الإلقاء علم وفن.. إلى شباب الأقاليم
وفي مدينة الإسماعيلية، قاد الفنان خالد عبد السلام ورشة بعنوان الإلقاء علم وفن. وقد شكّلت الورشة نقلة مهمة، كونها أول ورشة متخصصة في الإلقاء ضمن المهرجان.
عبد السلام عبّر عن سعادته بإقامة الورشة خارج العاصمة، معتبرًا أن الوصول إلى الأقاليم خطوة جادة لنشر الثقافة المسرحية، خاصة للشباب الذين يصعب عليهم المشاركة في ورش القاهرة. وأوضح أن الإلقاء ليس مجرد مهارة، بل علم وفن يجب أن يتقنه الممثل كأداة أساسية للتأثير على المتلقي.
فن المكياج والتنكر.. الإسكندرية مسرح مفتوح
أما خبير المكياج المسرحي إسلام عباس، فقدّم في الإسكندرية ورشة فن المكياج والتنكر، مستلهمةً من التراث السكندري. فقد حوّل رموز المدينة إلى تصورات درامية على وجوه وأجساد المشاركين: فالإسكندر الأكبر بدا رمزًا للهيبة، وريّا وسكينة عُرضتا بلوني الأبيض والأسود تعبيرًا عن الغموض والعنف، فيما جاء سيد درويش لوحة ملونة نابضة بالحياة.
وأكد عباس أن فن المكياج لا ينفصل عن باقي عناصر العرض المسرحي من إضاءة وأزياء وموسيقى، بل يتكامل معها لصناعة صورة بصرية متكاملة.
النقد والمسرح المعاصر.. قراءة في الحاضر والمستقبل
أما الناقد اليوناني سافاس باتساليدس، فقدّم ورشة بعنوان النقد والمسرح المعاصر، تطرق فيها إلى قضايا بالغة الأهمية مثل تأثير الحركات النسوية، والهجرة، والتفنيات الرقمية الحديثة على المسرح.
وأكد أن المسرح يمر بمرحلة اختبار مع التقنيات الحديثة، لكنه قادر على التكيّف معها وتطويعها لخدمته دون أن يفقد جوهره الإنساني.
منصة للتجريب وتلاقي الثقافات
تكشف هذه الورش مجتمعةً عن الدور الحيوي الذي يلعبه مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، ليس فقط في تقديم عروض من مدارس مسرحية متعددة، بل أيضًا في خلق منصات تدريبية تعزز التبادل الثقافي، وتفتح أمام المشاركين أبوابًا جديدة لاكتشاف أدواتهم الفنية.