موعد آخر لكن مؤكد!! .. قصة قصيرة… بقلم مصطفي حسن محمد سليم

موعد آخر لكن مؤكد
قصة قصيرة… بقلم مصطفي حسن محمد سليم
شعر محسن بصداع شديد، عندما بدأ يستعيد وعيه، وهو يصل إلي مسامعه صوت بكاء ونحيب يأتي من بعيد، وبدأ يفتح عينيه ببطء شديد، وبقعة الضوء التي تغمر المكان من حوله تتلاشي سريعا، وقد بدأ يشعر بالأختناق الشديد من أثر التراب الذي ينهال علي وجهه، ويغمر المكان من حوله، ثم بدا يستجمع قواه الخائرة وهو يحاول النهوض من مكانه بصعوبة شديدة، محاولا تبين المكان من حوله، وقد بدأ المكان يغرق في ظلام شديد يحيط به من كل جانب، وبدأ يشعر ببرودة شديدة تسري في جسده النحيل، وهو يحاول الاحتماء بأي شيء يقيه تلك البرودة، فوجد جسده عاريا إلا من غطاء خفيف من القماش يحيط به لايكفي لتدفئته ، وهو يكتشف المكان من حوله بيديه، فوقعت يديه علي مجموعة عظام متناثرة حوله في كل مكان، ثم بدأ يستوعب الموقف وهو يسترجع في ذاكرته أخر ماحدث له، ثم توقفت ذاكرته عندما سقط في غيبوبة طويلة، فظنوا أنه قد مات، أذن لقد قاموا بدفنه سريعا دون تبين حقيقة الأمر، وسرت قشعريرة رهيبة في جسده عندما مر هذا الخاطر السريع علي عقله، ياإلهي أنها كارثة بكل المقاييس، كيف حدث ذلك؟ من الذي فعل به ذلك؟! حاول أن يستعيد بعض هدوئه المعتاد، ولكنه فشل في ذلك، وهو يحاول التحرك في أرجاء المكان ببطء شديد، كان حريص علي الايلمس بيديه العظام المتناثرة في ارجاء المكان حتي لايصيب جسده جروح ، ولكن لافائدة من ذلك في هذا الظلام الشديد، وقد بدا جسده ينزف بعض الدماء، من الجروح التي اصابت جسده الضعيف من أثر دخول هذه العظام المتناثرة من حوله في جسده، ثم اخيرا استطاع الوصول إلي درجات السلم المؤدي للخروج من باب ذلك القبر، حاول الصعود علي درجات السلم ليتنسم أي نسمة هواء تتسلل من ذلك الجدار الذي يغلق باب القبر، شعر بالخدر يسري في جسده، والجوع الشديد، حاول الصراخ لكن صوته مكتوم، لايستطيع أن يغادر حنجرته من هول المفآجاة، حاول الطرق علي باب القبر ولكن لافائدة، أن قواه خائرة من أثر الصدمة، بدأ يتمتم بالدعاء وهو يدعو الله ليخرجه من هذه المحنة التي لامفر من الهروب منها، أخذ يسترجع أخر مشهد له في ذاكرته قد فعله من قبل أن يسقط في هذه الغيبوبة اللعينة، لقد كان أخر شيء فعله هو اتصاله مع أخته الصغيرة، وهو يطلب منها الحضور إلي منزله لشعوره بالضعف الشديد، وأنه ربما يسقط في غيبوبة سكر ، ثم لم يتذكر شيء بعد ذلك، ولكن كيف لم يكتشف أحد أنه لم يمت؟! كيف فعلوا به ذلك؟ وبدأت بعض القوة تسري بداخل جسده مرة أخري، عندما تملكته غريزة حب البقاء، وهو يمسك بيديه قالب من الطوب من الذي كانوا يستعينون به لغلق باب القبر، اخذ يطرق به علي الباب بعنف في طرقات متتالية، ولكن من الواضح أنه لايوجد احد بالخارج، الكل ادي مهمته ورحل، ظل يصرخ وهو يطرق علي الجدار، ولكن لامجيب له، ثم بدأت قواه تخور مرة أخري، لم يستطيع أن يعرف كم مر عليه من الوقت في هذا المكان، أن الدقيقة التي تمر عليه في هذا المكان تساوي عمره كله، مر بخاطره كل مافعله في حياته من خطايا مثل شريط سينمائي سريع، وهو يتجه إلي الله بالدعاء طلبا للمغفرة، اذا كان حتما لامفر من الموت فليموت وهو معترف بكل خطاياه، وهو يطلب من الله المغفرة علي ماأقترفه من ذنوب من قبل، بدأ الضعف يسيطر علي جسده الضعيف، وانفاسه بدأت تتلاحق في تتابع وسرعة شديدة، وهو يشعر بالأختناق الشديد من قلة الهواء في ذلك المكان، وشعر أنه يسقط في غيبوبة جديدة، وأن روحه تغادر جسده هذه المرة، ثم ارتسمت علي شفتيه شبح ابتسامة أمل زائفة، عندما أنتهي إلي مسامعه صوت لمجموعة من الأصوات، وهم يحاولون فتح المكان من الخارج، وبدأ التراب ينهال بكثافة علي وجهه، وضوء كشاف يسطع في المكان، حاول أن يصدر منه أي إشارة أو حركة، ولكنه لم يستطيع، وأنفاسه بدأت تختفي، وشبح الموت قد بدأ يحوم فوق رأسه، وهو يسقط في غيبوبة الموت، في حين أندفع ثلاثة من الرجال داخل القبر، وقد انتابهم الفزع عندما وجدو الجثة امامهم، في حين اقترب منه احدهم وهو يضع يديه علي عنقه، وهو ينظر إلي الرجلين الآخرين قائلا لهم يبدو أنه قد مات، من الواضح أنه استعاد وعيه لعدة دقائق، ثم عاد للموت مرة أخري، فتقدم نحوه الرجل الذي يمسك الكشاف قائلا له في توتر ،هل سنظل نمكث هنا في هذا المكان طوال الليل، ليساعدني احدكم في حمل هذه الجثة بسرعة، قبل أن ينتبه الينا أحد ما، فقال له الرجل في هدوء حسنا، ولكن علي اتفاقنا السابق لسعر الجثة لن يتغير شيئا من اتفاقنا، ولن اقبل بأي سعر أقل منكم لهذه الجثة، فقال له الرجل الآخر حسنا لن نختلف علي ذلك، كما اتفقنا معك من قبل ولن يتغير شيء ، هذه ليست أول مرة نتعامل معك فيها، هيا ساعدني ويكفي ماضاع من الوقت، وحمل الاثنين الجثة وهم يغادران المكان في سرعة، تاركين خلفهم عالم الموت، يغرق في صمته مرة أخري.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.