ميمي جمال… امرأة أحبّت الفن و صاغت مجدها بالتجربة والصبر
ميمي جمال… امرأة أحبّت الفن و صاغت مجدها بالتجربة والصبر
تقرير_أمجد زاهر
في لحظة امتزج فيها الحنين بالاعتراف، والامتنان بالإصرار، أطلّت الفنانة الكبيرة “ميمي جمال” خلال ندوة تكريمها في الدورة الثامنة عشرة من المهرجان القومي للمسرح المصري، لتبوح أمام جمهورها وأهل مهنتها بسيرة فنية امتدت لعقود، نُسجت بخيوط الشغف والمثابرة والتجربة الصادقة.
منذ اللحظة الأولى لكلمتها، بدت ميمي جمال ممتنة وسعيدة، لا فقط بالتكريم، بل لأنها ترى هذا التكريم حصادًا لرحلة بدأت في عمر مبكر، ولم تخلُ من العقبات، ولكنها كانت دائمًا غنية بالدروس. قالت بصوت دافئ ونبرة صادقة:
“كل ما مررت به، سواء كان نجاحًا أو فشلًا، شكّلني، وأضاف لرصيدي… فمن يريد أن يعمل ويتعلم عليه أن يُخطئ أيضًا”.

من الطفولة إلى النجومية: مسيرة امرأة صاغت مجدها بيديها
تعود بدايات الفنانة ميمي جمال إلى مرحلة الطفولة، حيث شاركت في ثلاثة أفلام وهي طفلة صغيرة، لكن الحياة فرضت عليها التوقف لفترة لاستكمال دراستها، قبل أن تقرر العودة إلى الساحة الفنية بإصرار وشجاعة.
هذه العودة كانت بمثابة “ولادة فنية جديدة”، كما وصفتها، عندما ذهبت بنفسها إلى المخرج “عز الدين ذو الفقار” وطلبت منه فرصة ثانية:
“أنا اشتغلت مع حضرتك وأنا طفلة… ونفسي أشتغل معاك تاني.”
لم تلتحق ميمي جمال بمعهد الفنون المسرحية، لكنها عوّضت ذلك بالتجربة الحية، عندما التحقت بالمسرح الحر، الذي كان آنذاك يضم نخبة من أساتذة التمثيل الكبار.
“قلت لنفسي: لو دخلت المسرح ده، هتعلم منهم، وهقف على خشبة المسرح قدام جمهور حقيقي”.
وفعلًا، بدأت مسيرتها تتبلور، وتكتسب قوتها من الاحتكاك العملي والنقد الصادق والتجربة المباشرة.

محطات مؤثرة… وذكريات مع عمالقة الفن
تحمل ذاكرة ميمي جمال كنوزًا من المواقف التي صاغت شخصيتها الفنية، أبرزها عملها مع رواد المسرح المصري، مثل “نور الدمرداش، عبد المنعم مدبولي، فؤاد المهندس، محمد عوض، وسيد بدير”، الذي كان له دور حاسم في انضمامها إلى فرق التلفزيون المسرحية.
كما كانت واحدة من الممثلات القلائل اللاتي حافظن على خط تصاعدي في الأداء، إذ لم تكن تسعى وراء البطولة المطلقة، بل وراء الدور المؤثر.
في واحدة من أجمل محطات حياتها، وقفت إلى جوار الراحل سمير غانم في المسرحية الشهيرة “دو ري مي فاصوليا”، وهي التجربة التي ختمت بها مراحلها المسرحية الكبرى، بكامل نضجها وتألقها.
“بنيت مشواري بنفسي… واليوم أقول: استحق التكريم”
ختمت ميمي جمال كلمتها بجملة مؤثرة أثارت تصفيق القاعة ودموع بعض الحضور:
“اليوم، حين أقول إنني أستحق هذا التكريم، فذلك لأنني بنيت هذه المسيرة بيدي، وثقت في نفسي، وقدّمت أعمالًا تستحق أن يربّت أحدهم على كتفي ويقول: شكرًا.”
إنها ليست مجرد تكريم لرحلة فنية، بل “احتفاء بإرادة امرأة أحبّت الفن، واحترفت الإصرار، فخلّدت اسمها في الذاكرة المسرحية المصرية كرمزٍ للعطاء والتفاني.